الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

إيطاليا: «مونتي» يواجه ضغط الديون

3 سبتمبر 2012
الصيف الحار القياسي الذي عرفته إيطاليا هذا العام يشارف على نهايته، ولكن حرارة الأجواء السياسية للبلاد ستبقى مرتفعة لبعض الوقت، حيث يستعد رئيس الوزراء ماريو مونتي خلال الأسابيع القادمة لسن مزيد من الإجراءات بخصوص التقليص من دَين البلاد الضخم، وهي إجراءات لا تحظى بالتأييد الشعبي في وقت يحاول فيه دفع اقتصادها نحو النمو، وإن بشكل طفيف. وفي وقت أخذ فيه الإيطاليون يعودون إلى حياتهم العملية اليومية بعد إجازات أغسطس، يبدو مونتي منهمكاً في التعاطي مع التحديات على الجبهتين الداخلية والأوروبية. وفي هذا الإطار، التقى الزعيم الإيطالي يوم الأربعاء الماضي مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في برلين من أجل مناقشة أزمة الديون في منطقة "اليورو" التي ما زالت مستمرة وتكاليف الاقتراض المرتفعة لإيطاليا على المدى الطويل. ويواجه مونتي ضغوطاً من ألمانيا وبلدان أوروبية شمالية أخرى من أجل الانكباب على الإجراءات التقشفية، هذا في حين يهاجمه المنتقدون في الداخل بسبب تركيزه على خفض التكاليف والضرائب بدلاً من النمو، كما يقولون. وخلال اللقاء الذي جمعه بميركل، دافع مونتي عن تدابير الإنفاق من أجل تحفيز الإنتاج وخلق الوظائف، كما يرجح أن يكون طلبَ من برلين التخفيف من مطالبها بشأن قيام إيطاليا وبلدان أخرى تواجه متاعب مالية، مثل اليونان وإسبانيا، بتقليص ميزانياتها. ومن الجدير بالذكر في هذا الإطار أن كل البلدان المتوسطية الثلاثة توجد في حالة ركود اقتصادي، علماً بأن اليونان تلقت حزمتين دوليتين للإنقاذ المالي حتى الآن، وهناك مخاوف من أن إسبانيا وإيطاليا ربما ستضطران للقيام بالشيء نفسه في حال لم تنخفض معدلات اقتراضهما. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول جانفرانكو باسكينو، المتخصص في العلوم السياسية بكلية الدراسات الدولية العليا التابعة لجامعة جون هوبكنز في مدينة بولونيا الإيطالية:"إن كل شيء صعب الآن"، مضيفاً "فهو مضطر للعمل مع مشكلتين متناقضتين: تقليص الإنفاق والعجز، وتحديد تدابير للنمو". ونتيجة لذلك، فقد تراجعت معدلات التأييد الشعبي لمونتي التي كانت مرتفعة في وقت من الأوقات، في وقت يحاول فيه تطبيق إصلاحات اقتصادية غير شعبية مثل تعديل قوانين العمل الإيطالية. كما أنه يواجه مطالب متزايدة من التحالف الداعم له ذي القاعدة الواسعة، وغير المريح، الذي يشمل الحزب الديمقراطي على يسار الوسط وحزب رئيس الوزراء السابق سيلفيو برلسكوني على اليمين، إضافة إلى بعض الأحزاب الصغيرة من الوسط. ومما يزيد من حالة عدم اليقين أن برلسكوني، الذي أرغم على التنحّي عن منصبه في نوفمبر الماضي بسبب سلسلة من الفضائح الجنسية والضريبية وحالة الطوارئ الاقتصادية والمالية المتزايدة لإيطاليا، أخذ يلمح مؤخراً إلى أنه قد يحاول استعادة منصبه السابق. غير أن ذلك ربما لا يقلق مونتي، الأستاذ والمفوض الأوروبي السابق الذي اختير من قبل المشرِّعين من أجل إدارة إيطاليا بعد تنحي برلسكوني. ولكن الاضطرابات وانعدام الاستقرار الذي تخلقه مثل هذه التكهنات تجعل تجاوز الأشهر القليلة المقبلة أكثر صعوبة، كما يقول باسكينو. بيد أنه على رغم تراجع شعبية ماريو مونتي، إلا أن معظم الناس "يعتقدون أنه أبلى بلاء حسناً نسبياً بخصوص كيفية الرد على مشاكل البلاد"، مثلما يقول باسكينو. كما أن المشرعين سعداء بلعبه دور "مانعة الصواعق" حيث توجه إليه الانتقادات بسبب سياسات يعرفون أنه لا مفر منها ولكنهم لا يرغبون في أن يتحمَّلوا مسؤوليتها. ويرى باسكينو أن الحديث عن انتخابات مبكرة هذا الخريف بدأ يقل؛ وأنه إذا لم يحدث ذلك بحلول أكتوبر، فإنه سيكون من المستحيل تقريباً الدعوة إلى انتخابات مبكرة. وعندما تسلم مونتي السلطة قبل 10 أشهر، كان العائد على السندات الإيطالية الخاصة بعشر سنوات يتجاوز 7 في المئة، وهو معدل يُعتقد عموماً أنه من المستحيل على البلدان أن تدفعه لفترة من الزمن. وبعد أن حصل مونتي الدعم لنحو 25 مليار دولار من الإجراءات التقشفية التي تشمل الزيادات الضريبية وإصلاح نظام المعاشات وخفض النفقات، انخفض ذلك المعدل هذا العام. ولكنه ما لبث أن صعد تدريجياً إلى أقل من 6 في المئة بقليل وسط حالة عدم اليقين السياسية والصعوبة التي يواجهها مونتي في تمرير إصلاحات بنيوية يدعو إليها الاتحاد الأوروبي. وعلاوة على ذلك، فإن مصالح النقابات المهنية، والمعارضة الشديدة من قبل الاتحادات على تغييرات في قوانين العمل، وتحذيرات الأحزاب السياسية جعلت من الإصلاح الحقيقي أمراً شبه مستحيل. وبعد اجتماع للحكومة هذا الأسبوع، أعلن مونتي أن حكومته ستواصل النهج ذاته في تقليص الديون مع العمل في الوقت نفسه على تطوير تدابير النمو. هذا في وقت أخذ يطرح فيه بعض المسؤولين فكرة ضرائب على المشروبات الكحولية والغازية والسجائر. ويشدد مونتي وأعضاء رئيسيون في حكومته على أن إيطاليا لن تضطر إلى اللجوء إلى طلب المساعدة من صناديق حالات الطوارئ الأوروبية، حتى وإن كانت لا تعتبر إنقاذاً مالياً من الناحية التقنية. سارة ديلاني روما ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©