الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مشاركة علاوي وشرعية الحكومة العراقية

10 ديسمبر 2010 20:04
كان إياد علاوي يأمل أن يدفعه الأداء القوي لكتلته السياسية في الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة إلى منصب رئيس الوزراء، غير أنه بعد أكثر من ثمانية أشهر من المفاوضات الشاقة والعسيرة، خسر هذا السياسي الشيعي العلماني معركته، وبات اليوم يمثل أكبر حالة عدم يقين في وقت يمضي فيه رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، قدماً في تشكيل حكومة جديدة. وفي بلد منقسم على نفسه وفق خطوط طائفية وإثنية، أضحى علاوي رمزاً للعلمانيين. غير أن إمكانية عدم مشاركته في الحكومة المقبلة تدفع العديد من المسؤولين الأميركيين -الذين دعوا لاتفاق اقتسام السلطة بين المالكي وعلاوي- إلى الشعور بالقلق والتخوف من أن يُنظر إلى الحكومة القائمة نهاية عام 2011، وهو التاريخ المقرر أن تغادر فيه القوات الأميركية العراق، على أنها غير شرعية، الأمر الذي يزيد من تدهور وضع هش أصلا. وللتذكير، فقد فازت كتلة علاوي، القائمة العراقية، بـ91 مقعداً في انتخابات مارس الماضي، متقدمة بمقعدين على كتلة "دولة القانون" التي ينتمي إليها المالكي، وهو عدد لا يكفي للفوز بالأغلبية في البرلمان ذي المقاعد الـ325. وقال علاوي بينما كان يتناول وجبة الغداء في بيته مؤخراً: "إن المالكي يعرف جيداً أنه بدون مشاركتي الشخصية في العملية، سيكون من الصعب جداً الحصول على اعتراف بلدان المنطقة"، مضيفاً: "إذا لم يقبل باقتسام حقيقي للسلطة، فعلينا القول وداعاً للديمقراطية وإلى الأبد، وعلينا التفكير في وسائل أخرى سلمية لتغيير القرارات". وتقيم عائلة علاوي في لندن؛ أما منزله في غرب بغداد، فليس به سوى خادمات فلبينيات يتولين مهام الطبخ والتنظيف. الجدران الواقية من التفجيرات تحيط بالمنطقة، ومركبات "هامفي" العسكرية مركونة في الخارج حيث يقول مساعدوه إنه تلقى تهديدات بالقتل وتحذيرات من المسؤولين الأميركيين تفيد بإمكانية تعرضه لمحاولة اغتيال. وكان استطلاع للرأي أجراه "المعهد الجمهوري الدولي"، وهو منظمة غير ربحية تمولها الحكومة الأميركية، خلال فصل الصيف الماضي، أظهر أن 56 في المئة من العراقيين لن ينظروا إلى الحكومة العراقية على أنها حكومة شرعية بالكامل في حال لم يشارك فيها علاوي؛ هذا بينما رأى 31 في المئة فقط من العراقيين أنها ستكون "غير شرعية" أو "غير شرعية نوعاً ما"، حسب الاستطلاع ذاته. كما أظهر استطلاع للرأي أجراه "المعهد الديمقراطي الوطني"، وهو منظمة أميركية غير ربحية أخرى، أن علاوي يتمتع بجاذبية أكبر عبر الخطوط السياسية مقارنة مع المالكي وقادة سياسيين آخرين. وكان السفير الأميركي في العراق، جيمس جفري، قال للصحافيين الشهر الماضي: "إننا مهتمون جداً باضطلاع كل اللاعبين الرئيسيين والأساسيين هنا بأدوار هامة"، مضيفاً: "وإياد واحد من أهم اللاعبين، انطلاقاً من عملنا معه ونجاحه الانتخابي". وقد أصبح علاوي، الذي شغل منصب رئيس الحكومة العراقية الانتقالية (2004 و2005)، رمزاً للتغيير خلال الفترة التي سبقت انتخابات تلك السنة؛ حيث كان السنة الذين كانوا يحسون بالتهميش، يأملون في أن ينهي علاوي حكمَ الأغلبية الشيعية الديني؛ وكان العراقيون العلمانيون يأملون أن يوقف سنوات من السياسة الطائفية التي عانوها منذ الغزو الأميركي في 2003. ورغم أن علاوي كان مفضلا من قبل المسؤولين الأميركيين، فإنهم أدركوا مبكراً أن منافسيه الشيعة لن يقبلوا به رئيساً للوزراء؛ حيث رمت إيران بثقلها وراء المالكي، والذي دعمته الولايات المتحدة ضمنياً كذلك. أما حزب علاوي، فقد كان مدعوماً من السنة في الغالب، وضم زعماء سنة مثيرين للجدل، فيما كان الشيعة الأكراد لا يزالون خائفين من عودة حزب "البعث" المحظور. وفي هذا السياق، قال سامي العسكري، وهو مشرع شيعي مقرب من المالكي: "إن كل الشيعة تقريباً ينظرون إلى القائمة العراقية باعتبارها كتلة سنية"، مضيفاً: "إن الشعور السائد بين الشيعة هو أنهم ليسوا مستعدين بعد لقيام كتلة سنية بتشكيل هذه الحكومة". ويُنظر إلى علاوي، كحليف للأميركيين عندما كان رئيساً للوزراء؛ حيث أيد هجمات عسكرية أميركية قوية في النجف الشيعية والفلوجة السنية خلال تلك الفترة. وفي هذا الإطار، قال ضابط عسكري أميركي رفيع طلب عدم الإفصاح عن اسمه: "يُنظر إلى علاوي كرمز للمجموعات المحرومة؛ حيث ينظرون إليه باعتباره أفضل وسيلة لديهم للوصول إلى السلطة"، مضيفاً: "غير أنه أيضاً يصنف ضمن خانة الرجال الأقوياء. كما أنه لن يكون زعمياً عظيماً على الأرجح، لكنه يوحد العلمانيين". وقد وُعد علاوي بمنصب في "المجلس الأعلى للسياسات الوطنية" الذي لم يشكل بعد ولم تتضح صلاحياته حتى الآن. وقبل أن يوافق على المشاركة، قائلا إنه يريد التأكد أولا من أن لدى المجلس القدرة على توجيه قرارات مهمة بخصوص الدفاع والاقتصاد والمصالحة الوطنية ومراقبة صلاحيات رئيس الوزراء. وأفاد بأن البرلمان من المفترض أن يصوت على تشريع بشأن طبيعة المنصب قبل أن يعرض المالكي حكومته من أجل المصادقة. وقال علاوي: "إذا لم يقدموا اتفاقاً مناسباً بشأن المجلس، فلن نشارك في هذه الحكومة المزيفة"، مضيفاً: "لو كنتُ مكان المالكي، لرحبتُ حقاً، بعد أن قدمنا هذا التنازل، بأن يقدم شيئاً ما بالمثل ويسعى لفتح فصل جديد، فصل إيجابي، والعمل مع الآخرين". ليلى فاضل - بغـداد ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©