الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

&quotالأبيض&quot المنتخب العربي الثاني الذي يواجه فلسطين بتصفيات المونديال

9 سبتمبر 2015 22:25
محاولات تزييف التاريخ الرياضي الفلسطيني تصطدم بمنطق "التاريخ والجغرافيا" عبدالله القواسمة (أبوظبي) تخطى الكثير من المهتمين خلال الأيام الماضية، وفي خضم تعليقاتهم على مباراة المنتخب الوطني لكرة القدم وشقيقه الفلسطيني التي جرت على ملعب فيصل الحسيني ضمن تصفيات كأس العالم مساء الثلاثاء الماضي، أن هذه المباراة ليست الأولى للمنتخب الفلسطيني على أرضه مع منتخب عربي في هذا الاستحقاق، بعدما سبق له وأن واجه نظيره المنتخب المصري في تصفيات مونديال “1934"، وهي المواجهة التاريخية التي كانت عرضة للتشويه من قبل إسرائيل طوال العقود الماضية، حيث كانت وما تزال تصر على أن "منتخبها الوطني" هو الذي خاض هذه المباراة عبر أدلة كانت وما تزال تسوقها وأقنعت من خلالها الاتحاد الدولي لكرة القدم بإدراج هذه المباراة ضمن تاريخ مشاركتها بتصفيات المونديال، لكنها أي الدلائل ليست سوى محاولة للسطو على التاريخ الرياضي الفلسطيني وبالتحديد رياضة كرة القدم التي عرفت طريقها إلى المدن الفلسطينية منذ مطلع القرن الماضي. وتكمن أهمية مواجهة الأبيض مع فلسطين في أنها الثانية التي تجمع المنتخب الفلسطيني على أرضه مع منتخب عربي بالتصفيات بعد "81" عاماً على مواجهة مصر، في حين أنها الرابعة التي يخوضها المنتخب الفلسطيي على أرضه بشكل عام في هذا الاستحقاق بعدما سبق له استضافة المنتخب الافغاني يوم الثالث من يوليو عام “2011” لحساب الدور الأول من تصفيات مونديال البرازيل عام 2014 ثم المنتخب التايلندي يوم "28” يوليو من العام نفسه بالدور الثاني من ذات الاستحقاق. ويمكن اختصار قصة فلسطين مع تصفيات "1934” بخوضها مباراتين أمام المنتخب المصري ذهاباً وإيابا حيث كان النظام يقضي بأن يتأهل الفائز من مجموع المباراتين إلى النهائيات التي أقيمت في إيطاليا صيف العام نفسه، إذ التقى المنتخبان بداية بالقاهرة يوم 16 مارس 1934 وفاز حينها المنتخب المصري بنتيجة "7-1” قبل أن يقام لقاء الإياب على ملعب البصة بمدينة يافا بتاريخ 6 أبريل "1934” وخلصت أيضاً لمصلحة المنتخب المصري بنتيجة "4-1”، علماً بأن بعض الروايات تشير إلى أن لقاء العودة جرى في مدينة القدس. ولتناول هذه القضية بالتمحيص لا بد من الإشارة بداية إلى وجود رأيين تاريخيين متضادين، الأول يؤكد أن من واجه المنتخب المصري بتصفيات "1934” هو المنتخب العربي الفلسطيني وهذا ما كان يشير إليه الصحافي والمؤرخ الرياضي الأردني الراحل سليم حمدان في العديد من الموضوعات التي نشرها إبان عمله الصحفي الذي إمتد على مدار أكثر من أربعين عاما، أما المؤرخ الرياضي الفلسطيني عصام الخالدي فيؤكد أن هذا المنتخب (الفلسطيني) كان قوامه من اللاعبين الإنجليز واليهود الذين سيطروا على "جمعية فلسطين لكرة القدم" الممثل الشرعي لكرة القدم الفلسطينية آنذاك، لذلك فإن التساؤل الأول الذي يبرز عند الحديث في هذه القضية، هل هذا المنتخب الذي واجه مصر مثل فلسطين أم "إسرائيل" الكيان الذي لم يكن موجوداً على الخريطة؟. ولمعرفة ذلك يجب بداية سرد الظروف التي ساهمت في تشكيل المنتخب الفلسطيني الذي واجه المنتخب المصري، فالمراجع الإسرائيلية تذكر أسماء اللاعبين الذي شاركوا في هذه المباراة بالتفصيل، في حين لا يوجد أي مرجع عربي أو فلسطيني يشير من قريب أو بعيد إلى أسماء اللاعبين الفلسطينين الذين خاضوا المباراة، علماً بأن الاتحاد الوطني الفلسطيني الذي انبثق عنه هذا المنتخب كان قد تأسس في صيف عام "1928” وتم الاعتراف به بناء على شروط الاتحاد الدولي "فيفا" حينها والقاضية بأن تضم أعضاء من العرب أصحاب الأرض بحسب ما يؤكده المؤرخ عصام الخالدي، وهنا يجب وضع خطين أحمرين تحت إسم الاتحاد "جمعية فلسطين لكرة القدم" الذي أشار حينها إلى فلسطين العربية وليس "إسرائيل" التي لم تكن موجودة ككيان حينها، لكن ما جرى بعد ذلك كان عبارة عن محاولات إسرائيلية دؤوبة لطمس هذه الحقيقة، علماً بأن إسرائيل ظهرت ككيان بعد ذلك بعشرين عاماً وتحديداً في مايو عام 1948. إذا فالمواجهة التي جمعت المنتخب الفلسطيني مع المصري بتصفيات "1934” هي مواجهة عربية بإمتياز، إذا ما أخذنا في عين الاعتبار إسم الاتحاد الذي إنبثق عنه هذا المنتخب، لكن ما يتم تناوله في العديد من المراجع الإسرائيلية أن كافة لاعبي المنتخب الفلسطيني آنذاك كانوا من اليهود حتى أن أسماء الذين سجلوا الأهداف لمنتخب فلسطين كانوا يهوداً مع التأكيد على وجود فارق كبير بين كلمتي "يهودي" و"اسرائيلي" فالأولى تدل على الديانة، أما الأخيرة فتدل على القومية أو الكيان الذي لم يكن موجود حينها. الراحل مصطفى كامل منصور حارس مرمى مصر عام "1934” كان قد أجرى لقاء صحفياً عام 1998 قال فيه: "يوم 16 آذار مارس 1934 كان موعد المباراة الاولى بين مصر وفلسطين في تصفيات كأس العالم وكانت المباراة الاولى لمصر والفرق العربية في تاريخ المونديال وللأسف ضمت تشكيلة الفريق الفلسطيني تسعة لاعبين من اليهود واثنين فقط من العرب ومعهم المدرب اليهودي شيمون لوميك وأدار المباراة حكم انكليزي يدعي ويلز وفزنا بسهولة 7-1”. التصريح السالف يؤكد أن المنتخب المصري عندما وافق على مواجهة المنتخب الفلسطيني لم يكن يدري حينها أن عدد من لاعبيه هم من اليهود، مع ملاحظة أن المراجع الاسرائيلية تشير إلى أن قائمة اللاعبين الذي شاركوا في هذه المباراة تضم "14" لاعباً يهودياً، أي أن عدد اللاعبين الاحتياط في قائمة هذا المنتخب كان ثلاثة فقط وهذا أمر غير معقول، وفي ظل وجود تساؤل منطقي يفرض نفسه، هل هذا العدد الكبير من اللاعبين اليهود (بحسب المراجع الإسرائيلية) في صفوف المنتخب أضفى عليه شرعية تمثيل إسرائيل التي لم تكن موجودة آنذاك؟، فيما يؤكد تصريح مصطفى كامل منصور على أهمية اللقاء الذي خاضته مصر بوصفه أول لقاء عربي بتصفيات المونديال وفي هذا دلالة كبيرة على الأهتمام الكبير الذي كانت تحظى به هذه المباراة "العربية" آنذاك. ثاني التصريحات التي تدحض الإدعاءات الاسرائيلية ما أدلى به اللاعب الفلسطيني عبدالرؤوف الأصفر قبل رحيله في أبريل عام 2012 في حديث خاص مع الصحفي هشام ساق الله نقله الأخير في مدونته الشخصية، إذ يقول هشام ساق الله : "جلست الى جانبه وواصلنا الحديث عن الرياضه ويافا وشوارعها وذكريات شبابه وحينها ابلغني انه كان ضمن تشكيلة المنتخب الفلسطيني الذي لعب ضد مصر عام 1934 ضمن تصفيات كاس العالم وفاز في اخر مباراة المنتخب المصري 7-1 حيث نجح هو في إحراز الهدف الوحيد في المباراة وكان يلعب ضمن الفريق مجموعة من اليهود الفلسطينيين". نأتي الآن على الصورة كدليل ملموس على صحة الإدعاءات الإسرائيلية أو زيفها، فالأرشيف الإسرائيلي لا يحتوي على أي لقطة جامعة للمنتخب الذي خاض مباراة فلسطين، في حين يتضمن صورة واحدة لم يتم التأكد من صحتها يظهر فيها قائد هذا المنتخب مذيلة بإسمه اليهودي وهو يصافح كابتن المنتخب المصري آنذاك محمود مختار، علماً بأن الذي التقط هذه الصورة لم يكن يحول بينه وبين التقاط صورة جماعية لكلا المنتخبين أي شيء، خاصة وأن هذه الصورة كانت ستحمل مضامين تاريخية مهمة، إلا إذا كانت الصورة مزيفة أو أن تكون قائمة المنتخب تضم عدداً لا بأس به من اللاعبين العرب الذين لا ترغب اسرائيل في الافصاح عنهم. بعيداً عن جميع ما سبق ذكره فإن الراحل سليم حمدان الصحافي والمؤرخ الأردني كان قد أكد وفي أكثر من مناسبة أن جميع الروايات الإسرائيلية بخصوص هذه المواجهة هي محض هراء، فسليم حمدان ظل مصراً حتى آخر سني عمره أن المباراة لم يخضها أي لاعب يهودي، بل أن كافة اللاعبين كانوا من العرب الفلسطينيين، مدعماً روايته هذه بصورة يظهر فيها فريق يرتدي لاعبوه اللون الأبيض الكامل وطبع على ستراتهم علم فلسطين بشكل واضح، مع الإشارة إلى أن الصورة لا يوجد لها أي نسخة إلكترونية ولم يتم التأكد من صحتها من أية مراجع فلسطينية وكان قد زودنا بها قبل رحيله. النقطة الأخيرة التي تؤكد على وجود عملية تزوير ممنهجة من قبل إسرائيل تتمثل في هوية الملعب الذي احتضن اللقاء، فكافة المؤرخين الذي واكبوا تلك الفترة الزمنية أكدوا على عدم وجود ملعب يحمل إسم هابويل والذي يدعي الارشيف الاسرائيلي وجوده آنذاك في تل أبيب، ففي عقد الثلاثينات من القرن الماضي كان هنالك ملعبين معتمدين لإقامة مباريات الدوري الفلسطيني هما ملعب القدس إلى جانب ملعب البصة في مدينة يافا المدينة العربية المتاخمة لتل أبيب حالياً، إذ لم يكن لمدينة "تل أبيب" العاصمة الحالية للكيان الصهيوني أي وجود بل كانت عبارة عن بؤر إستيطانية لم ترق بنيتها التحتية إلى استضافة مباراة بتصفيات كأس العالم. أخيراً وليس آخراً ستبقى قضية مباراتي فلسطين ومصر بتصفيات المونديال تراوح مكانها إلى أن يظهر دليل ملموس يؤكد زيف الإدعاءات الاسرائيلية بشكل نهائي، ذلك لأن التاريخ يرفض أن يسجل مواجهة جمعت منتخباً عربياً مع إسرائيل التي لم تكن موجودة على الخارطة آنذاك. سجلات ضد التاريخ ـ تشير سجلات الاتحاد الدولي أن تأسيس الاتحاد الإسرائيلي تم في عام 1928 ونال الاعتراف الدولي عام 1929 في حين أن إعلان قيام "إسرائيل" أعقب هذا الاعتراف بـ "19” عاماً وهذا وحده يثير تساؤلًا صارخاً متى كان اتحاد وطني لكرة القدم ينال الاعتراف الرسمي قبل اعلان دولته أو استقلالها والاعتراف بها من قبل العالم بعقدين؟. ـ الاتحاد الدولي عمد إلى الخروج من السجال الحاد ما بين المؤرخين العرب والإسرائيليين حول هذا اللقاء بالإشارة إلى أنه جرى تحت الوصاية البريطانية، فأرشيف المواجهات الفلسطينية والمصرية في موقع الفيفا يشير إلى فلسطين بعبارة "فلسطين تحت الانتداب البريطاني"، لكن عند البحث عن تاريخ المواجهات الإسرائيلية بتصفيات المونديال تظهر لك هاتين المواجهتين ضمن سجلاته وبالتالي فهي تدخل ضمن إحصائيات مشاركاته بالتصفيات. شرح صورة الصورة رقم 1 : الصورة من أرشيف الراحل سليم حمدان والذي يؤكد أنها للاعبي المنتخب الفلسطيني الذين واجه المنتخب المصري بتصفيات 1934. الصورة 2 : مصطفى كامل منصور حارس مرمى منتخب مصر عام 1934. الصورة : 3 : لقطة جامعة للمنتخب المصري الذي تخطى فلسطين بتصفيات 1934 وشارك في مونديال إيطاليا العام نفسه. الصورة 4 : من لقاء المنتخب الوطني لكرة القدم ونظيره الفلسطيني بتصفيات مونديال روسيا 2018 الذي جرى مساء الثلاثاء على ملعب فيصل الحسيني بمقاطعة الرام الكائنة شرق مدينة القدس (الصورة من أرشيف الجريدة).
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©