الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

طفل الصف الأول «أزمة أسرية» تتجدد مع بداية العام الدراسي

طفل الصف الأول «أزمة أسرية» تتجدد مع بداية العام الدراسي
4 سبتمبر 2012
ربما يغيب عن كثيرين استيعاب أو إدراك أهمية اليوم المدرسي الأول في حياة الأبناء. إنه يخلف تأثيراته الإيجابية أو السلبية على مسيرة الطفل طيلة سنوات دراسته الممتدة، ويسهم إلى حد كبير في رسم معالم شخصية الفرد، وتحديد مساره التعليمي بعد ذلك. وهناك من يعاني تلك التأثيرات السلبية لمتاعب أو “مطبات” يومهم المدرسي الأول، وغيرهم أيضا ـ كثيرون ـ لا زالوا يتذكرون تفاصيل هذا اليوم التي حفرت بين جنبات الذاكرة. وإن كنا طرحنا هنا بالأمس أهمية التهيئة النفسية للطفل قبل التحاقه بالصف الأول المدرسي، وحث الآباء والأمهات على أهمية اصطحاب أطفالهم إلى المدرسة في اليوم الأول لمساعدتهم على تجاوز مشاعر القلق أو الخوف أو الخجل التي تنتاب بعضهم، ومشاركتهم التعرف على أعضاء الهيئة التعليمية، والتعرف على هذا العالم الجديد بغموضه واتساعه. فكيف يتأتي ذلك لآلاف الآباء والأمهات الذين تقيدهم ارتباطاتهم الوظيفية؟ خورشيد حرفوش (الاتحاد) ـ إذا كانت هناك أعداد غير قليلة من الآباء والأمهات ينجحون في مرافقة أطفالهم في اليوم الأول، وأن هذا الحل يسهم في تخفيف حدة كثير من مشاكل سوء تكيف الطفل مع البيئة المدرسية، سنجد أن الشكوى تتحول إلى الآباء والأمهات الذين يرتبطون بأعمال وظيفية، ممن لا يجدون تلك الفرصة لاصطحاب أطفالهم إلى المدرسة في اليوم الأول، ويضطرون إلى الحصول على إجازة خاصة لهذا اليوم، أو يتأخرون عن الذهاب إلى مقار عملهم. فهم جيد وإيجابي أن يدرك كثير من الآباء والأمهات أهمية تهيئة الطفل الذي سيلتحق بالمدرسة للمرة الأولى منذ وقت مبكر خلال العطلة الصيفية التي تسبق بداية العام الدراسي، وما من شك أن هناك كثيرين أيضاً يخططون بشكل مغاير، وينجحون في وضع الطفل على أول الخطوات المبكرة للالتحاق بالمدرسة، وقد تبدأ هذه الخطوات في سن الحضانة، ومن ثم رياض الأطفال، واتباع منهج التدرج الطبيعي والتربوي، إلى أن يصبح جاهزاً لاستقبال نظام جديد عليه، ورغم ذلك يتصادف وجود حالات عديدة يعاني فيها الأطفال من متاعب الابتعاد عن الأم، أو صعوبة الاندماج والتكيف مع أي وسط اجتماعي جديد وغريب عليه، أو يحتاج كثير من هؤلاء إلى المزيد من الوقت للتأقلم والتكيف مع الأشخاص الغرباء عن الأسرة، أو يجدون صعوبة في التكيف مع نظام المدرسة والصفوف والانضباط وما إلى ذلك من مظاهر جديدة. مشكلة الإجازة يقول راشد مبارك النادي “موظف” في أحد المصارف: “كثير من الآباء يسرفون في الاهتمام بتجهيز أدوات الطفل اللازمة للدراسة بينما يفوت معظمهم شيئا آخر له أهمية كبيرة، وهو مساعدة طفلهم على التأقلم مع الجو الجديد الذي سيلتقي به عند ذهابه للمدرسة لأول مرة، وهناك من يدعو إلى منزله قبيل بدء الدراسة بعض الأطفال ممن يشاركون طفلهم الدراسة سواء كانوا من الأقارب أو الجيران أو أبناء الأصدقاء، وقد يتبعون كل الطرق لتهيئة طفلهم نفسياً لهذا اليوم، إلا أنهم يواجهون صعوبات كبيرة، عندما يذهب الطفل إلى المدرسة، ويبدأ في الصراخ أو البكاء لأنه اكتشف أن والديه غير موجودين، وأنه أصبح وحيداً وسط عالم جديد وغريب عليه. فإذا كانت هناك أعداد غير قليلة من الآباء والأمهات ينجحون في مرافقة أطفالهم في اليوم الأول، وأن هذا الحل يسهم في تخفيف حدة كثير من مشاكل سوء تكيف الطفل مع البيئة المدرسية، سنجد أن الشكوى تتحول إلى الآباء والأمهات الذين يرتبطون بأعمال وظيفية، ممن لا يجدون تلك الفرصة لاصطحاب أطفالهم إلى المدرسة في اليوم الأول، ويضطرون إلى الحصول على إجازة خاصة لهذا اليوم، أو يتأخرون عن الذهاب إلى مقار عملهم، وإن ذهب إلى عمله سيكون مشغولاً عن ابنه، ولا يستطيع أداء عمله بشكل جيد”.. اقتراح خولة الجرواني “موظفة علاقات عامة”، ترى أهمية منح الآباء والأمهات الموظفين في الحكومة والقطاع العام إجازة في أول أيام العام الدراسي لاصطحاب أطفالهم إلى المدرسة، فهذا اليوم حدث غير عادي في حياة أي طفل، وحياة كل أسرة، وكثير من الأطفال ينتابهم خوف وقلق وتردد، ويجدون صعوبة في التكيف مع البيئة المدرسية بسهولة، ومن ثم فان ذهاب الأم أو الأب مع الطفل أول يوم يساعد في تجاوز سلبيات الأيام الأولى وتبقى ذكراه جميلة في حياة الابن”. وتضيف الجرواني: “أعلم أن هناك حالات امتناع الصغار عن الذهاب إلى المدرسة لأسباب عديدة بسبب الخوف أو التعلق الزائد بالأم، واعتمادية الطفل الزائدة نتيجة التربية الخاطئة، أو للمبالغة في التدليل، وهؤلاء يواجهون صعوبة التكيف، ومن ثم يجب ألا نحمل الأم الموظفة أعباءً إضافية أخرى تثقل كاهلها، فمعظم الآباء مشغولون في أعمالهم، أو لا يكترثون بذلك، وبالتالي أقترح منح الموظفات إجازة خاصة ما بين ثلاثة إلى ستة أيام الأولى من العام الدراسي الجديد حتى يستطعن التواجد مع أطفالهن مع بدء الدراسة”. يوم وطني خالدة اليماني، “أم موظفة” تقول: “الطفل الذي يلتحق بالمدرسة للمرة الأولى يشعر أنه يواجه المجهول، فقد لا يعرف أين توجد قاعة الدروس، ولا اسم معلمته، ومن هي ؟ وكيف سيمضي وقته داخل الصف طيلة اليوم؟ ومن هم رفاقه، وكيف يقضي حاجته في دورة المياه إن احتاج ذلك؟ وكيف سيتمكن من معرفة أي حافلة سيعود بها إلى المنزل، وتفاصيل وتساؤلات كثيرة وعديدة تراود عقله الصغير ولا يعرف كيف يعبّر عنها. فقد يتحول اليوم الأول من المدرسة في حياة الطفل مأساة حقيقية ان لم يتم تحضيره نفسياً بشكل مناسب عبر اطلاعه على التفاصيل الصغيرة المتعلقة بيومه المدرسي الأول. ولا أحد يستطيع أن يقوم بهذا الدور سوى الأم، وأنا مع الرأي الذي يقول بأهمية منحها إن كانت موظفة إجازة خلال الأسبوع الأول من العام الدراسي، ولماذا لا يكون اليوم الأول كعيد أو مناسبة اجتماعية سارة يحتفل بها المجتمع كافة كي نغرس في نفوس الصغار قيمة المدرسة، وقيمة العلم، ويبقى محملاً بذكريات وانطباعات إيجابية وسارة؟”. أهمية المشاركة الأسرية والمجتمعية ليس هناك أعظم وأنجح من تضافر الجهود المجتمعية مع جهود الأسرة فيما يصب في النهاية لصالح الأسرة والمجتمع معاً، بهذه العبارة توضح الأخصائية الاجتماعية موز المنصوري، أهمية دعم مؤسسات الدولة والمجتمع المدني للأم والأسرة كي تنهض بدورها ومسؤولياتها، فان كانت غالبية الأمهات تأخذ على كاهلهن رعاية الأبناء ومتابعتهم دراسياً بدءًا من اصطحابهم إلى المدرسة ومتابعة انتظامهم الدراسي، أو متابعة تحصيلهم لدروسهم، إما لغياب الأب، أو لطبيعة مشاغله ومسؤولياته، فان الأمر يبدو صعباً بالنسبة للأم العاملة أو الموظفة، ونظراً لأهمية حرص الأم على اصطحاب طفلها الذي يلتحق بالمدرسة لأول مرة، وقد تضطر للغياب التدريجي عنه خلال الأسبوع الأول، رويداً رويداً كي يعتاد ابنها المناخ المدرسي تدريجياً، وحتى يطلع التلميذ الصغير على مرافق المدرسة والصفوف والملاعب فيها، وكي يطمئن إلى ما سيجده، ويتعرف إلى المعلمة التي ستتولى أمر تعليمه، فضلاً عن إلمامه بالقوانين المدرسية ونظام اليوم الدراســي الطويل، دون أن ننسى ما تبذله من جهد في سبيل تحضيره مسبقاً ولمدة شهر على الأقل قبل المدرسة. فمن الممكن أن يقترح منح الأمهات العاملات ـ على أن تقدم ما يثبت أن لديها طفلاً يلتحق بالمدرسة للمرة الأولى ـ إجازة خاصة كإجازة الوضع ما بين أسبوع إلى عشرة أيام أو أسبوعين، مع بداية العام الدراسي، ومن الممكن اعتبار اليوم الأول من الدراسة يوماً وطنياً أو مناسبة اجتماعية سارة يحتفل بها المجتمع بأسره، مما يسهم في إعلاء شأن العلم والتعليم، وإرساء قيمته العليا بين نفوس الصغار وكافة أفراد المجتمع.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©