الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والهند... تعزيز الشراكة العسكرية

4 سبتمبر 2012
الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند كان ينبغي أن تكون شراكة مقدسة: فالأولى هي أكبر منتج للأسلحة في العالم، والثانية تعد من ضمن أكبر مستوردي الأسلحة الدوليين. ولكن إرث عقود من عدم الثقة بين البلدين، مقروناً مع استمرار الحواجز التي تضعها أميركا في وجه نقل تقنية التسليح إلى الهند، ما زالا يعرقلان تجارة الأسلحة بين الحليفين، اللذين وصف الرئيس أوباما الشراكة بينهما بأنها "واحدة من الشراكات التي سيتم تعريف القرن الحادي والعشرين من خلالها". فبعد انقضاء عام على الضربة القاصمة الناتجة عن خسارة الولايات المتحدة للعقد الضخم البالغ 12 مليار دولار، الذي كانت الهند ستشتري بموجبه منها 126 طائرة مقاتلة، تولي واشنطن في الوقت الراهن هموم نيودلهي اهتماماً أكبر من ذي قبل. فمن المعلوم أن العديد من المشكلات القائمة بين البلدين ترجع إلى التأثيرات الناتجة عن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الهند في أعقاب تجاربها النووية، وهي عقوبات جمدت عملية المشاركة التقنية بين البلدين. وقال "آشتون كارتر" نائب وزير الدفاع الأميركي خلال زيارة قام بها للهند في يوليو الماضي: "نريد أن نحطم جميع الحواجز البيروقراطية القائمة أمام تطوير علاقتنا العسكرية، ونزيل كافة العقبات التي تعترض طريقها". وقد كُلف "كارتر" في الآونة الأخيرة بتولي مهمة تعزيز العلاقات التجارية في المجالات الدفاعية ونقل تقنية الصناعة العسكرية إلى الهند. وهو يقول إن حكومة الولايات المتحدة قد بدأت في مراجعة ضوابط التصدير الصارمة التي تعوق المشاركة بين البلدين في التقنيات التسليحية المتقدمة. وقال في هذا السياق أيضاً: "نحن نثق في الهند ونعرف أنها لن تقوم بإعادة تصدير التقنية إلى دول أخرى" وأضاف: "ونحن نريد التحرك فيما وراء التجارة في المواد العسكرية، بحيث نصل إلى تعزيز مجالات الأبحاث والتطوير والإنتاج المشترك مع الهند". والهند الذي ترقب بحذر تنامي الصناعة العسكرية والحشد العسكري الصيني، تقوم في الوقت الراهن بتنفيذ برنامج طموح للحصول على المعدات والتقنية العسكرية المتطورة -بتكلفة تصل إلى 100 مليار دولار خلال فترة يمكن أن تزيد عن عقد- واستبدال ترسانتها من المعدات والأسلحة العتيقة الطراز التي يعود معظمها للحقبة السوفيتية، والحصول على مقاتلات نفاثة حديثة، وطائرات دوريات بحرية، وعربات قتال مشاة، ومروحيات، وبنادق هجومية، وغواصات، ودبابات. وبالإضافة إلى ذلك ترغب الهند في الحصول على فرصة لتطوير خبراتها في الصناعات الدفاعية في كل مرة تشتري فيها معدات وأسلحة عسكرية من دولة أجنبية، كي تصبح قادرة على الاعتماد على نفسها في هذا المجال في المدى الطويل، وهو جهد تحاول الولايات المتحدة في الوقت الراهن المساعدة فيه. ومصنع الأسلحة المقام في وسط منطقة زراعية رعوية هنا في "أديباتلا" الواقعة خارج مدينة حيدر آباد الهندية الجنوبية يعد نموذجاً للكيفية التي يمكن من خلالها بناء الثقة، وتعزيز السمعة والشراكة بين الولايات المتحدة والهند -كما يقول المسؤولون الأميركيون والهنود. ففي هذا المصنع تتعاون شركة لوكهيد مارتن الأميركية العملاقة المتخصصة في صناعة الطائرات وشركة "تاتا الهندية للصناعات المتقدمة" ذائعة الصيت، في إنتاج الأجزاء المكونة لأجنحة وأقسام الذيل الخاصة بطائرة النقل الأميركية العملاقة "سوبرهركيولز". وفي موعد سابق من هذا الشهر أنتج المصنع 6 قطع من أجزاء أجنحة الطائرات في الهند وسيتم إرسالها للتجميع في الولايات المتحدة. وفي مقابلة له قال "أبهاي بارانجيب" المسؤول التنفيذي -الهندي الجنسية- في شركة "لوكهيد مارتن للصناعات الفضائية": "إن الهند تعتبر من الأسواق النامية بالنسبة لشركتنا، ومن خلال تثبيت أقدامنا الصناعية العسكرية فيها فإننا نريد أن نقول إننا لسنا هنا كي نبيع بضاعتنا ثم نهرع خارجين. فنحن مشاركون بكل إمكانياتنا في اللعبة ونريد أن نقول إننا قد جئنا هنا كي نبقى". يشار إلى أن التجارة في مجال المواد الدفاعية بين الولايات المتحدة والهند قد نمت من صفر تقريباً إلى ما يقرب من 8 مليارات منذ 2005 وهو ما مثل تحولاً كبيراً من جانب الهند نحو شراء الأسلحة والمعدات الأميركية. وعلى رغم ذلك ما زالت روسيا هي المصدر الرئيسي للأسلحة للهند حتى اللحظة الحالية في حين تتنافس كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على المركز الثاني. وللحصول على الخبرة في مجال التقنيات العسكرية تحتاج الهند إلى ما يقدر بـ30 في المئة من قيمة جميع العقود الدفاعية التي تصل قيمتها على أقل تقدير إلى 55 مليار دولار، وذلك من أجل ضخها مرة ثانية في قطاع الصناعات العسكرية الهندية. ولكن شركات الأسلحة والمعدات العسكرية الأجنبية، ترى أن ذلك الشرط سيقيد عملها إلى حد كبير، وترى أن الشركات الهندية العاملة في مجال الصناعات العسكرية صغيرة وليس في مقدورها استثمار هذه النسبة الكبيرة من إجمالي مبلغ العقود الدفاعية. وأمام شكاوى تلك الشركات، وافقت الهند على تخفيف شروط تلك السياسة للسماح للشركات الأجنبية بقدر أكبر من حرية الحركة والتصرف في استيفاء هذا الشرط، وذلك من خلال السماح لها بالاستثمار في مجال الطيران المدني، والأمن الداخلي، والتدريب العسكري، إلى جانب استثماراتها في المجال العسكري الصرف. وقد حث الخبراء العسكريون الأميركيون كذلك على زيادة نصيب المستثمر الأجنبي في أي مشروع صناعي عسكري عن النسبة الحالية التي لا تتجاوز 24 في المئة من قيمة المشروع، وقالوا إن المغالاة في الشروط تدفع الشركات الأجنبية إلى الاكتفاء بتسديد الخانات، والالتزام بالشروط شكلياً، مع الامتناع عن أي نقل حقيقي للتقنية والخبرة والمعرفة الفنية في مجال الصناعات الدفاعية. راما لاكشمي أديباتلا (الهند) ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©