الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بنك «الوقود النووي»... خطوة نحو حظر «الانتشار»

10 ديسمبر 2010 20:03
بعد سنوات من النقاشات المستفيضة وحملة مكثفة قادها المستثمر الأميركي ورجل الأعمال المشهور "وارين بافيت"لجمع الأموال الضرورية ، قررت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي إنشاء "بنك" لوقود اليورانيوم بقيمة 150 مليون دولار يهدف إلى الحد من انتشار المواد النووية الخطرة حول العالم. والحقيقة أن فكرة إنشاء البنك المذكور كانت رائجة لعقود طويلة، لكن المفهوم اكتسى بعداً استعجالياً في السنوات الأخيرة بعدما برز إلى السطح البرنامج النووي الإيراني، وتفجر الاهتمام العالمي بحيازة الطاقة النووية. ويضمن البنك حصول المحطات النووية في الدول المعنية على الوقود النووي دون الحاجة إلى تخصيبه داخلياً، وبالتالي استبعاد أي احتمال لتحويل الوقود إلى استخدامات عسكرية، لا سيما وأن أجهزة الطرد المركزي التي تنتج الوقود متدني التخصيب تستطيع في الوقت نفسه رفع درجة التخصيب ليستخدم الوقود في إنتاج أسلحة نووية. ونظراً لأهمية الفكرة وقدرتها على حد من الانتشار النووي رحب الرئيس الأميركي بالفكرة، وقرر تخصيص خمسين مليون دولار للبنك كحصة من التمويل تشارك به الولايات المتحدة المتخوفة أكثر من غيرها من انتشار الأسلحة النووية وسقوطها في أيدي جماعات إرهابية، وفي هذا الإطار صرح "سام نون" السيناتور الأميركي السابق والمشارك في رئاسة مبادرة الخطر النووي، وهي منظمة خاصة لعبت دوراً مهماً في إخراج فكرة بنك الوقود النووي إلى حيز الوجود، قائلاً: "يمثل البنك اختراقاً حقيقياً في مجال التعاون الدولي الذي يساهم في تعزيز الاستخدامات السلمية للطاقة النووية والتقليل من مخاطر استغلالها السيئ من قبل منظمات إرهابية". ورغم التردد الذي أبداه بعض الخبراء إزاء فكرة البنك، فإنهم رحبوا عموماً بإنشائه باعتباره خطوة إيجابية للحد من المخاوف الدولية التي بدأت تتنامى خلال الآونة الأخيرة بعدما عبرت دولة عديدة عن اهتمامها المتزايد بالطاقة النووية، وعن هذا الموضوع يقول "لورنس شيمان"، من مركز "جيمس مارتن" لدراسات عدم الانتشار النووي: "لا يمكن التعامل مع البنك على أنه ضمانة أكيدة ضد الانتشار النووي، لكن كلما قلت إمكانية الدول على تخصيب اليورانيوم تقلصت احتمالات استخدام الطاقة النووية السلمية لأغراض تسليحية، وفي هذا السياق يمكن الإشادة بمبادرة إنشاء البنك". وقد صوتت الدول الأعضاء في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لصالح إقامة البنك بثمانية وعشرين صوتاً مقابل صفر مع امتناع ست دول وتغيب دولة واحدة، وبموجب البنك المزمع استحداثه ستتمكن الدول التي تتوفر على محطات نووية من شراء احتياجاتها من اليورانيوم، شريطة أن تلتزم بمعايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والقصد من البنك أن يكون ضمانة للدول لاستمرار حصولها على الوقود النووي في حال توقف المزودون عن بيعها الوقود لأي سبب من الأسباب، لكن مع ذلك نفى مسؤول أميركي سابق أن يساهم إحداث البنك في تغيير موقف إيران من برنامجها النووي الذي يرتاب الغرب في أنه موجه لأغراض تسليحية، إلا أنه يضيف بأن البنك "يضعف التبريرات الإيرانية القائلة إنها تسعى إلى إقامة برنامج محلي للتخصيب، لأنها لا تضمن تزويدها بالوقود في السوق الدولية". ويذكر أن فكرة إحداث بنك الوقود النووي بدأت في التبلور منذ العام 2006 عندما اتصل السناتور الأميركي السابق "سام نون" برجل الأعمال "وارين بافيت"، وأقنعه بالمساهمة في تمويل الفكرة، وهو ما وافق عليه الأخير بمنحه خمسين مليون دولار شريطة انخراط الحكومات الدولية في المشروع والتزامها بتقديم مائة مليون دولار كتمويل، ولم يتم جمع المبلغ المطلوب إلا في العام الماضي عندما شاركت جهات مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والكويت والنرويج والإمارات العربية المتحدة. لكن رغم استحداث البنك تنتصب دونه العديد من العقبات المرتبطة بالسياسة النووية المتبعة في العالم وتباين مواقف الدول والحكومات، فحسب معاهدة عدم الانتشار النووي التي تشرف على الطاقة النووية لدى الدول الموقعة عليها يسمح للبلدان المنخرطة في حيازة الطاقة النووية السلمية شريطة ألا تسعى إلى صنع القنبلة النووية، هذا في الوقت الذي تنص عليه المعاهدة أيضاً على التزام القوى النووية الخمس على تقليص تدريجي لترسانتها النووية. وفيما عبرت بعض الدول عن ترددها في التخلي عن برامجها للتخصيب وتصنيع وقودها الخاص، أكد البنك أنه لا يفرض عليها القيام بذلك، وهو ما عبر عنه "بافيت" بنفسه قائلًا: "ما نريد أن نقوله للعام من خلال البنك إنه إذا كانت الدول مهتمة بالطاقة النووية السلمية، فإنها غير ملزمة بالتخصيب، لأنه يمكننا نحن أن نزودهم بالوقود لتشغيل محطاتهم النووية وتوليد الكهرباء". وقد عرضت كازاخستان استضافة مقر البنك وإن الأمر لم يحسم بعد، وكانت روسيا قد استحدثت بنكاً مشابهاً يوفر اليورانيوم للدول التي توافق عليها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ورغم الموعد الذي حدده "بافيت" في سبتمبر 2008 لمصادقة الوكالة الدولية على المشروع، فإن عملية التصويت أجلت أكثر من مرة قبل أن يُعتمد نهائياً يوم الجمعة الماضي. ماري بيث شيريدان - واشنطن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبورج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©