الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طفرة المسلمين الأميركيين

3 سبتمبر 2012
لو سألت أميركيين مسلمين قبل عشرين سنة من أين هم، لأجاب كثيرون على الأرجح أنهم من بلدان بعيدة، ربما زاروها مرة في الماضي. أما اليوم، فمن الأرجح أنك ستسمع أسماء ولايات أميركية متنوعة مثل: وسكنسن أو كاليفورنيا أو نيويورك. لقد تحوّلت العلاقة التي كانت تربط العديد من الأميركيين المسلمين في الماضي مع هويتهم الأميركية، وقد دمجوا نوع الإسلام الأميركي الفريد مع مكانهم في الجالية المسلمة العالمية. وقد أوجدت هذه العملية مجتمعاً تشكّلت هويته في الوقت نفسه من قبل تاريخ السلالات المسلمة والثوار الأميركيين. يمكن أن تُعزى هذه الظاهرة إلى حد بعيد إلى جماعة من العلماء الأميركيين المسلمين الذين كرّسوا أنفسهم لإيجاد هوية أميركية مسلمة مميزة داخل المثل العالمية للدين. يسمّي الدكتور عمر فاروق عبدالله هذا المفهوم "انعكاس الصخر الأديم"، وهو يجبر المسلمين على تقييم ما يعنيه الإسلام في مضمون أميركي بشكل ناقد، ونقل الدين إلى ما وراء الروتين وما هو تقليدي إلى ممارسة فكرية مقصودة تناسب واقعهم الفريد. الدين غير ساكن وممارسته ليست ساكنة كذلك، فهو يتغير بناء على زمانه ومضمونه وأتباعه. فالمجتمعات، مثلها مثل الأفراد، تتطور مع واقعها المتغيّر، وتتجاوب مع الأحداث التي تفرض عليها مجابهة أسس نظامها العقائدي. والحادي عشر من سبتمبر هو واحد من هذه الأحداث، ففي الوقت الذي غيّرت فيه مأساة ذلك اليوم بلدناً وبشكل أساسي، غيّرت كذلك وبشكل معمّق الإسلام الأميركي. لم يفرض الحدث على الأميركيين المسلمين التفكير بعمق فقط، وإنما كذلك الإدراك بأنه يتوجب عليهم إيجاد مكان لهم في النسيج الاجتماعي الأميركي. نما الإسلام الأميركي وبلغ سن الرشد بإرشاد جماعة جديدة من العلماء الذين تدرّبوا بشكل كلاسيكي على التقاليد الإسلامية ودرسوا في جامعات التيار الرئيس. وهم لا يملكون فقط مصداقية كونهم ولدوا ونشأوا في الولايات المتحدة، ولهم هوية أميركية تملك ذكاء الشارع ودهاءه، وإنما كذلك قدرة فريدة على الاستشهاد بالآيات القرآنية بلغة عربية سلسة، وتأطيرها ضمن وقائع تاريخية ومعاصرة. يتكلم هؤلاء العلماء أحياناً إلى جمهور مكون من آلاف الناس، ويدمجون بكل سلاسة الأحاديث عن نضال الأميركيين المسلمين المعاصرين مع نضال المسلمين الأوائل. وقد أوجدوا منظمات ومؤسسات تتعامل مع التحديات الفريدة التي تواجه الأميركيين المسلمين، مثل دمج الممارسة الدينية مع التوازن بين العمل والحياة، شاعرين بضغوطات "تمثيل" إسلام التيار الرئيس، أو أن يتوقّع أحد منهم أن يردّوا على الهجمات العنيفة التي تُشَنّ باسم الإسلام. من بين هذه المنظمات "معهد التعلّم الأميركي للمسلمين"، الذي يسعى، بكلمات تعبّر عن رؤيته ومهمته، إلى "تمكين المسلمين عبر معرفة الإسلام" و"تيسير الحوار بين التقاليد النصية والتقاليد التاريخية للإسلام، والوقائع الاجتماعية السياسية والثقافية والفكرية التي تنوّر حياة الأميركيين المسلمين". هناك منظمات أخرى مماثلة يقدم كل منها منظور أيديولوجي مميز، في الوقت الذي يتجاوب فيه مع الحاجة إلى مؤسسة أصلية حقيقية تختص بتجاوب الأميركيين المسلمين. إلا أن العديد من العلماء الأميركيين المسلمين تأثروا كذلك بالأوقات التي قضوها في الدراسة في الخارج، ووجدوا طريقهم إلى شمال أفريقيا وغربها والشرق الأوسط لتعلّم اللغة العربية والعلوم الإسلامية التقليدية تحت إشراف علماء في السنغال وموريتانيا والمغرب والمملكة العربية السعودية ومصر. وهم يقومون بترجمة نصوص إسلامية كلاسيكية وتحليلات من تأليف علماء وفقهاء، ليسهل الوصول إليها من قبل جمهور أكثر اتساعاً. وهم يقومون كذلك بقيادة مجموعات في رحلات لتشجيع الحوار العالمي والتبادل بين المسلمين حول العالم. وتجعل قدرتهم على فهم الحياة في أميركا مصدراً له موقع فريد للأميركيين المسلمين، إلا أن تمكنّهُم في مجال التاريخ الإسلامي والفكر القانوني يجعل منهم مصدراً للمسلمين حول العالم. عندما يسافر المرء حول العالم يجد أن "شيرمان جاكسون" و"زيد شاكر" و"صهيب ويب" وغيرهم من القادة الأميركيين المسلمين هي أسماء معروفة في دول بعيدة مثل الصين والهند، وقريبة مثل كندا والمكسيك. وتوفّر وثاقة صلتهم بجماهير متنوعة مرونة تضع الإسلام الأميركي في المجتمع المسلم الأوسع. بغضّ النظر عما إذا كان مركزهم أميركا الريفية أو مدينة عالمية كبرى، يقوم هؤلاء العلماء بتشكيل الأسلوب الذي يفكر فيه المسلمون حول العالم بالإسلام المعاصر. وهم يوفرون صلة وثيقة لممارسة الإسلام لجيل جديد من المسلمين الذين يكبرون ليس فقط في الدول ذات الغالبية المسلمة، وإنما كذلك هؤلاء الذين يعيشون كأقليات دينية. فمن تحليلاتهم للعلوم الإسلامية المعقّدة إلى مشاركتهم في الحياة السياسية، يشكّل هؤلاء العلماء جسوراً بين القيم الإسلامية التقليدية والمسلم المعاصر. فرحة طاهر خبيرة بمعهد التعلّم الأميركي للمسلمين ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند» الإخبارية
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©