الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحافظ عبدالغني المقدسي واجه المفسدين وتحمل أذاهم

16 سبتمبر 2011 01:32
الحافظ عبدالغني المقدسي من كبار علماء الفقه والسيرة والوعظ والرقائق، وأوحد الحديث في عصره، أمضى حياته في الدفاع عن صحيح الدين، ونقد أصحاب الباطل، ومحاربة التعصب المذهبي، فطارده خصومه وآذوه وكفروه وطردوه من كل مكان ذهب إليه وشردوه في البلاد، وحرضوا عليه السلطان لقتله. وقال الدكتور سعيد أبوالفتوح أستاذ الشريعة بجامعة عين شمس: ولد تقي الدين عبدالغني بن عبدالواحد بن علي بن سرور بن رافع بن حسن بن جعفر المقدسي الجماعيلي الدمشقي، في سنة 541هـ، بجماعيل من أرض نابلس، ونسب لبيت المقدس لقرب جماعيل منه ولأن نابلس وأعمالها جميعاً من مضافات البيت المقدس، ارتحل مع أسرته من بيت المقدس إلى مسجد أبي صالح خارج الباب الشرقي لمدينة دمشق، وانتقلت أسرته إلى سفح جبل قاسيون فبنوا دارا سميت دار الحنابلة، وبنو أول مدرسة في جبل قاسيون، عرفت بـ«المدرسة العمرية». وأضاف: بدأ الحافظ عبدالغني في طلب العلم صغيراً، فتتلمذ على العلامة الشيخ محمد بن أحمد بن قدامة المقدسي أبي عمر، وتلقى دروسه الأولى في الفقه والأصول والكلام والحديث والتفسير والقراءات، وأرد أن يواصل تحصيله العلمي، والأخذ عن العلماء الثقات فارتحل إلى دمشق وتردد على حلقات العلم بمساجد دمشق فسمع من أبي المكارم ابن هلال، وسلمان بن علي الرحبي، وأبي عبدالله محمد بن حمزة القرشي وغيرهم، رحل إلى بغداد سنة 561 هـ، مع ابن خاله الشيخ الموفق، فأقاما ببغداد أربع سنين، وانكب الحافظ عبدالغني على دراسة الحديث، فاخذ على الشيخ عبدالقادر الجيلاني، وانتقل إلى مصر سنة 566 هـ، ودخل الإسكندرية وأقام بها ثلاث سنين وسمع بها من الحافظ السلفي وأكثر عنه، ومن أبي محمد بن بري النحوي وجماعة، ثم عاد إلى دمشق، ورحل إلى أصبهان وحران والموصل وهمذان والموصل وسمع من كبار علمائها، ثم عاد إلى دمشق. صحة الحديث وأشار إلى أن الحافظ عبدالغني برع في الحديث وأتقنه، حتى صار علم الحفاظ وعالمهم والمشار إليه من بينهم وعليه يدور الكلام في صحة الحديث أو تضعيفه، وصار الناس يقرنونه بمشاهير العلماء من أساطين علم الحديث. وكان آية من آيات الحفظ واستحضار النصوص والأصول وأسماء الرجال وألقابهم حتى شبهوه بالبخاري في معرفة الأسماء والكنى، وكان يحفظ عشرات الآلاف من الأحاديث والآثار. وجلس لتدريس الحديث وعلومه، وأشتهر بسعة العلم والفصاحة والاعتداد بالنفس والتقوى والورع والخوف من الله، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، لا تأخذه في الله لومة لائم، وكان يكثر من العبادة، ويحيط الطلبة الأذكياء برعايته وحدبه ويحسن إليهم، ويحضهم على دراسة الحديث، وانتفع بعلمه الكثيرون. وأثنى على علمه وخلقه العلماء، وقال عنه ابن النجار: «حدث بالكثير وصنف في الحديث تصانيف حسنة وكان غزير الحفظ من أهل الإتقان والتجويد»، ووصفه الذهبي بانه: «الإمام العالم الحافظ الكبير الصادق العابد الأثري المتبع»، وقال سبط ابن الجوزي: «كان عبدالغني ورعاً زاهداً عابداً يصلي كل يوم ثلاثمائة ركعة ويقوم الليل ويصوم عامة السنة، وكان كريماً جواداً لا يدخر شيئاً ويتصدق على الأرامل والأيتام». وخلف الحافظ عبدالغني مصنفات كثيرة في علوم العربية والقرآن والفقه الوعظ والرقائق والسيرة وعلم الحديث، بلغت 56 مصنفاً تقريباً، منها أربعون كتاباً في الحديث وعلومه أهمها «المصباح في عيون الأحاديث الصحاح»، و»نهاية المراد»، و»الصفات»، و»التهجد»، و»تحفة الطالبين»، و»الكمال في معرفة الرجال». أصحاب البدع وذكر الدكتور سعيد أبوالفتوح أن الحافظ عبدالغني كان من العلماء العاملين، الذين لا يطيقون رؤية المنكر أو سماعه، غير هياب لصاحب سلطان أو مال، شديد النقد للخارجين على الشرع وأصحاب البدع، وهو ما أورثه عداوات الحساد والفاسدين والفجرة، فتعرض لنكبات كثيرة قاسية، وبدأت فصولها لما علا نجمه وبلغت شهرته الآفاق وتردد على مجلس علمه طلاب العلم والناس والحكام لتفرده. ونجح في جمع طلاب العلم من حوله والتأثير في الناس ونيل تقديرهم وحبهم، ولما دخل مدينة الموصل العراقية جلس في جامعها الكبير وأخذ في تدريس كتاب «الضعفاء» للعقيلي، وذكر كلام العقيلي عن ضعف أبي حنيفة من جهة الحفظ، فثار أهل البلد وكانوا من الأحناف وحبسوه وقرروا قتله، ولكن صديقه الواعظ ابن البرنس أنقذه بحيلة ذكية فأطلقوا سراحه.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©