السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أنيتا ديساي توجه بصوت إنساني متميز نقداً لاذعاً للثقافة المعاصرة

أنيتا ديساي توجه بصوت إنساني متميز نقداً لاذعاً للثقافة المعاصرة
17 سبتمبر 2011 02:36
تطل الكاتبة والروائية الهندية “أنيتا ديساي” على قرائها من خلال كتاب جديد بعنوان “فنان الاختفاء” وهو عبارة عن مجموعة قصصية جديدة. وحسب النقاد فإن المجموعة هي أحد أهم أعمال الكاتبة المعروفة منذ منتصف الستينيات. فهذه المرة تعود ديساي بصوت إنساني متميز هو صوت الفنان، الذي تشاركه اهتماماته وأحلامه. وهو أيضاً صوت مثير للدهشة، أما الدهشة فتأتي من ارتكازها على مجموعة من المحاور المشتركة هي، الإنسان، المجتمع، والعالم، لكن دون رتوش، ما يجعلك أكثر ارتباطا بجوهر الحياة المعاصرة. إن أجمل ما في مجموعة ديساي الجديدة هو تشخيصها لإشكاليات الحياة في بلادها بمقاييس إنسانية كونية. حيث الفساد والإحباط و الملل الوظيفي، لا يقتصر على المواطن الهندي بل يشمل الجميع. ورغم أن قارئها اعتاد على أعمال تدور أحداثها في الغالب خارج الهند، إلا أن تركيزها في المجموعة المؤلفة من ثلاث قصص طويلة هي “متحف الرحلات الأخيرة” و”مترجمة مترجَمة” والقصة التي تحمل المجموعة عنوانها “فنان الاختفاء”، على ما يحدث فيه محلياً وكأنما هو تماه مع ما يحدث عالمياً. هنا يستمتع القارئ بتعليقاتها حول الفن والإبداع وباللغة التي تخاطب بها الإنسانية. كما يشعر بابتعادها قليلاً عن محيط الطبقة البرجوازية نزولاً إلى عوالم أخرى، هي عوالم الطبقة الكادحة المتنامية، لتمرير السؤال التالي: كيف يعيش هؤلاء بعيدا عن خداع الإعلام؟ توجهات بشرية والمؤلفة لا تنكر أن شخوصها أناس لهم توجهات البشر العاديين في الحياة، ولكنهم فئة من المبدعين، بعضهم يهوى الفن ويقرأ الكتب بل ويكتب، وبعضهم يرتبط بعلاقات ثم يلوذ بمجرد التفكير في أنها تخنقه بالفرار والاختفاء كي لا ينكسر حلمه أمام تقاطع الرؤى. بلغة جميلة مؤثرة لاتخلو من التفاصيل، تعود شخصيات ديساي إلى نفسها لتثري القارئ بمعلومات ضرورية عنها. بوح أول البوح يأتي على لسان موظف إداري شاب يهوى الكتابة، يسرد بسخط تفاصيل حياته اليومية. هنا يتعرف القارئ على شاب تلقى تعليمه حسب التقاليد الموروثة عن الإمبراطورية البريطانية الغابرة، وأن ذلك كان كافياً لأن يملأه بالطموح. غير أنه وسيراً على ما يقال من أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن، لا يجد ضالته في الوظيفة فيقع فريسة للإحباط. وربما كان ذلك ما حمل بطل قصة ديساي في نهاية الأمر، على القبول مكرهاً بعرض تلقاه بواسطة شخص ما للعمل لدى أحد قدامى الأثرياء لإرضاء ميوله الإبداعية. وعلى الرغم من أن تلك المهمة تتيح له الإشراف على أطلال إمبراطورية عائلية من المقتنيات الثمينة النادرة، لم تعد بحاجة إلا إلى متحف لعرضها، إلا ان تلك الخيارات لم تكن مقنعة بالنسبة له. إن ما ينشده بطل ديساي هو السباحة في فضاء أرحب يضمن له حرية الإبداع. عندها يلوذ بالفرار إلى ما يعتبره حلم ينبغي العمل على تحقيقه بصعوبة. مترجمة في القصة الثانية، “مترجمة مترجمة” يلتقي القارئ بامرأة منعزلة تعمل بتدريس اللغة، في إحدى الكليات المتواضعة الإمكانات المادية. ومن جانبها لا تخفي بريما جنونها بلغتها الأم، رغم أنها لغة أقلية. في حين يكون حلمها في الحياة هو ترجمة أعمال مكتوبة بتلك اللغة ليعرفها الآخرون. إن هذا الحلم لم يكن مستحيلاً بالنسبة لها حين تتلقى عرضاً بترجمة عمل تعتبره مهماً من زميلة لها تشرف على دار للنشر. وفيما هي تقترب من تحقيقه تكتشف أن حلمها يتقاطع على نحو جذري مع ما تفرضه عليها مهنتها كمترجمة رسمية من مبادئ استهلاكية لا تروقها. وكما في متحف الرحلات الأخيرة تلوذ بالفرار من قيود الوظيفة لتختفي في جملة من التحديات لإثبات الذات الإبداعية. اختفاء كما أن نوعاً مختلفاً من الاختفاء يلجأ إليه “رافي” في “فنان الاختفاء”، وهو الإلقاء بنفسه في حضن الطبيعة، بعيداً عن مظاهر الحياة العصرية. وإذا أمكن لنا تصوره كناسك، فإن ما يقوم بتصميمه هو الفردوس المفقود في حياتنا المعاصرة. كما أن المفردات المعبرة التي تصف من خلالها المؤلفة حياة فنان دأب على السكون والتأمل وإدراك جوهر الحياة الذي يختزله في نحت الصخور الجبلية والاستمتاع بتربية النباتات النادرة، إن مشهداً كهذا لا يمكن لأحد في يومنا إلا التعليق عليه لا سيما كاميرات التلفزة، كما لا يمكن الاحتفاء بانتهاء عمليات التصوير الوثائقي، إلا بتدميره من قبل إحدى شركات المقاولات العملاقة، عندها لا يجد رافي بداً من الاختفاء في الأدغال. إن ما تعنيه كتابات ديساي، لاسيما الأخيرة هو النقد اللاذع لثقافتنا الاستهلاكية المعاصرة. حيث التعاطي الرأسمالي البحت مع الثقافة. ولدت ديساي، عميدة الأدب الهندي، في دلهي سنة 1937. وأصدرت أولى مجموعاتها القصصية باللغة الإنجليزية في سن التاسعة. حصلت على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة دلهي سنة 1957. وتعتبر إحدى أهم كتاب شبه القارة الهندية الأحياء الذين يكتبون باللغة الإنجليزية. صدرت أول أعمالها الروائية (صرخة الطاووس) سنة 1963. من أعمالها الروائية (نار فوق الجبل1977، وضح النهار 1980، صيام، وولائم 1999، الطريق المتعرجة 2004، قرية على الشاطئ 1982 قصص أطفال)، من أعمالها القصصية (غبار الماس 2000) والسينمائية (في الحجز 1993). رشحت ثلاث مرات لجائزة البوكر للرواية. حائزة على جوائز إبداعية منها الميدالية الذهبية عن فيلم في الحجز، جائزة الأكاديمية الوطنية للأدب 1978، جائزة البيرتو مورافيا الإيطالية للأدب، جائزة صحيفة الجارديان لأدب الأطفال 1983).
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©