الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واشنطن... ونزع فتيل حرب كورية جديدة

واشنطن... ونزع فتيل حرب كورية جديدة
10 ديسمبر 2010 19:58
تثير سلسلة الاستفزازات العسكرية الكورية الشمالية خلال الشهور التسعة الماضية، تساؤلات حول القرارات التي اتخذتها واشنطن في العقد الماضي بشأن عدد جنودها المنتشرين في المنطقة الآسيوية-الباسيفيكية. وعلى رغم تشديد وزير الدفاع على أن تركز الولايات المتحدة جهودها على الفوز بالحروب التي تخوضها سلفاً، فإن على تكرار الاستفزازات العسكرية الكورية الشمالية مؤخراً أن يذكرنا بضرورة الاستعداد لحرب جديدة ربما بدأت نذرها تلوح في أفق شبه الجزيرة الكورية. فليس مستبعداً اندلاع حرب كهذه. فحتى الآن استجابت كوريا الجنوبية بكثير من الصبر والمسؤولية والانضباط لإغراق بيونج يانج لسفينة "شيونان" الحربية الكورية الجنوبية في شهر مارس الماضي، وكذلك لقصف بيونج يانج الأسبوع قبل الماضي لجزيرة يونج بايونج. لكن من المتوقع أن تقرر كوريا الجنوبية الرد العسكري على جارتها الشمالية في نهاية الأمر. وليس بالضرورة أن يؤدي الرد العسكري من قبل سيئول إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة. غير أنه وفي حال عجز بكين عن كبح جماح حليفتها الكورية الشمالية، فمن المرجح اندلاع حرب شاملة جديدة غير مرغوب فيها بين الكوريتين. وليس مستبعداً أن يكون الهجوم الكوري الشمالي المتعمد على المدنيين الجنوبيين آخر الاعتداءات الكورية الشمالية على جارتها الجنوبية. عليه، فإن أفضل وسيلة لتفادي نشوب حرب كهذه هي ردع الاستفزازات الكورية الشمالية المستقبلية. وعلى رغم الرسالة المهمة التي بعثت بها المناورات البحرية الكورية الجنوبية-الأميركية الأخيرة التي نفذت في مياه البحر الأصفر إلى قادة بيونج يانج، لما فيها من إظهار عزم واضح للتحالف الكوري الجنوبي -الأميركي، فإن من الواجب القول إن التغييرات السابقة التي أجريت على انتشار الجنود الأميركيين في المنطقة الآسيوية-الباسيفيكية، كانت لها نتائج عكسية تماماً للرسالة التي بعثت بها المناورات البحرية الأخيرة إلى قادة بيونج يانج العدوانيين. ففي بدايات العقد الماضي، كانت للولايات المتحدة قوة عسكرية قوامها 27500 جندي منتشرة في كوريا الجنوبية. ولكن تقلصت تلك القوة الآن إلى أقل من 20 ألف جندي، مع العلم أن غالبية الجنود الذين أعيد نشرهم فيما بعد كانوا من الجنود المقاتلين. بعبارة أخرى فقد تم إجلاء جنود المشاة والمدفعية والمدرعات تماماً من شبه الجزيرة الكورية في وقت اشتد فيه سعي بيونج يانج وعزمها على تطوير أسلحتها النووية، ودفع جارتها الجنوبية تدريجياً وببطء نحو الحرب بتكرار الاستفزازات العسكرية التي تستهدف أمنها الوطني. كما يجب القول إن سحب الجنود الأميركيين من مواقع الخطر على حياتهم -على الرغم من أن هذا لم يكن سبباً لإعادة نشر جنودنا بعد سحب بعضهم من كوريا الجنوبية- ليس إجراءً ملائماً لإظهار عزم واشنطن وثباتها في الدفاع عن أمن حليفتها الجنوبية في وجه عدو عنيد وقوي الشكيمة. وبالنتيجة فقد تضررت استراتيجية الردع كثيراً بسبب تلك التغييرات التي أجرتها واشنطن على نشر قواتها في المنطقة الآسيوية-الباسيفيكية. وتثير القلق نفسه الخطة المسماة بـ"خريطة الطريق اليابانية لتطبيق استراتيجية إعادة نشر القوات". وتسمح هذه الخطة بإكمال إعادة نشر القوات الأميركية الموجودة حالياً في جزيرة أوكيناوا والبالغ قوامها 8 آلاف جندي من جنود المارينز إلى جزيرة جوام بحلول عام 2014. وسوف يسعد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج إيل بابتعاد جنود المارينز الأميركيين كثيراً عن سواحل بلاده عند انتقالها إلى جزيرة جوام بدلاً من وجودها الحالي في جزيرة أوكيناوا. كما يسره كثيراً أن تضعف قدرة "قوة الانتشار البحري الثالثة" بسبب هذا الإجراء، فتعجز عن الاستجابة السريعة المطلوبة لأي أزمة دفاعية تحدث في منطقة شمال شرقي آسيا. وهذا ما يستلزم إلغاء "خريطة الطريق اليابانية" هذه. وعلى رغم صعوبة تجاوز العقبات السياسية المحيطة بإجراء الإلغاء، فإن من شأن تصاعد الاستفزازات العسكرية من قبل بيونج يانج أن تذلل عقبات إلغاء خريطة الطريق هذه. ولا بد من أن تبقى قوات المارينز المنتشرة في جزيرة أوكيناوا بعددها الحالي. وفي الوقت نفسه ينبغي للقادة العسكريين الذين يتولون التخطيط لنشر قواتنا، التفكير جدياً في إعادة نشر جزء من قوة الانتشار البحري السريع الأولى -قيادتها العامة في معسكر بندلتون حالياً- في المنشآت الحربية الجديدة التي أقيمت في جزيرة جوام حديثاً. ومما لا شك فيه أن زيادة عدد قواتنا البحرية في مياه تلك المنطقة، سوف يفتح عين الزعيم الكوري الشمالي المتنمر على آلاف الأسباب التي تدعوه إلى الحذر من مغبة الاستمرار في استفزاز الحليف الجنوبي لواشنطن. كما يجب زيادة عدد قواتنا المنتشرة في كوريا الجنوبية إلى مستوى يعادل ما كانت عليه في بدايات العقد الماضي على أقل تقدير. فليس في وسع الولايات المتحدة ردع حرب لم تستعد لخوضها والفوز بها ابتداءً. ومع انتشار عسكري أميركي يقل عن 20 ألف جندي في شبه الجزيرة الكورية، لا شك أن واشنطن ضعيفة الاستعداد لخوض نزاع كهذا، حتى وإن وقع العبء الأكبر منه على حليفتها الكورية الجنوبية، علماً بأنه يمكن أن يكون النزاع الأسوأ الذي تشهده ضفاف نهر يالو. وفيما لو قررت بكين التدخل العسكري لمنع وصول قوات التحالف الكوري الجنوبي-الأميركي إلى نهر يالو، فعندها سوف يتكشف مدى خطأ القرار الذي اتخذته واشنطن بخفض عدد قواتها المنتشرة في كوريا الجنوبية إلى أقل من 20 ألف جندي. ولكي نتفادى اندلاع حرب شاملة غير مرغوب فيها كهذه، فإن على واشنطن أن تستعد لخوض الحرب والفوز بها في حال وقوعها. مايكل مازا باحث في دراسات الدفاع والخارجية بمعهد «أميركان إنتربرايز» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©