مع احتفالات دولة الإمارات العربية المتحدة بعيدها الوطني الخامس والثلاثين، أطلقنا يوم السبت الماضي صفحة (فكر) لتكون نافذة جديدة كما هي نوافذ أخرى أصبحت محط اهتمام القارئ مثل صفحة(الثقافة) اليومية، وصفحة (أدب الرحلات) الأسبوعية·
صفحة (فكر) ستكون هي الأخرى أسبوعية، لكنها لن تكون بعيدة عن حراك الزاد الفكري والمعرفي لأيام الأسبوع، ولذلك ستجد هذه الصفحة نفسها في صميم الحدث الفكري والحدث المعرفي الذي تجري مساراته في واقعنا الفكري والثقافي العربي والعالمي·
قد توحي كلمة (فكر) بمعانٍ ثقيلة على المتلقي، لكن المتلقي ذاته على يقين ألاّ حركة في الحياة تتم من دون فكرة أو تصوُّر بل من دون معنى حتى لو كان بسيطاً وأولياً· وإذا كانت الحياة أفكاراً، كما يقول الفلاسفة المثاليون، فإن يوميات تلك الحياة تمثلُ مصدراً ثرياً للأفكار، كما يقول الفلاسفة الواقعيون· وبين أولئك وهؤلاء يمثل الفكر قاسماً مشتركاً من حيث هو وسيلة وأداة لفهم الحياة وتغييرها وبنائها وفق معرفة منظمة تحترم الأفكار المثالية كونها قيماً تؤسِّس للوجود معناه الرفيع، وتحترم، كذلك، الأفكار الواقعية كونها نتاجاً لحياتنا اليومية التي نعيشها بما نلمسهُ ونراهُ ونسمعهُ ونتذوّقهُ ونشعرُ به·
تقدِّم لنا هذه الرؤية مفاتيح الانطلاق بحبٍّ إلى كل فضاءات الفكر والمعرفة المنظمة ذات الارتباط الحقيقي بواقع الإنسان فيما يعيش ويفكِّر، لا نريد أن نحلِّق بعيداً في عالم الأفكار المجرَّدة حتى ننسى الواقع، ولا نريد أن نتوغَّل في الواقع حدَّ الذوبان المطلق فيه حتى يجرفنا بسذاجته ولا عقلانيته أحياناً إلى مجرياته ونصبح بلا أفكار منظَّمة· ما نريدهُ في صفحة (فكر) هو أن نعرف كيف نمسك بزمام الأفكار لتكون لنا طريقاً منظَّماً في التغيير الحقيقي والبناء الخلاق، تغيير الواقع إلى ما نأمل، وبناء الإنسان والوطن والمستقبل حيثُ نصبو· وفي الوقت ذاته خلق فضاء معرفي يعزِّز لدى مساراتنا الثقافية القدرة على التعامل مع الأفكار والتصورات والرؤى تعاملاً إبداعياً مثمراً·
تراهن صفحة (فكر)، من بين ما تراهن، على خلق أجواء حوارية بين المفكرين والمثقفين، إيماناً منها بأن حوار المثقفين يعكس حوارية المشهد الفكري والثقافي، وهو مشهد يغيب عن ساحتنا الثقافية والفكرية للأسف، والأسباب كثيرة بالطبع· إننا أمام رحلة طويلة سيكون الإنسان والواقع والمستقبل أهم موضوعاتها، وسيكون المثقفون والمفكرون هم من يمنحون تلك الرحلة ثراءها الفكري وغناها الثقافي·
المحرر
عدد اليوم
