الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أعمال نسائية جمالية تتقصى الفضاءات الشاغرة في عالم التجريب

أعمال نسائية جمالية تتقصى الفضاءات الشاغرة في عالم التجريب
23 يناير 2011 21:33
يحفل المعرض السنوي العام التاسع والعشرون لجمعية الإمارات للفنون التشكيلية، والمقام حالياً بمتحف الشارقة للفنون، بالعديد من المشاركات النسوية التي عبّرت وبقوة عن مدى التطور الذي لامس تجربة الفنانات الإماراتيات، ومدى انتباه هؤلاء الفنانات للمحتوى المفاهيمي والمعرفي والذهني الذي تحول معه الفن المعاصر إلى حاضن مهم للتبدلات الجامحة في المجتمعات الإنسانية الحديثة، تبدلات استطاعت أن تجذب الفنان نحو تيارات غمرت وتجاوزت الأصول التقليدية لمفهوم إنتاج الفن ولآليات عرضه وزجه داخل منظومة فكرية ونقدية تعمل ضد الثبات والجمود والتأطير. قدم المعرض السنوي لجمعية التشكيليين المقام خلال الفترة من الثاني عشر من الشهر الجاري وحتى الخامس من فبراير المقبل، مواهب نسائية جديدة خرجت من معطف التمايزات الثقافية للمشهد الفني المحلي، بينما عملت الأسماء المعروفة على تقديم إسهامات تتقصى الفضاءات الشاغرة في عالم التجريب، والبحث عن ابتكارات تقنية تحاور وتترجم الحالة الأنثوية القلقة والمحصورة وسط غابات مدينية، تعمل وبقسوة على إقصاء وترويع ونبذ هذه الذات المرهفة والمشغولة بتوليد انفعالاتها الجمالية بصدق عال ومخلص للشرط الفني. احتضن المعرض أسماء لافتة لفنانات يطمحن لتنويع أساليبهن استناداً إلى تذوق خاص ومتفرد لقيمة ومعنى الفن، ونذكر من هؤلاء الفنانات الدكتورة نجاة مكي وابتسام عبدالعزيز وهدى سيف وكريمة الشوملي، أما الفنانات اللاتي قدمن أطروحات ذهنية تجاوزت مرحلة النضج خصوصاً فيما يتعلق بالوسائط والتقنيات والخامات المستخدمة، فنذكر منهن الفنانة شيخة المزروع ومنى عبدالقادر آل علي، وميسون الصالح وميثاء دميثان، وغيرهن. ففي العملين اللذين قدمتهما الدكتورة نجاة مكي يبرز المنحى التجريدي والإيحائي الذي يستلهم من تداخل الألوان الحارة والباردة، ما يمكن أن ننعته “بالمشاكسات الناعمة” التي تجعل من اللون الأزرق الفاتح مثلاً وسيلة ذهنية وبصرية لاستدعاء البحر وبكل ما يحمله هذا البحر من ميراث الطفولة وأصدائها الفالتة في الحنين، بينما يأتي اللون الأحمر الحاد في أسفل اللوحة الزرقاء كي يكسر اللحظة الحالمة ويجبرها على الالتفات لشرط الزمن ولشراسته أيضاً. أما الفنانة ابتسام عبدالعزيز فقدمت في المعرض أعمالاً أطلقت عليها “الصور المجمعة” وهي عبارة عن ملصقات داكنة يتخللها بياض “كاليغرافي” تفرضه الخطوط والعبارات المكتوبة بلغات أجنبية مجهولة، وتستدعي ابتسام هنا مخزونها البصري الشائك وكأنها وسط ضباب لاسع وهياجات ذهنية وحلمية تشق طريقها بصعوبة في أدغال الذاكرة ومتاهاتها، وتستخدم ابتسام هنا تقنية الكولاج المتماهي والذائب في الانطباع الحار والحي الذي يعكسه العمل الفني على مرآة القابليات الذهنية والاسترجاعية لمتلقي العمل الفني، والمشارك فعلياً في عملية إنتاجه من جديد. وللاقتراب أكثر من طبيعة ومكونات الأعمال التي قدمتها أسماء نسوية شابة، التقت “الاتحاد” مع بعض المشاركات في المعرض واللاتي أفصحن عن حضور خاص ولافت وسط الأعمال المستضافة والأخرى لفنانين رجال بدت أعمالهم وكأنها تنبذ أساساً فكرة “التصنيف البيولوجي” عند التطرق للحديث عن الجوامع الإنسانية الشاملة للفن. الفنانة شيخة المزروع المتخرجة حديثاً في كلية الفنون الجميلة في جامعة الشارقة، والتي قدمت عملاً جدارياً يحوي ترانزستورات ودارات إلكترونية بألوان غلب عليها الأخضر والأحمر، تشرح طبيعة عملها قائلة “استقيت فكرة عملي من أطروحات الفنان الفرنسي مارسيل دو شامب حول إعادة التعامل فنياً مع المنتجات الاستهلاكية في حياتنا العامة، وإضفاء معان جديدة على هذه المنتجات من خلال تقديمها للمتفرج بأنماط ومعالجات تشرح عنف وتسلط هذه المنتجات علينا”. وأضافت شيخة “استفدت في عملي أيضاً من الاقتراحات اللونية المدهشة التي قدمها الفنان الشهير بول كلي في عام 1920 والذي أراد ترجمة وتحويل الأصوات والإيقاعات المحيطة بنا إلى ألوان، بحيث تحدث هذه الألوان لدى المتفرج ما يشبه الصدمة البصرية المكثفة”. أما الفنانة منى آل علي التي نفذت عملها اعتماداً على تقنية الاسترجاع المشهدي أو الارتداد الزمني من خلال فيلم قصير يكثف حالة الخلود المؤقت للأمكنة والتفاصيل، فتقول عن عملها “هو عمل فيديو يلخص رحلة الحياة بكل ذكرياتها وتفاصيلها المنسية والحاضرة، كما أنه يحمل في داخله تساؤلاً صعباً حول مدى قدرتنا على تغيير الظروف المحيطة بنا، من خلال إعادة التفكير في ماضينا، ومن خلال الإضاءات الداخلية التي نسلطها على زمن مضى ولكنه يتجدد فينا، وباستطاعتنا أن نبتكر صياغات جديدة له تتجاوز وتقفز فوق المرارات التي خلفها وكدسها في الماضي”. وعن التقنية التي استخدمتها في تنفيذ العمل قالت منى آل علي “استخدمت كاميرا فيديو ذات مواصفات عالية، لتنفيذ السيناريو الذي كتبته اعتماداً على فكرة العودة بالزمن إلى الوراء، وتقوم بالدور الرئيسي في الفيلم فتاة تمثل طفولتنا جميعاً، هذه الطفولة التي تحولت في أذهاننا وفي أحلام يقظتنا إلى طيف تجريدي يقدم تفسيرات ورؤى متعددة حول الرغبة الإنسانية في تجميد الزمن في وقت ومكان محددين، حسب قيمة وصفاء وبراءة هذه اللحظة النادرة والمكثفة التي فقدناها”. أما الفنانة كريمة الشوملي فتصف عملها بأنه أشبه بالتجسيد القاسي للغربة النفسية والجسدية في المكان البعيد، وهذا المكان البعيد الذي استحضرته الشوملي في عملها هو عاصمة الضباب لندن، حيث قضت فترة طويلة هناك، ما جعلها تعيش حالة من التأزم الوجودي انعكست على شكل صندوق خشبي ضيق، لونته بصبغ دام وملتصق بالخشب، مع تعليق قصاصات ورقية تضمنت انطباعات ويوميات الفنانة والتي تصف خدوش ومرارات الغربة الداخلية، والتي بدت أكثر عنفاً وشراسة من غربة الخارج.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©