الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العمال الكردستاني... موجة تصعيد جديدة

4 سبتمبر 2012
لمدة ثلاثة أسابيع تقريباً خاض الجيش التركي، ورجال حرب العصابات الأكراد، واحدة من أطول المعارك -بحسب خبراء- في تاريخ الصراع بينهما، المتواصل منذ عقود. وعادة ما يشن رجال العصابات هجمات خاطفة في الصيف والخريف، ولكن المعارك التي خاضوها هذا الصيف ضد القوات التركية، كانت طويلة وشرسة بشكل غير معتاد. وقد اتخذت الصدامات مغزى جديداً ومختلفاً هذه المرة بسبب الصراع الدائر في سوريا المجاورة، التي يشكل الأكراد نسبة كبيرة من سكانها. وكان أكراد سوريا قد حققوا مكاسب مهمة في الشهور الأخيرة، مستفيدين من ظروف الانتفاضة هناك ضد نظام الأسد منذ ما يزيد عن 18 شهراً، وهي مكاسب يقول الخبراء إنها ربما تحرض بعض متمردي أكراد تركيا وتدفعهم لخوض معارك أكثر عنفاً. ومن المعروف أن حزب العمال الكردستاني يخوض حرباً ضد الدولة التركية منذ 1984، وأنه مصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وتركيا بالطبع. وقد لقي ما يقرب من 40 ألف شخص مصرعهم في القتال الذي يخوضه مقاتلو الحزب الذين ينشطون في الجزء الجنوبي الشرقي من البلاد، زاعمين أنهم يتبنون قضية الأكراد ويطالبون بالحصول على حقوقهم الثقافية، وكذلك يطالبون بالإفراج عن عبدالله أوجلان زعيم الحزب المأسور منذ عام 1999. وفي الأسابيع الأخيرة، اتهمت الحكومة التركية حزب العمال الكردستاني بإحياء صِلاته القديمة مع الحكومة السورية فيما يراه الكثيرون صراعاً إقليمياً متنامياً. والتفاصيل الخاصة بتلك الصلات قليلة وقد تكون سطحية إلى حد كبير، ولكن الجيش التركي أنهى في منتصف أغسطس عملية عسكرية ضد المقاتلين الأكراد، الذين كانوا قد احتلوا بعض المواقع في مقاطعة هكاري الواقعة شرق تركيا بالقرب من حدودها مع إيران والعراق، وأقاموا نقاط تفتيش على الطرق العامة، ما دفع الجيش التركي للرد بقوة. ووفقاً لساسة أكراد محليين، فقد توقف المسلحون الأكراد عن معارك الكر والفر التقليدية التي كانوا يخوضونها، وحاولوا بدلاً من ذلك الاحتفاظ بسيطرتهم على المناطق الواقعة حول مقاطعة هكاري في تكتيك جديد للقتال ضد الجيش التركي. وقبل أن يبدأ القتال في هكاري بوقت ليس بالطويل، كانت القوات السورية الحكومية قد غادرت عدة مدن وقرى كردية على امتداد الحدود مع تركيا، وتركتها تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، وهو ما أتاح للأكراد السوريين الفرصة للتحكم فعلياً في أجزاء من الحدود مع تركيا الأمر الذي أثار انزعاج حكومتها إلى حد كبير. يشار إلى أن الأكراد السوريين عملوا على النأي بأنفسهم عن الانتفاضة ضد نظام الأسد. ولكن الحكومة التركية تقول مع ذلك إن الأكراد في سوريا، في حقيقة الأمر، يتعاونون مع دمشق للحصول على أقصى منفعة ممكنة من الوضع هناك. فمنذ فترة مبكرة من الصراع، قدم نظام الأسد لأكراد سوريا تنازلات للحيلولة بينهم وبين الانضمام للمعارضة -كما يقول المراقبون. وفي هذا المقام قال مسؤول تركي اشترط عدم ذكر اسمه: "لقد ترك الجيش السوري بعض المواقع في المناطق السورية التي تسكنها أغلبية كردية، وهو ما يظهر بوضوح وجود تعاون بين الطرفين". وفي حين يمكن لأكراد تركيا أن يجدوا بعض التحريض في المكاسب التي حققها أكراد سوريا، إلا أن الحقيقة هي أن الموقف في البلدين يختلف اختلافاً بيناً. فأكراد سوريا -كما يرى المحللون- تمكنوا من تحقيق تلك المكاسب لأسباب من أهمها أن الحكومة السورية كانت بحاجة لإرسال قواتها المتمركزة في المناطق ذات الأغلبية الكردية إلى مدينة حلب التي مزقتها المعارك لمواجهة مقاتلي المعارضة هناك، كما يقول "جوردي تيجيل" الخبير التركي في معهد الدراسات الدولية والتنموية بجنيف. وأكد "تيجيل" أيضاً إنه: "كان بإمكان حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الاعتماد على تواطؤ الحكومة حتى الآن. ولكن هذا الوضع لن يحدث أبداً في تركيا... كما أن المناطق التي تطلق عليها صفة محررة في سوريا ذاتها تعتبر هشة إلى حد كبير". وفي الوقت نفسه تواصلت الاشتباكات اليومية تقريباً في مقاطعة هكاري. ومن جانبه قال "عبد الله أوصلو" الخبير التركي في شؤون الإرهاب: "عندما يفكر مسؤولو حزب العمال الكردستاني في المكاسب التي حققها حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي قد يعتقدون أنهم قادرون على تحقيق مكاسب مماثلة في تركيا". ويتهم الأتراك حزب العمال الكردستاني بشن الهجوم الذي وقع في مدينة "غازي عنتاب" المتاخمة لسوريا في العشرين من أغسطس الماضي ما أدى إلى مصرع 10 أشخاص، ولكن الحزب تنصل من مسؤوليته عن العملية. وقال "روج ويلات" المتحدث باسم مسلحي حزب العمال الكرستاني، الذين يخوضون القتال في تركيا، إن هؤلاء المسلحين كانوا يحاولون طرد القوات الحكومية من الجزء الشرقي من البلاد. وفي شهر أغسطس الماضي اختطف مقاتلو حزب العمال الكردستاني عدداً من الجنود واثنين من أعضاء البرلمان، وبعد فترة من الوقت أفرجوا عن البرلمانيين دون أن يمسهم سوء. ولكن "ويلات" حذر، مع ذلك، من أن مقاتلي الحزب سيستمرون في استهداف ممثلي الحكومة التركية. "إن جميع الناس الذين يعملون للدولة التركية ولحكومتها في المنطقة الكردية يجب أن يتركوا عملهم ويعودوا إلى بيوتهم، وإلا فإننا نمتلك كامل الحق في القبض على جميع الذين يعملون لصالح الدولة التركية واستجوابهم" كان هذا ما قاله "ويلات" من خلال محادثة تليفونية أجراها من قاعدة لحزب العمال الكردستاني تقع في شمال العراق. جاستن فيلا إسطنبول ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©