الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة عبثية

5 سبتمبر 2012
في مكان ما من تلك المرتفعات في أطراف مدينة «تشانج ماي» تقضي عدة أيام رائعة خصوصا مع الطقس المعتدل الذي ينزع إلى البرودة في الليل، كنت تعود إلى المدينة أحيانا أو تهيم على وجهك مستكشفا المكان، وفي ليلة من تلك الليالي التي تشعر فيها بالوحدة، تدعو تلك الفتاة التي تقبع مع أمها في كوخها القديم الكائن في أطراف المدينة فوق المرتفعات إلى الخروج، ربما لقضاء بعض الوقت في المدينة، خصوصا أن الفتاة ترغب في رؤية المدينة التي لم ترها منذ أن كانت صغيرة؛ فهي لم تغادر أصلا مرتفعاتها تلك منذ أن توفي والدها قبل عشر سنوات، لم تمانع أمها لأنك محل ثقة لم تفعل ما يخل بها، تستكشف المدينة برفقتها، تكون دليلها إلى العالم المتحضر. وفي المساء تصحبها إلى ناد ليلي، لقضاء بقية الليلة في صخب غير معتاد، تقف متفرجا أمام منصة الرقص تراقب المنتشين المتمايلين الثمال، وهي تقف قريبا منك مشدوهة بالمشهد الصاخب وتلك الموسيقى الغربية الصاخبة، قد تستغرب بينها وبين نفسها من هذه الطقوس الغربية التي يمارسها هؤلاء البشر الذين يدعون أنهم متحضرون، وقد تكتفي بالانتظار لترى النتيجة التي سيصل إليها كل أولئك الراقصون، فهل يا ترى هنالك مغزى وراء كل هذا الرقص؟ في ذاكرتها القبلية يرتبط الرقص بطقوس دينية أو حربية غير أنه هنا عبثي وكأنه طقس شيطاني. وفي تلك اللحظة وهي غارقة في تأملاتها تلك يقترب منها أحد أولئك الشباب المستهترين يتبين لك عندما تقترب محاولا تقديم الدعم والحماية للفتاة أنه أحد جنود المارينز الأميركيين، شاب أسود ضخم مفتول العضلات، تطبطب على زنده المتين لتخفف العدوانية لأنك تشعر بأنه يخيف الفتاة، وأنت وصي عليها بعد أن ائتمنتك والدتها عليها، تحاول أن تعتذر للشاب المغرور بقوته وعنجهيته. وتهم بمغادرة المكان أنت والفتاة، لكن ذلك لا يعجبه، فيسدد لك لكمة قوية تتمكن من تفاديها، وكردة فعل تلقائية دفاعية ترد عليه بركلة عنيفة تصيبه في مكان حساس، فيترنح ويتخبط ويرتطم بعدة أشخاص قبل أن يقع أرضا، فيستفز المشهد رفاقه، فيقفون كلهم ضدك، تفكر سريعا، تبتسم ابتسامة باهتة، يعتريك الخوف، فالكثرة تغلب الشجاعة، تعتذر لكن سبق السيف العذل، يتناوب الجنود توجيه اللكمات إليك، تنظر إليها والابتسامة الباهتة تتلاشى، تستفز هي أبناء جلدتها، فينقض الجميع على الجنود ليوسعوهم ضربا وركلا. وتسود الفوضى وتتحول الحانة إلى ساحة للمعركة، تنظر إلى الجندي الضخم فتراه يفتك ويضرب هؤلاء الفتية من السكان المحليين لكنهم أيضا يذيقونه شيئا من الالم، تصر على أن تركله ركلة أخيرة قبل أن تهرب من المكان مضرجا بالدماء تتألم ضاحكا.. وللقصة بقية.. rahaluae@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©