الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

دروس مستفادة من الإفراج عن مخزون النفط الاستراتيجي خلال 2011

3 سبتمبر 2012
لندن (رويترز) - في الوقت الذي يجتمع فيه مسؤولون من الولايات المتحدة والدول الأخرى المستهلكة للنفط لبحث السحب مجدداً من الاحتياطي الاستراتيجي، تجدر مراجعة الدروس المستفادة من السحب الذي تم العام الماضي وكيف يمكن تحسين هذه العملية لتعزيز التأثير المرجو على أسعار النفط وتوافر الإمدادات. والدرس الأول هو أن التصورات السائدة هي التي تشكل رد فعل السوق وليس عدد البراميل التي سيتم سحبها من المخزونات فعلياً. فوضوح الرسالة وكفاءة التنفيذ أمران مهمان. فخلال 2011، فشلت وكالة الطاقة الدولية وأعضاؤها في التحكم في الطريقة التي تم بها تفسير السحب من المخزونات في الإعلام ولدى المشاركين في سوق النفط. ولم تحقق الخطوة أثرها المنشود لعدم وضوح الأهداف وعدم تحديد المخزونات التي سيفرج عنها ومصدرها ولا الأسعار والخصومات المطبقة وما إذا كان سيجري تعويض النقص في المخزونات ومتى، فضلاً عن التخبط بشأن تفاصيل مهمة مثل تطبيق قانون “جونز” في الولايات المتحدة. وأخفقت وكالة الطاقة الدولية والمؤسسات المسؤولة عن المخزونات في تقدير سرعة الدورة الإعلامية وشغف السوق لمعرفة التفاصيل إلى جانب الموقف العدائي الغريزي لكثيرين في القطاع. ونتيجة لذلك لم تعلن التفاصيل الكاملة لعملية السحب من المخزونات لأيام بل لأسابيع بعد الإعلان عن الخطوة لأول مرة ما خلق فراغا أعطى المحللين والمتعاملين حرية التكهن. وإذا قرر البيت الأبيض وباقي صناع السياسة السحب مجدداً من المخزونات، فإن عليهم الاتفاق على جميع التفاصيل أولاً والسماح بنشرها على الفور حتى يتسنى لوكالة الطاقة الدولية تعزيز سيطرتها على ما يقال لوسائل الإعلام. في 23 يونيو 2011، أعلنت وكالة الطاقة الدولية أن أعضاءها الثمانية والعشرين اتفقوا على الإفراج عن 60 مليون برميل من النفط من مخزونات الطوارئ لتعويض تعثر الإمدادات الليبية. وكان للإفراج عن المخزونات تأثير فوري على الأسعار والهوامش. وتراجع سعر برنت في السوق الفورية سبعة دولارات يوم الإعلان. لكن انخفاض الأسعار الفورية كان أمراً مؤقتاً. وخلال بضعة أسابيع عاد لمستويات ما قبل الإفراج عن المخزونات. وبالرغم من ذلك أبلغ ريتشارد جونز، نائب المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، مجلس الشيوخ الأميركي خلال يناير 2012، أن الوكالة تشعر بأن الخطوة مبررة. وقال جونز أمام لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس الشيوخ في 31 يناير “الإفراج عن المخزونات، خاصة من الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأميركي وفر سيولة قصيرة المدى من الخام الخفيف منخفض الكبريت وسمح بإعادة توجيه شحنات الصادرات التي كانت ستتجه إلى أميركا الشمالية إلى شركات التكرير الأوروبية التي كانت الأشد تأثراً بفقدان الإمدادات الليبية”. وكان الثلاثون مليون برميل التي أفرجت عنها الولايات المتحدة والثلاثون مليوناً الأخرى التي ضختها دول أخرى تعادل 46 يوماً من الصادرات الليبية أو 67 يوماً من إنتاج خامات برنت وفورتيس وأوسبرج وايكوفسك وهي خامات التسليم لعقود برنت. لكنها شكلت أقل من يوم واحد من الاستهلاك العالمي للنفط (نحو 90 مليون برميل). ولذا فكون الستين مليون برميل كافية لتغيير ميزان العرض والطلب من عدمه أمر يتوقف على المنظور والتفسير. فقد كان تلك كمية كبيرة من حيث الفجوة المتوقعة بالسوق في أواخر الصيف وأوائل الخريف من الخام الخفيف منخفض الكبريت. لكن من زاوية سوق النفط العالمية فلم تكن تلك سوى نقطة في بحر. في الوقت نفسه، فلا يمكن للسحب من المخزونات أن يكون كافياً أبداً، حيث يشعر كثير من المشاركين في السوق بعداء غريزي تجاه التدخل الحكومي ويعتقدون أنه خطأ من حيث المبدأ ومصيره الفشل. ووسط هذا التشكك الكبير بشأن مدى فعالية السحب من المخزونات فقد كان من الضروري أن توضح وكالة الطاقة الدولية وأعضاؤها الطريقة التي سيمضي بها الأمر. وباء الإفراج بالفشل من هذه الزاوية فقد شابه كثير من التخبط. بداية لم يكن هناك اتفاق بشان ما إذا كانت الوكالة تسعى لكبح الأسعار أم لتخفيف حدة نقص مؤقت في السوق الحاضرة. نتيجة لذلك لم يكن من الواضح ما إذا كان ينبغي قياس النجاح من حيث تأثير الخطوة على الأسعار الفورية أم العلاوات السعرية. وأخيراً كانت هناك فوضى بالولايات المتحدة بشأن ما إذا كان المتقدم لشراء النفط من المخزون الاستراتيجي سيحصل على استثناء من قانون “جونز” حتى يتمكن من تحميل الخام على ناقلة مسجلة في دولة أجنبية. مراجعة تجربة الإفراج عن المخزونات خلال 2011 توضح لنا عدداً من الدروس المستفادة. لو قرر صانعو السياسات السحب مجدداً من المخزونات فسيحتاجون للانتهاء من جميع التفاصيل وأن تكون لديهم رسالة واضحة بشأن موعد تجديد المخزونات وكيفية التعامل مع قانون “جونز” وطرح المخزونات بخصم لضمان وصول الكميات الإضافية من الخام والمنتجات النفطية إلى السوق فعلاً.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©