الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تأويلات هوليوود الإرهابية

تأويلات هوليوود الإرهابية
11 سبتمبر 2013 20:36
التقوا بدعوة من نادي الكتاب في صحيفة “الواشنطن بوست” في العاصمة الأميركية، للحديث في ندوة حول الحرب على الإرهاب. كانوا أربعة من مؤلفي أفضل الروايات مبيعاً في سوق النشر: جورج بيكر صاحب رواية “بوابة الاغتيال” Assassins Gate، راجيف ساندرشيكان مؤلف “حياة إمبريالية في مدينة إيميرالد” Imperial Life in the Emerald City وقد تحولت إلى فيلم سينمائي، ستيف كول صاحب رواية “حروب الشبح” Ghost Wars، وتوم ريكس مؤلف رواية “فياسكو” Fiasco. عقب الندوة جمعتهم طاولة عشاء ودار الحوار بينهم حول أفضل الكتب والروايات والقصص القصيرة والأعمال السينمائية التي كتبت، وأُنتجت عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. الوقت لا يزال مبكراً كان الكتاب الأربعة من الصحفيين الذين حولوا تقاريرهم الميدانية، عن الأحداث الخطيرة، إلى سرد مشوق جذاب غير خيالي، في كتب حول هجمات سبتمبر وما بعدها، بما في ذلك الحرب على أفغانستان وغزو العراق. وفي حوارهم عن أفضل الأعمال الروائية، والتي يمكن أن تتحول، أو تحولت، إلى أفلام سينيمائية، لاحظ أحدهم أن الوقت ربما لا يزال مبكراً، وأن أفضل روايات عن حرب فيتنام كتبت بعد سنوات من انتهاء تلك الحرب، مشيراً في هذا السياق إلى روايتي “الأشياء التي حملوها” لتيم أوبرين، وقد صدرت عام 1990، و”شجرة الدخان” لدينيس جونسون، وصدرت عام 2007. بعيداً عن حوار العشاء، ترى إريكا واجنر، المحرر الأدبي لمجلة “تايم” الأميركية، أن مثل هذه الأحداث المأساوية، والتي تصبح مصدر إلهام لأطياف رائعة من الخيال الأدبي، عادة ما تقود إلى تدفق فني، مشيرة إلى الحرب الأهلية الإسبانية وكيف ألهمت هيمنجواي في روايته “لمن تقرع الأجراس”، قصف مدينة “درسدن” الألمانية، وقد ألهمت خيال كوت فيتجوت لكتابة “منزل الذبح رقم 5”، ومعركة “بورودينو” عام 1812 التي حددت ملامح “الحرب والسلام” في رائعة توليستوي. تضيف واجنر أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر، هزت العالم، كما هزت الطريقة التي نفكر بها عن هذا العالم. ومن الطبيعي أن تكون مصدر إلهام لأعمال روائية وفنية، ولكن يبدو أن علينا الانتظار. وإذا نظرنا، على سبيل المثال، إلى أعمال الروائي البريطاني تشالرز ديكنز سنجدها، ورغم تصويرها لزمن معاصر وقتها، إلا أن ديكنز كان يستند في إبداعها إلى طفولته، أي أنه كتبها بعد مرور ما يقرب من 40 سنة، في حين أن هيمنجواي كتب “الحرب والسلام” بعد 50 عاماً من غزو نابليون لروسيا، في حين لم يكتب مايكل شارا رواية “قاتل الملائكة” إلا بعد 120 عاماً على معركة “جيتيسبرج” التي ألهمته كتابة الرواية. على الجانب الآخر من الأطلسي، وفي العاصمة البريطانية، يلتقط البروفيسور جون ساذرلاند، أستاذ الأدب الإنجليزي الحديث في جامعة لندن، الخيط حول أن الوقت لا يزال مبكراً على تحديد من يمكن أن يفوز بلقب صاحب أفضل رواية عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، مؤكداً أن العلاقة بين الخيال والأحداث الجارية قائمة لا شك، لكنها ليست كلعبة “البنج بونج”، حيث الاستجابة المباشرة لكل فعل. 12 عاماً ليست زمناً طويلاً في عالم الخيال المبدع. ويرى بروفيسور ساذرلاند أن الرواية، أو العمل الفني، الذي سيجيد تجسيد عصر الحادي عشر من سبتمبر، قد لا يكون له علاقة بالحدث نفسه، ولو من ناحية الحبكة الدرامية. الأصولي المتردد في الحوار الذي دار على العشاء، بين الكتاب الأربعة في واشنطن، ترددت عناوين روايات جسدت أحداث ذلك الصباح المشمس من سبتمبر، قبل 12 عاماً، والتي ألقت بظلال كثيفة السواد على كل يوم أطل على العالم بعدها. كان من بين العناوين التي ذكرت: رواية “اضطراب غريب على البلاد” A Disorder Peculiar to the Country، من تأليف كين كالفوس، وهي رواية تهكمية تستخدم السخرية و”النكتة” الملتوية لمعالجة أحداث يرى مؤلف الرواية أنها “ملتوية”، رواية “الرجل الهابط”Falling Man، وقد استلهم مؤلفها دون ديللو عنوانها من صورة فوتوغرافية التقطت لرجل يسقط من أعلى البرج الشمالي لمبنى مركز التجارة العالمي، “أطفال الإمبراطور” Emperor’s Children، وفيها تروي مؤلفتها كلير ميسود كيف أصبح ما كان يثير قلق الناس في “مانهاتن ـ نيويورك”، قبل سقوط البرجين، ماضياً بكل ما فيه من توافه أو عظائم أمور، “الكتابة على الحائط”، Writing on The Wall للين شارون شوارتز، كما ذكرت أيضاً رواية “الأصولي المتردد” The Reluctant Fundamentalist، لمؤلفها محسن حميد، والتي تتساءل عن الأسباب التي جعلت شاباً من باكستان، يهاجر إلى حلمه وحبه، الولايات المتحدة، لكن الحب سرعان ما يتحول إلى كره. أيضاً، وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، تضع أليزا كوهاري الناقدة الأدبية لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” رواية “الأصولى المتردد” على رأس قائمة الروايات التي نجحت، وإلى حد بعيد، في تجسيد صورة أكثر تعبيراً عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001. كتب محسن حميد هذه الرواية قبل الأحداث، لكنه عاد إلى إصدار نسخة منقحة ومزيدة منها في عام 2007. ترجمت الرواية إلى 25 لغة، من بينها اللغة العربية، وصدرت لها طبعة جديدة في مارس الماضي (3013)، عن دار نشر “مارينر”. تحولت الرواية إلى عمل فيلم سينمائي أخرجته الفنانة والمخرجة السينمائية، الهندية الأصل، الأمريكية الإقامة والعمل ميرا نير Mira Nair، ولفت أنظار النقاد في مهرجان فينيسيا السينمائي عندما عرض خارج مسابقة أفلام دورة العام الماضي، وبدأ عرضه تجارياً، داخل الولايات المتحدة وخارجها، في أبريل العام الجاري، وهو من إنتاج ليديا دين” وتمويل “مؤسسة الدوحة للأفلام” وتم تصويره في كل من لاهور، دلهي، إستنبول، نيويورك، وأطلانطا. يصنف النقاد فيلم “الأصولي المتردد” باعتباره “دراما سياسية مثيرة”. أدى الأدوار الرئيسية في الفيلم ريز أحمد (الممثل البريطاني الباكستاني الأصل)، كيت هدسون، ليف شريدر، وكيفر ساذرلاند. تدور الأحداث حول شخصية الشاب “تشانجيز” الباكستاني الطموح الحالم وهو يخطو باجتهاد على طريق تحقيق حلمه بالنجاح والرقي في حي المال والأعمال “وول ستريت” في نيويورك. لكنه يجد نفسه في موقف ربما يعرفه أو عاشه بعض المسلمين والعرب، داخل الولايات المتحدة، عقب أحداث ذلك اليوم المرعب الصادم الدامي، يوم انهيار مبنى مركز التجارة العالمي ببرجيه الشهيرين وإعلان واشنطن الحرب على الإرهاب. بين «لاهور» و«نيويورك» تبدأ الأحداث، في الفيلم، في لاهور ـ باكستان، حيث يجلس “تشانجيز” إلى طاولة مقهى شعبي على الرصيف، في صيف عام 2011، يحكي للصحفي الأميركي “بوب” ( الممثل ليف شرايدر) تجربته في الولايات المتحدة، ويعود إلى الخلف 10 سنوات. وعلى عكس التبويب السردي للرواية الأصلية، وطوال مدة العرض (128 دقيقة) يستند الفيلم إلى هذا الأسلوب السينمائي، العودة إلى الوراء (فلاش باك) والخروج من الحوار بين تشانجيز والصحفي والذهاب بعيداً، والعودة إليه مرة ومرات، فتتوفر حرية التنقل في كل من الزمان والمكان ونكون أمام إيقاع سلس يروي لنا الحكاية بثراء بصري وحوار سينمائي ممتع خلاب ومؤثر. في العودة إلى الوراء، نرى الشاب “تشانجيز” المهاجر حديثاً إلى الولايات المتحدة، والمتخرج في جامعة برينستون في نيويورك، ويعيش قصة حب مع “إريكا” الفتاة الأميركية التي تعمل مصورة، وقد بدأ هو أولى خطواته على طريق النجاح بأن حاز ثقة مدير إحدى الشركات الكبرى، الذي وجد فيه صفات تؤهله لوظيفة مرموقة (محلل استثماري) في هذه الشركة المتخصصة في شراء الشركات الضعيفة. ونفهم أن “تشانجيز”، وفي هذه الشركة، تعلم كيف يصبح بلا رحمة، ومتعصباً دولياً وإستراتيجياً لتعظيم الربح في عالم المال والأعمال، وخاصة وهو يتنقل مع مديره “جيم” (كيفر ساذرلاند) إلى مدن غير أميركية لعقد الصفقات الاقتصادية. وخلال وجودهما في رحلة عمل في الفلبين تقع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، نرى الرعب والحزن واضحاً على وجه “تشانجيز” وهو يتابع مشاهد ذلك اليوم على التلفاز، لكننا نلمح ما يشبه الابتسامة. في لاهور، وهو يروي تجربته الأميركية، بعد 10 سنوات من أحداث سبتمبر 2001، لا ينكر “تشانجيز” تلك الابتسامة العابرة لكننا نراه يقول لـ”بوب” الصحفي الأميركي: “لا تعتقد أنني كنت سعيداً لسقوط ضحايا أبرياء في ذلك اليوم. ولا أعتقد أنني كنت سعيداً لسقوط ضحايا أبرياء في العراق”. من الحب إلى الكره قبل 10 سنوات من لقاء المقهى في لاهور، وعند عودته مع مديره من الفلبين إلى الولايات المتحدة، وبسبب لون بشرته، على ما يبدو، يحتجزه رجال الأمن ويتم تفتيشه بشكل دقيق جداً وبه الكثير من الإهانة والإذلال. يستجوبه رجال الـ”سي آي إيه”، والتحقيقات الفيدرالية، وبشكل منهك يثير انفعاله من ذلك الذي يحدث معه، دون ما سبب، ويفجر بداخله بوادر تحول في نظرته إلى المجتمع الجديد الذي أحبه وسعى إليه، لكن يبدو أنه كان حباً من جانب واحد وأن “الآخر” لا يبادله الحب، ويبدو أنه يكرهه. يطلقون سراحه لكنهم يعودون مرة أخرى إلى اعتقاله أثناء سيره في شارع في نيويورك، بسبب مكالمة هاتفية من مواطن مجهول عن “شخص آخر يبدو من ملامحه أنه باكستاني أوهندي يثير الشغب في الشارع”. يشعر الحالم أنه قد تحول إلى مطارد مشتبه به وقد عادوا إلى استجوابه في تهمة لا علاقة له بها. يطلق سراحه مرة أخرى ويعود إلى عمله لكنه يقع تحت وطأة قسوة المدير الذي يراه وكأنه أصبح غير منتبه وغير متحمس كما تعود أن يكون، وقد أطلق لحيته، ربما على سبيل التحدي. يلتقي حبيبته فيلحظ تغيراً بفعل عودتها إلى التفكير في حب قديم استيقظ. يسافر إلى إستنبول في رحلة عمل وهناك يفكر ويقارن ما بين الحلم الذي كان، والواقع الذي أصبح عليه، ويقرر العودة إلى باكستان. ويكون قد التقى صدفة، في المدينة التركية مع شخص بدا على صلة بمجموعة جهادية. مطارد في الوطن في لاهور يصبح “تشانجيز” مدرساً يبث في تلاميذه روح مقاومة الحلم الأمريكي ويحفزهم بحلم بديل، الحلم الباكستاني المتمسك بالجذور والأصول. يظن “البعض” من حوله، أن بالإمكان ضمه إلى “الجهاديين” لكنه يتردد ويحجم. في لاهور، وقبل لقاء المقهى الشعبي مع الصحفي الأميركي، نتابع عملية اختطاف لأكاديمي أميركي تجرى على خلفية ضوضاء موسيقى وطبول ومشاهد فولكلورية باكستانية، تغطي على وقائع هذه العملية المثيرة. قبل لقاء المقهى، وأثناء مكالمة هاتفية بينه وبين الصحفي، يتبين أن الأخير على اتصال بأجهزة استخبارات أميركية تظن أن لتشانجيز، المسجل لديها، على علاقة بالمجموعة التي نفذت عملية اختطاف الأكاديمي الأميركي في لاهور. وخلال الحوار على طاولة المقهى الشعبي يتبين أن الصحفي الأميركي مجهز بأدوات تجعل اللقاء مسجلاً بالصوت والصورة لدى الأجهزة الأميركية، وتجعل عملية الاختطاف الحديثة تسير في خط درامي موازٍ، لما جرى مع “تشانجيز” في الولايات المتحدة، ويتصاعد هذا التوازي عندما يبدأ الصحفي في استدراج “تشانجيز” الذي يبدو وكأنه لا يزال مطارداً في وطنه، في محاولة للوقوف على علاقته بعملية الاختطاف. وتبدو مخرجة العمل، وكأنها تقول لنا: إن الموضوع لا يتعلق بالماضي القريب فحسب، أو بتلك الأحداث التي قلبت عالم “تشانجيز”، وأحلامه، رأساً على عقب، بل بالحاضر المعاش أيضاً، وبالأحداث التي لا تزال تقلب الحياة رأساً على عقب، وفي أماكن متفرقة من العالم الذي أصبح بعد أحداث سبتمبر 2001، غير ذلك العالم الذي كان قبلها. أسرار وأكاذيب ووقائع ما جرى كثيرة هي الكتب الوثائقية التي تناولت هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وما تلاها من حروب شنت تحت عنوان “الحرب على الإرهاب”. يتصدر مثل هذه المؤلفات، والتي تعد مرجعاً ومصدراً لكثير من الأعمال الوثائقية والتسجيلية، السينمائية، كتاب “500 يوم: أسرار وأكاذيب في حروب الإرهاب” لمؤلفه كيرت إيكنوولد. ورغم صدور الكتاب في سبتمبر الماضي (2012) إلا أنه لا يزال يتصدر قائمة أفضل المبيعات لهذا العام. يقع الكتاب في 640 صفحة ويقدم تحليلاً معلوماتياً يستند إلى مصادر خاصة مطلعة ووقائع ووثائق تشير، من بين أمور أخرى، إلى أن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، سبقتها سلسلة من التحذيرات الاستخباراتية كان الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الابن، ومستشارته للأمن القومي، كونداليزا رايس، على علم بها منذ بدايات صيف ذلك العام. يتضمن الكتاب أيضاً أسرار ما كان يجري وراء كواليس الحكم في كل من البيت الأبيض، في واشنطن، ومقر رئاسة الحكومة البريطانية في لندن، من ترتيبات، يصفها الكتاب بأنها تآمرية، هدفها تهيئة المسرح الدولي للهجوم على العراق. إضافة إلى فصول أخرى عن معسكرات تدريب تنظيم القاعدة، عمليات التعذيب والاستجواب التي كانت موكلة إلى دول أخرى مثل مصر، السجون السرية، والكثير من التفاصيل عن كيف كانت القرارات تتخذ، في كل من واشنطن ولندن، بدوافع يصفها المؤلف بأنها دوافع خوف وكراهية وريبة مرضية، أوجدتها هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. من بين المؤلفات أيضاً ما يسعى إلى تقديم رؤية شاملة لما حدث، كيف أمكن حدوثه، من كان وراءه، وماذا كان بالإمكان فعله وقت أن حدث، وعقب حدوثه، مثل كتاب “اليوم الحادي عشر: القصة الكاملة لـ 9/11 وأسامة بن لادن”، وفيه يلقي أنتوني سومرز وروبين سوان نظرة واسعة الزاوية على الهجمات وما تبعها، تتفحص الشخصيات وراء المخطط الإرهابي، أخطاء أجهزة الاستخبارات الأميركية، مسيرة الحرب على الإرهاب التي أعقبت الهجمات، والمناطق الرمادية الغامضة في تقرير لجنة تقصي الحقائق في تلك الهجمات. كما ظهرت في سوق النشر بعض مؤلفات تعني بالأضرار البيئية والتأثير البيئي السام على المتضررين، وخاصة من جراء الغبار الناجم عن تحطم مركز التجارة العالمي، ومن بين هذه النوعية من الإصدرارات كتاب “غبار: القصة الكاملة من الداخل عن دوره في تداعيات 11 سبتمبر”، لمؤلفه بول لوي، أستاذ علوم البيئة في الجامعات الأميركية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©