الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في الإمارات.. أجانب عربيو القلب و اللسان

في الإمارات.. أجانب عربيو القلب و اللسان
9 ديسمبر 2006 23:27
يصعب كثيراً في ظل عدم وجود دراسات موثوقة تحديد مكانة اللغة العربية بين لغات العالم، لكن البعض يقول إنها اللغة الخامسة عالمياً بحسب تعداد المتحدثين بها وانتشارهم بين أرجاء الكرة الأرضية· الغريب أن الكثير من الأجانب أقبلوا في السنوات الأخيرة على دراسة اللغة العربية التي رغب عن دراستها بعض أبنائها للأسف· الكثير من الأوروبيين والصينيين وحتى اليابانيين صاروا يدرسون العربية بجد، دراسة من يريد الاستزادة والمعرفة وليس كدراسة المستشرقين التي كانت في أغلب الأحيان من أجل الحصول على وسيلة تمكنهم من الوصول
لغاية معينة·
وفي الإمارات التي تعيش فيها الكثير من الجاليات الأجنبية، يلمس المرء إقبالاً واضحاً من الأجانب على تعلم اللغة العربية، فما هي أسبابهم ودوافعهم، ولماذا سحرتهم لغة الضاد؟

تحقيق وتصوير - فتحية البلوشي:


تحتضن الدولة الكثير من أفراد الجاليات الأجنبية الذين أقبلوا في الآونة الأخيرة على تعلم اللغة العربية بشكل أكاديمي واسع، تلك الدراسة التي تمكن الواحد منهم من القراءة والكتابة باللغة العربية، ومن التعبير عما يجول في خاطره بواسطة المفردات العربية، وظهر هذا الاهتمام جليا بانتشار مراكز تعلم ''لغة الضاد'' في العاصمة أبوظبي وفي بقية مدن الدولة·
وبزيارة واحدة لأي مركز من مراكز تعلم اللغة العربية نستشف بكل سهولة كم الإقبال على تعلم اللغة العربية، ومدى تباين الأجانب الراغبين في تعلمها سواء من حيث جنسياتهم أو من حيث أسباب التعلم ودوافعه·

لأني مسلم

''عبد ساتيا''، شاب أندونيسي يعمل في السفارة الأندونيسية في الإمارات، بدأ بتعلم اللغة العربية منذ أربعة أشهر، يقول: ''أنا مسلم قبل كل شيء، وهذا سبب كاف جداً كي أتعلم العربية· أحببت أن أقرأ القرآن بلغته الأم ولهذا بدأت بتعلم العربية كلغة ثالثة لي، لكني وجدت في اللغة العربية جمالية مختلفة جعلتني أحب التمرس أكثر والتعلم بشكل أفضل والاستمرار في تلقي دروس الكتابة والقراءة باللغة العربية''·

فنانة وخطاطة

''جورجينا''، رومانية متزوجة من عربي وتقيم في أبوظبي منذ خمس سنوات· رسامة وربة منزل تجيد أربع لغات إلى جانب العربية هي: الإيطالية، الإنجليزية، الفرنسية، والرومانية لغتها الأم، تقول جورجينا: ''أعتبر دراسة العربية اختباراً لي إذا نجحت فيها سأحقق إنجازاً أفخر به فعلاً· بدأت بتعلم العربية بشكل منتظم منذ فترة قصيرة وما زلت في المستوى الأول ودافعي في الأساس كان اختلاف اللهجات العربية، لأنني أفهم حديث زوجي بالعربية، ثم أصطدم عندما أسمع شخصاً آخر يتحدث باللغة العربية لكن بلهجة أخرى تختلف عن تلك التي يتحدث بها زوجي، فلا أفهم ما الذي يريده، لذا لجأت لتعلم أصول العربية كي أفهم كل العرب!''·
ولأنها فنانة وجدت جورجينا في الخط العربي وطريقة الكتابة باللغة العربية ما يبهجها إبداعياً، وأحبت ما تخطه يدها وصارت تكتب بالعربية كلما وجدت نفسها جالسة بدون أي شاغل·

مدرسة لغات

وإذا كانت جورجينا قد عشقت الخط العربي لأنها فنانة فإن زميلتها ''مارينا نارداري'' من ايطاليا أحبت العربية لأنها مدرسة لغة أساساً، تقول: ''أعمل مدرسة لغة في ايطاليا وإن كنت هنا ربة بيت فقط· أتحدث عدة لغات بجانب الإيطالية هي الأسبانية، الإنجليزية، الألمانية وقليلا من العربية التي أحببتها منذ عشرين عاماً مضت، ودرستها لعدة أشهر أثناء دراستي الجامعية، لكني انقطعت عن دراستها لأن الناس في إيطاليا نظروا للأمر بغرابة ولأن الدراسة هناك لم تكن ترضي طموحي عن اللغة العربية، وحين وجدت الفرصة سانحة هنا في الإمارات لم أتردد في دراستها مرة أخرى، خاصة وأن النظرة للغة العربية اختلفت حتى في وطني الأم وصارت نوعاً من المميزات الشخصية التي تضاف لقدرات الإنسان، وبناتي أيضا يدرسن اللغة العربية في المدرسة، مما يجعل الموضوع متقبلاً أكثر في مجتمعي''·
في العام القادم ستعود مارينا لإيطاليا لكنها لن تتوقف عن دراسة اللغة العربية هذه المرة، لا سيما وأنها تقيم في فينيسيا حيث الكثير من العرب ووجود عدة مراكز لخدمة العرب وتعلم العربية هناك·

محو أمية

ومن إيطاليا إلى الهند البلد الذي يضم أكثر من 30 لغة تجمعها الهندية، نجد ''شارميلا بروين'' الفتاة الهندية التي تقيم في الإمارات مذ كان عمرها 10 سنوات لكنها لا تتحدث إلا بعض الكلمات العربية البسيطة، وتعترف: ''حين تزوجت فقدت حتى كلماتي العربية البسيطة! انتسبت للمعهد منذ عدة أسابيع وفي ذهني خطة لمحو ''أميتي العربية''· أحب التحدث بالعربية وأجدها لغة جميلة لكن الوجود الهندي الكبير في الدولة يصعب الأمر، فالكل يجيبونني بالهندية إن طلبت شيئاً بالعربية! إلى ذلك يتحدث الكل تقريباً اللغة الإنجليزية مما يجعل انتشار اللغة الإنجليزية عائقاً أيضاً أمام إتقاني العربية، لكني أحاول بذل جهدي في تعلم العربية وأحاول التحدث للموظفين العرب في المطاعم أو الفنادق وإلى الناس العرب الذين أصادفهم أحياناً·

لا صعوبة

''ايليس فينتر''، فتاة من جنوب أفريقيا عاشت في قطر لمدة سنتين ثم انتقلت للإمارات أيضاً منذ سنتين· توجهت لتعلم اللغة العربية لأنها تعتقد بأن كل شخص يعيش في بلد ما ينبغي أن يعرف ولو القليل عن لغة البلد وعاداته وتقاليده، تقول ايليس التي وجدت أن اللغة العربية تتشابه مع لغتها الإفريقية في مخارج الحروف مما يجعلها لا تجد أي صعوبة في نطق حروف العربية بشكل صحيح: ''بدأت منذ شهرين في تعلم العربية لكني قطعت شوطاً جيداً لأني كنت أعرف الكثير من المفردات قبل أن أبدأ التعلم النظامي· يعتقد البعض أن الأمر صعب جداً لكنه ليس صعباً بقدر ما يحتاج إلى الممارسة والانتظام والتركيز، فالعربية مثل بقية لغات العالم تحتاج للممارسة كي تلتصق بالقلب واللسان''·

اللهجات

''جون هادلا'' هو التلميذ النجيب - كما عرفته أستاذته لنا - فهو رجل أعمال أوروبي يعمل في الإمارات منذ ثماني سنوات، وبدأ بتعلم اللغة العربية منذ ثلاث سنوات، يقول جون: ''قطعت شوطاً كبيراً في تعلم العربية حتى أنني أستطيع قراءة أخبار الجريدة بدون أي أخطاء أو ارتباك، لكن ذلك لا يعني أنني اكتفيت· أدرس باستمرار وأحضر دروس النحو والبلاغة بشكل متواصل·
أقرأ القرآن وأتدبر في معانيه، وكلما تعلمت أكثر كلما رغبت في التعلم أكثر، واليوم أصبحت أتباهى بمعرفتي للغة العربية وصرت أتحدث مع موظفي الشركة العرب بالعربية، وأقرأ المكاتبات العربية دون الحاجة لترجمتها ونقلها للغة الإنجليزية· مشكلتي تكمن فقط في نطق حرف العين الذي أحاول جاهداً أن أنطقه بالعربية الصحيحة، بالإضافة إلى صعوبة اللهجات الشامية والمغربية والمصرية التي لا أستطيع التواصل معها بشكل جيد أما اللهجة الخليجية فهي أسهل لي وأفهمها بشكل أفضل·
يتابع جون قنوات الموسيقى العربية مثل: ميلودي ميوزيك وروتانا ويتابع قناة المستقبل ويشاهد أخبار الجزيرة، ويعترف: كل هذا ساهم في تمازجي مع العرب والمواطنين وخرج بي من ''المجتمع الأوروبي'' الذي كنت أعيش فيه في الإمارات·

إقبال

الاستاذة عائشة حبروش السويدي، مديرة وصاحبة مركز اقرأ لتعلم اللغة العربية في أبوظبي، تقول: ''كانت اللغة على مر العصور هي أداة التواصل الأكثر فعالية بين الناس، وغياب الإلمام بلغة الآخرين يشعر الإنسان بشكل فطري بالغربة ويمنعه من التواصل مع محيطه الخارجي ويساهم في دفعه للتقوقع على ذاته والابتعاد عن المجتمع الذي لا يدرك لغته، لهذا السبب فكرنا بإنشاء مركز لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ووجدنا الكثير من الإقبال وعلى نحو لم نكن نتوقعه، فالأجانب يخبرون بعضهم ويقومون بعمل دعاية خاصة وتقديم دعوات للتسجيل بين أصدقائهم''·
وتتابع: ''هناك ستة مستويات مختلفة للدراسة، والأجانب عادة يحبون البدء من المستوى الأول كي لا يقعوا في عدم استيعاب المستوى الذي لا يدرسونه· أما المناهج فصممت بشكل علمي بحت لكي يستفيد منها أصحاب الأعمال جميعاً بغض النظر عن دياناتهم لأن البرنامج ليس دعوياً بل يهدف إلى تعليم اللغة نفسها، وهناك صفوف خاصة للمسلمين الجدد أو الراغبين في دراسة بعض تعاليم الإسلام·
وتعتبر الأستاذة عائشة السويدي أن انتظام الأجانب في الدروس هو السبب الأول لتقدمهم السريع وإلمامهم بالعربية بشكل جيد، فهم منتظمون في دروسهم ونادراً ما يعتذر شخص عن حضور الدرس بالرغم من أنهم أصحاب أعمال ولهم نشاطاتهم الخاص
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©