الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الزي المدرسي «حائر طائر» بين قواعد المدارس ورغبات الطلبة

الزي المدرسي «حائر طائر» بين قواعد المدارس ورغبات الطلبة
4 سبتمبر 2012
الزي المدرسي ومع أنه آخر ما يتم تجهيزه على عتبة العودة إلى الموسم الدراسي، وفقا لترتيبات كثيرة، غير أنه أكثر ما يستحوذ على اهتمام أولياء الأمور والهيئة التعليمية، أما الطلبة المعنيون مباشرة في ارتدائه، فهم آخر من يطالهم شكله ولونه وحتى مقاساته، وسواء أعجبهم هندامهم فيه على مدى 8 ساعات في اليوم أو لم يعجبهم، فإنهم مضطرون للتأقلم معه والتعود على الحركة من خلاله. ما يشغل البيوت هذه الأيام ليس فقط الميزانية الخاصة التي يتم رصدها لشراء الزي الذي يحتاج منه كل طالب إلى عدة غيارات، إنما كيفية الحصول على الزي المناسب بحسب الطول والعرض وبما يتلاءم مع شروط كل مدرسة، إذ إن المؤسسات التعليمية لا توفر بالضرورة اللباس التي تضع بنفسها مواصفاته، إنما قد تترك هذه المهمة إلى الأهل ضمن مهلة لا تتعدى بضعة أيام، ومن هنا ينشأ حال التوتر الذي يفرضه مبدأ السباق مع الزمن لضمان أن يخرج الأبناء في أيامهم الأولى إلى المدرسة باللباس المطلوب. ترتيب المقاسات موضوع الزي المدرسي الذي لا يدرك السجالات حوله إلا من يعيش التجربة ما بين توصيات المدرسة وانعكاس الأمر على الطلبة، لا يمكنه أن يتلمس حجم أهميته، فالأمر لا يقتصر على قميص أبيض وبنطال كحلي أو تنورة، وإنما على ألوان من الآراء حينا والتأفف حينا آخر، والنتيجة دائما تصب في صالح جهة القرار، وهي المدرسة التي لا تتغاضى أبدا عن عدم الالتزام بتفاصيل الزي الذي تعتبره جزءا من نظام المدرسة. وفي المقابل فإن الأهالي يسجلون ملاحظاتهم تجاه بعض الأمور المتعلقة بالهندام، الذي يتمنى البعض الآخر لو يتم إلغاؤه غرارا بعدد من المدارس ذات المنهاج الأجنبي. وتذكر علياء الكردي وهي أم لـ3 بنات في مراحل تعليمية متفاوتة، أن التحضير للزي المدرسي هو أكثر ما يضايقها، ليس لأنها غير راضية عن شكله، وإنما لصعوبة ترتيب مقاساته بما يتلاءم مع أجسام بناتها. وتقول إنها تفضل لو أن المدرسة تتولى الأمر برمته، وأن تتعامل مع شركة تهتم بخياطة الزي بحسب مقاسات كل طالبة، وليس بحسب المقاسات العامة. وتعتبر علياء أنه من الصعب في حالات كثيرة الحصول على الزي المناسب لأن البنات في سن الطفولة تختلف مقاساتهن حتى وإن كن في الصف نفسه، وكذلك الأمر بالنسبة للمراهقات اللاتي يرفضن عموما ارتداء ما لا يعجبهن أو ما لا يبدو أنيقا أو ما لا يتلاءم معهن سواء من ناحية الطول أو الحجم وما إلى هنالك، وعن نفسها فهي مازالت تنتظر ردا من المدرسة عن إمكانية توفير مقاسات بناتها، لأن ما حصلت عليه يحتاج إلى الكثير من التعديل. وهي تفضل أن يكون الزي جاهزا بحسب الخياطة الأصلية. بدانة وإحراج هواجس المقاسات تنطبق كذلك على الصبيان وأحيانا كثيرة تكون أكثر تعقيدا من البنات، والسبب أن البنطال تحديدا لا يحتمل أبدا أن يكون ضيقا أو واسعا، وهذا ما تؤكد عليه منيرة العلوي التي تنتقد عدم توافر مقاسات إضافية للطلبة، عدا عن أحجام الصغير والمتوسط والكبير. وتقول إن الأطفال في سن الدراسة غالبا يعانون إما النحالة أو البدانة، وهذا يعني ضرورة الأخذ في الاعتبار أن المقاسات العادية لا تتماشى مع الجميع، ومن غير الممكن أن يضطر الأهل إلى اصطحاب أبنائهم مرات عدة إلى الخياط لتضييق البنطال أو توسيعه بوضع وصلات من أقمشة مغايرة، وكل ذلك لأن المدرسة لا تلحظ وجود استثناءات تستحق التعامل معها بشكل فردي وبناء على مقاسات خاصة، وتذكر منيرة أن ابنها الكبير يعاني السمنة وهو يشعر بالإزعاج النفسي لعدم تمكنه من ارتداء الزي المدرسي المخصص للجميع. وتشرح أنها مع بداية كل سنة دراسية تدخل معه في دوامة استيعاب المشكلة وإيجاد الحلول المناسبة، إذ إنها إما تختار له قماشا يشبه بلونه وشكله هندام المدرسة، وتعمل على تفصيله عند الخياط، وإما أن تطلب من المدرسة الحصول على إذن يعفيه من ارتداء الزي. وتقول إن ابنها في الحالتين يعاني من ردات فعل نفسية تشعره بالإحراج، في حين أنها تواجه المشكلة نفسها مع ابنتها لكن الأمر أقل إزعاجاً لأن زيها يأتي على شكل فستان يمكن التحكم في توسيعه بطريقة أو بأخرى. أما أحمد حسن فقال إنه تفرغ لزيارة مدارس أولاده أكثر من مرة، ليطلع على اشتراطات الزي المدرسي ومعرفة درجة اللون المطلوبة، حيث يضطر إلى شراء بعضها من خارج المدرسة، نظراً لأن لديه 5 أبناء تختلف مقاساتهم، كما أنهم يدرسون في 3 مدارس، وكل واحدة منها، لديها اشتراطات تختلف عن الأخرى، بالإضافة إلى الألوان، مما يجعل الأسرة في أزمة سنوية، تربك حساباتها، خاصة المالية، بعد خروجها من مواسم عدة متعاقبة، بدأت مع إجازة العام الدراسي، مروراً برمضان والعيد، وصولاً إلى العودة للمدارس. مبدأ الالتزام من جهتها مريم جابر وهي أم لولدين في المرحلة الابتدائية، لا تجد أي مشكلة في أمر شراء الزي المدرسي مباشرة من المدرسة، وتذكر أنها ترى في الأمر تنظيما وراحة للأهالي، حيث تعمد كل مدرسة إلى اختيار هندامها وتوزيعه على أولياء أمور الطلبة قبل دخول المدرسة بأيام. وتقول إن احترام أجواء المدرسة وما تفرضه الهيئة التعليمية من أنظمة داخلية، يبدأ بهندام الطالب. وتشدد على ضرورة ألا يسمح الآباء لأبنائهم بالاعتراض على الزي لأنهم بذلك يساعدونهم على مسألة إمكانية التأفف فيما بعد من الأمور الأخرى الأكثر أهمية، وهي من جهتها تعمل باستمرار على تعزيز دور المدرسة وقراراتها تجاه ولديها، وذلك كي تشجعهما على مبدأ الالتزام وعدم الاستهتار بالقوانين. وهذا برأيها من شأنه أن يزرع صفات نبيلة في شخصية الطفل. وترى مريم أنه من غير المنطقي الاعتراض على شكل الزي أو لونه، لأنه في النهاية لا يمثل للطالب أكثر من لباس مفروض عليه، وهو إذ يرتديه للذهاب إلى المدرسة، وليس للقيام بأي عرض أمام زملائه. وتعتبر أن من أراد من الأطفال أو الأهالي التأنق في ملابس ملفتة وراقية، له أن يفعل ذلك خارج حرم المدرسة، لأن المؤسسات التربوية هدفها نشر العلم والمعرفة وليست بابا للتمايز والتبختر. هامش الحرية تنتقدها في الرأي نهى سلوان التي تعتبر أن الملابس التي يرتديها الطفل أو المراهق أو الطالب عموما، تنعكس على نفسيته. وتقول إن الطالب الذي يذهب كل يوم إلى المدرسة ويقضي فيها ساعات طويلة أكثر مما يقضيه في البيت أو حتى في الأماكن العامة، لا يمكنه أن يتحرك بثقة ما لم يكن مرتاحا في هندامه. وتذكر أنها تتحدث بهذه الحدة لأنها تشعر بمعاناة ابنتها التي ترتدي الزي المدرسي مرغمة، وهي في كل يوم تذهب إلى المدرسة تخرج من البيت وعلامات الانزعاج من شكلها بادية على وجهها. وتوضح نهى أنها اضطرت أن تغير لابنتها المدرسة نتيجة لعدم رضاها عن شكلها في الهندام السابق، مؤكدة أنها قبل أن تقدم أوراق ابنتها لطلب الدخول إلى المدرسة الجديدة اطلعت معها على الزي، الذي اعتبرته الطالبة أفضل بكثير من الزي القديم الذي لم تكن تشعر معه بالراحة في الحركة. وتذكر نهى أنه من واجب المدارس عموما أن تكون أكثر تساهلا لجهة إفساح المجال أمام الطالب أو الطالبة بالانتقاء بين عدة خيارات ضمن الزي الواحد، إذ إنه من غير المقبول برأيها أن يفرض على الجميع موديلا واحدا أو ضرورة التقيد بحجم الكم، إذ إن المقصود هو احترام مبدأ الاحتشام، وما عدا ذلك فهو يدخل ضمن هامش الحرية الشخصية التي لابد من احترامها حتى لدى الطلبة في مختلف المراحل العمرية. الاحتشام مشتريات الطلبة عموما وتجديدا كل ما له علاقة بالأزياء والاحتياجات الشخصية للأبناء، ينصب ضمن اهتمامات الأم أكثر من الأب، ومع ذلك فإنه لا يمكن إنكار دور بعض الأزواج في إصرارهم على متابعة كل شاردة وواردة في حياة أسرهم، وهذا ما ينطبق على وسام الداعوق وهو أب لـولدين وبنتين يتوزعون على مراحل دراسية مختلفة. يقول إنه منذ شهر وهو يعمل على تجهيز كل ما له علاقة بموسم العودة إلى المدرسة، ويؤكد أن الأمر يترك في نفسه سعادة كبيرة ولاسيما لأنه يشعره بأهمية دوره كأب. ويشير وسام إلى أنه لا ينزعج أبدا من التردد إلى أماكن مختلفة وأكثر من مرة بهدف شراء متطلبات المدرسة في حال كانت واضحة، غير أنه يتضايق بشكل كبير من عملية البحث عن المجهول. ويوضح وجهة نظره لافتا إلى أن مدرسة أبنائه لا توفر الزي الخاص بكل صف، وإنما تتعامل مع مؤسسة خاصة تبيع الأهل الهندام المدرسي، ومع أنه زارها عدة مرات للحصول على المقاسات المناسبة لأبنائه، إلا أنه فوجئ بالرد. وهو أن المقاسات الصغيرة قد انتهت ولم يعد هنالك إلا المقاسات الكبيرة، وهذا يعني أن عليه الخضوع للأمر الواقع والتوجه من جديد إلى خياط ما لتعديل الخلل في المقاسات، ولاسيما أنه سيشتري أكثر من غيارين لكل واحد من أبنائه. وعليه يجد وسام أن أمر الزي المدرسي بات يعقد الطلبة وأهاليهم أكثر مما يسهل الجو الدراسي الذي برأيه يجب أن يتجاوز هذه المسألة، وهو يتمنى لو أن مدرسة أبنائه تسمح للطلبة بارتداء ما يرغبون به ضمن هامش الاحتشام تمثلا بعدد من المدارس الأخرى. ردات فعل سلبية بين الأبناء حول أثر الزي المدرسي في النظام، أشارت الأخصائية النفسية الدكتورة دولي حبال، إلى أن علم النفس الاجتماعي يوضح أهمية وجود النظام في حياة الطفل منذ الصغر حتى سن المراهقة المتأخرة، وأن هذه النظرية من الأولى أن يتم تطبيقها على الطلبة لمساعدتهم على الانخراط تحت مظلة القوانين من دون تلكؤ أو اعتراض. وترى الدكتورة دولي أن فرض الأنظمة العامة على الأطفال لا يعني أن نرغمهم على أمر مرفوض كليا لديهم، لأن ذلك يدفعهم إلى ردات فعل سلبية، وتنصح بالحوار البناء بين الأجيال للوقوف عند نقاط القوة والضعف لدى الطرفين، وهنا توضح أنه من واجب المدارس أن تعمد إلى تطوير أزيائها بما يخدم تطلعاتها من جهة، وبما يتماشى مع أفكار الطلبة، إذ إنه من المفيد أن يرتدي الطالب أو الطالبة ما يشعر كل منهما بالراحة لأن ذلك يعزز الثقة بالنفس، ويساعدهما على إبراز شخصيتهما من خلال الهندام الذي يرتديانه عن قناعة، حتى وإن كانت كل الأزياء في المدرسة متشابهة، وإنما الأصل هو في التميز الذي يريح كل طالب على حدة ولا يتعارض مع قانون المدرسة. وتذكر الأخصائية النفسية أن بعض المدارس التي لا تفرض على الطلبة ارتداء زي معين وتترك لهم حرية اختيار الملابس ضمن سياق عام، قد توقع الطلبة في مأزق ما هم في غنى عنه، إذ إن هذه المدارس وبالرغم من رسالتها في تشجيع النشء الجديد على حرية التعبير والاختيار بدءا من المظهر، إلا أنها تضعهم في منافسة يومية مع زملائهم على ارتداء الأجمل والأفخم والأكثر جاذبية، وهنا يدخل الطالب في سن المراهقة تحديدا في دوامة جديدة قد يفضل عندها لو أن مدرسته تفرض عليه وعلى زملائه زيا موحدا.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©