الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العلاج بالقراءة وسيلة لتعديل السلوك وتخفيف الاضطرابات النفسية

العلاج بالقراءة وسيلة لتعديل السلوك وتخفيف الاضطرابات النفسية
5 سبتمبر 2012
خولة علي (دبي) - تساؤلات عديدة قد تتبادر في أذهاننا، لماذا نقرأ؟ هل هناك حاجة للقراءة؟ هل هناك تحديات لابد من مواجهتها؟ هل نحن بحاجة إلى من يأخذ بأيدينا؟ وكيف؟ لا يمكن أن نغفل عن أهمية القراءة باعتبارها وسيلة لإثراء العقل وتغذيته بمفاهيم حياتية مختلفة، وهو المنهج والغاية الأساسية للتعرف على جوهر المعرفة وعلومها. للقراءة فائدة أخرى ألا وهي علاج بعض الأمراض النفسية التي بدأت تتفاقم يوماً بعد يوم، وتأخذ منحى مخيفاً نتيجة لضغوط الحياة المتسارعة، التي تزيد متاعب الناس وتجعلهم في دوامة من الآلام النفسية والبدنية. قراءة كتاب قد يكون فيها الشفاء الناجع، وهو نمط من العلاج يطلق عليه «الببليوثرابيا» أي العلاج بالقراءة. وهذا النمط من العلاج القائم على منهج القراءة تقول عنه المعالجة والاختصاصية النفسية هالة الأبلم: «لم تعد العقاقير الطبية والمسكنات في بعض الحلات ذات نفع وجدوى في علاج المرض، فلابد من مخاطبة العقل والروح بطريقة تجعل المرء يستعيد توازنه وهدوءه وراحته من جديد وتحفيزه إيجابياً، حتى يستطيع أن يكون على قدر من القوة والشجاعة في مواجهة مشاكله. ويعرف العلاج بالقراءة أو «الببليوثيرابيا» هو استخدام مواد قرائية مختارة كمواد علاجية مساعدة في الطب البدني أوالطب النفسي أوالإرشاد السلوكي، وكذلك في التوجيه إلى حل المشاكل الشخصية من خلال القراءة الرشيدة الابداعية، وعادة ما يعتمد هذا العلاج على مدى حنكة وشطارة المعالج، الذي يقوم بمهمة كشف ودراسة ما يعانيه هذا المريض من مشكلات نفسية، ويضع قوانين العلاج بحيث يطبقها خطوة بخطوة حتى يستطيع أن ينفذ إلى داخل المريض، ويستطيع أن يدرك تماما احتياجات ورغبات هذا المريض ليستطيع أن ينتشله من العالم الذي وضع فيه، بطريقة لا تسبب له أية انتكسات مستقبلية. وقد اكتشف تأثير القراءة إيجابيا على نفسية المرضى، وعادة ما يقود هذا العلاج القرائي إلى نمط آخر من التفكير الأكثر اتزاناً وسلوك أكثر فعالية وإفادة من التفكير السلبي. ونجد الفرق بين العلاج بالقراءة كعلم والعلاج بالقراءة كفن، فالعلاج بالقراءة كعلم خاص بالمرض العقلي والبدني ويستخدم في التشخيص الإكلينيكي. الأهداف حول أهداف هذا النهج العلاجي توضح الأبلم: «هي الرغبة في التغلب على من يعانون من مشكلات نفسية أو بدنية أو اجتماعية... الخ، من خلال تبصيرهم بأبعاد تلك المشكلات كخطوة أولى نحو حلها أوعلى الأقل التعايش معها بسلام.. ومن هنا قد تتحقق الصحة النفسية، فاستعادة السلامة تعني العلاج والراحة. حيث نجد أن القراءة لها دور في الحفاظ على تماسك الذات وتحقيق الوقاية والسلامة، والعلاج بالقراءة كفن لعلاج عيوب الشخصية، ومساعدة شخص ما على أن يحل مشاكله الشخصية، ولا يبنى على تشخيص إكلينيكي وإنما يبنى على الفطنة والبصيرة والشفافية والتجربة الذاتية، وهناك أسلوبان للعلاج بالقراءة، الأول هو العلاج الفردي الذي يتناول حالة واحدة فقط، والثاني هو العلاج الجماعي الذي يتناول مجموعة من الأفراد في وقت واحد، وعادة ما تكون ظروفهم المرضية واحدة ومستواهم العقلي والنفسي متقارباً. وتتوزع أركان العلاج بالقراءة في أمكان عدة في المستشفيات، المكتبات العامة، المدارس، السجون، والإصلاحيات. والمريض لابد أن يكون قارئا ولديه القدرة على النطق والفهم الصحيح، ومواد القراءة أي الأوعية الورقية، هو العقار العلاجي في البرنامج العلاجي. كما أشرت سابقاً إلى أهمية المعالج في هذا النمط من العلاج بأن يتحلى بصفات الشخصية المتوازنة، والمرونة في الحوار الناجح، يحتوي المسترشد قلبا وقالبا. فهو من يقدم له أسس العلاج والتعاطي ويكسب ثقة المريض. وتشير الأبلم: «هذا النمط العلاجي أيضا يمكن أن يطبق في علاج بعض مشاكل الأطفال النفسية والسلوكية، حيث كشفت دراسة علمية حديثة أن للقراءة المنتظمة الهادفة مردوداً ذا أبعاد إيجابية عديدة منها، وهو أنها تساعد على تحسين الوضع الصحي والسلوك الشخصي بشكل فعّال». مشاكل سلوكية من المشكلات التي يعاني منها الأطفال والتي يمكن علاجها عن طريق القراءة، مص الإبهام والعدوانية والسرقة والكذب والعناد والتبول اللاإرادي وقضم الأظفار وغيرها. وبعض المشكلات الدراسية، منها التأخر الدراسي الناتج عن مشكلات النطق واللغة، اضطرابات التعلم، مشكلات القراءة، والتركيز. وأيضا بعض المشكلات النفسية والاجتماعية كالقلق، والخوف، والخجل، الإحباط والصراع، اضطراب النوم، العدوانية، الكذب، والسرقة. وقد ساهمت القراءة في علاج بعض السلوكيات عن طريق القراءة ومن هذه الحالات نجد طفلة تلجأ إلى البحث عن طرق للفت انتباه المحيطين بها حيث تقوم بقضم ملابسها، لشعورها بالغيرة تجاه اهتمام والدتها بأختها الصغيرى، فهي هنا لجأت إلى العدوان وإيذاء الذات، فحاولنا أن نقوم هذا السلوك من خلال القراءة وقد وجهنا الأم باختيار نوعية القصص التي تعلم الطفل بعض السلوكيات الجيدة، حيث كانت الأم كل يوم قبل النوم تقوم بقراءة القصص على طفلتها وفي غرفة نوم الطفلة، وبعد مدة من الزمن تركت هذه الطفلة تلك السلوكيات السيئة، وأصبحت أكثر استيعابا للأمور من حولها. ومن مزايا الإرشاد بالقراءة توضح الأبلم: «إن الطفل سرعان ما يندمج أنفعاليا مع المادة المقروءة، كما تعمل على توفير الوقت في عملية الإرشاد النفسي وأيضا العمل على التخفيف من التوتر الحيوي النفسي الاجتماعي وتنمية رصيد الطفل عقلياً ومعرفياً. وتعمل على تنمية قدرة الطفل على تحليل الاتجاهات والسلوكيات ووضع حلول بديلة للمشكلات، وتعدد الوسائط أوالحواس أي الاعتماد على الحواس الأربع». السمع، اللمس، البصر، والحاسة الحركية»، كما تحسن وتعزز تعلم الطفل للمادة المراد تعلمها وعلاج السلوك المراد تعديله. ولكن للأسف فالقراءة بما لها وما عليها تمر بأزمة حقيقية وتحتاج وقفة مراجعة، هذه الأزمة تعد عالمية وشاملة، لكن بالقراءة العلاجية الإبداعية نستطيع أن نبدأ من جديد، ونعيش يوما بيوم ننتظر معا حياة أفضل بصحة نفسية أفضل».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©