الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كوريا الشمالية...وحدود الإصلاح الاقتصادي

5 سبتمبر 2012
تحت حكم الزعيم الجديد "كيم جونج أون"، قامت كوريا الشمالية خلال الأشهر الأخيرة بتغيير خطابها من أجل التركيز على الاقتصاد بدلاً من الجيش، وهي تعمل حالياً على إدخال إصلاحات زراعية صغيرة النطاق ذات عناصر رأسمالية مثيرة، حسب دبلوماسيين ومنظمات منشقة لديها مخبرون في الشمال. بعض المراقبين يحذرون من أن التغييرات، التي تسمح للمزارعين بالاحتفاظ بقدر أكبر من محاصيلهم وبيع الفائض في السوق الخاصة، توجد في المرحلة التجريبية وهي قابلة للانتكاس بسهولة. إلا أن حتى مراقبي كوريا الشمالية المتشككين يقولون إن الأسلوب والسياسيات الصاعدة لكيم – واعترافه الصريح بمشاكل البلاد الاقتصادية – تؤشر إلى انفتاح اقتصادي شبيه بذاك الذي عرفته الصين في أواخر عقد السبعينيات. والواقع أن هناك أسباباً للتقليل من إمكانيات الإصلاح في كوريا الشمالية: ذلك أن الدولة البوليسية التي تديرها عائلة، ويحكمها زعيم من الجيل الثالث اليوم، مازالت تحافظ على معسكرات عمل كبيرة يضاهي حجمها حجم المدن وتحول موارد ثمينة إلى برنامجها النووي بدلاً من أن تذهب إلى الملايين من مواطنيها الفقراء. كما أنها سبق لها أن أحيت وحطمت آمالاً في الإصلاح الاقتصادي، وقد حدث ذلك آخر مرة قبل عشر سنوات عندما أدخلت سياسات تحريرية مؤيدة للسوق، ثم سرعان ما تراجعت عنها. أما ما إن كان هذه المرة مختلفة أم لا، فذلك يتوقف حسب عدد من المحللين والمسؤولين الحكوميين الأجانب على طموحات قائدها الأعلى العشريني، الذي يستطيع إخراج بلده الفقير من العزلة الدولية أو الإبقاء عليه هناك اعتقاداً منه أنه من الخطر إرخاء قبضة الدولة. بعض المحللين يشددون على أن الحصول على جواب واضح قد يستغرق سنوات، ولكنهم يشيرون إلى بعض المؤشرات الأولى التي تفيد بأن "كيم" يرغب في إدارة البلاد على نحو مختلف عن والده، الذي توفي قبل ثمانية أشهر. غير أن بعض تلك المؤشرات تجميلية فقط: فقد وصفت وسائل الإعلام التابعة للدولة "كيم" باعتباره حداثياً من خلال تقديمه إلى جانب زوجته الأنيقة، وإظهاره وهو يستمتع بعروض مغنيات يرتدين تنانير قصيرة. أما الجوهر، فيأتي من الخطابات التي يلقيها كيم بين الحين والآخر، والتي تحدث فيها عن إنهاء تقشف الكوريين الشماليين وسياسة شد الحزام و"تحسين مستوى معيشة الشعب". وفي ظهور ملفت له، قام "كيم" أيضاً بانتقاد مسؤولين كوريين شماليين لطريقة تفكيرهم "العتيقة والأيديولوجية". والواقع أنه من غير المعروف ما إن كانت لدى "كيم"، الذي درس في سويسرا نظرة إلى العالم مختلفة عن نظرة والده، غير أنه في خطوة اتخذها قبل شهرين ووصفها بعض المحللين باعتبارها مؤشراً مشجعاً، أقدم الزعيم الجديد على إقالة مسؤول عسكري رفيع يحسب على الصقور كان مساعداً لوالده ويحظى بثقته. وتعليقاً على هذا الموضوع، يقول "سكوت شنايدر"، الباحث المتخصص في الدراسات الكورية بـ"مجلس العلاقات الخارجية" الأميركي: "إنه من المبكر إصدار أي أحكام حول ما سيحدث، ولكننا العام الماضي (تحت حكم كيم جونج إيل) كنا في نظام كان يبدو فيه أن هناك سياسة محددة وكانت هذه السياسة تراجعية بشكل واضح، حيث لم تكن ثمة أي إمكانية معقولة للتغيير تلوح في الأفق"، مضيفاً "أما اليوم، فأعتقد أن ثمة بعض الإشاعات التي تفيد بأنه قد يكون ثمة شيء جديد". وفي هذا الإطار، أفاد عدد من وسائل الإعلام التي توظف منشقين كوريين شماليين، مثل "إذاعة آسيا الحرة"، التي يوجد مقرها بواشنطن، بأن بيونج يانج تدخل حالياً تغييرات في السياسات الزراعية تشكل قطيعة مع الاقتصاد الخاضع لسيطرة الدولة. وتفيد التقارير بأن هذه الإجراءات تقلص حجم الوحدات الزراعية التعاونية من ما بين 10 و25 مزارعاً إلى ما بين 4 و6 مزارعين. ويعد هذا الخفض مهماً لأنه يسمح لعائلة أو عائلتين، وليس مجموعات بكاملها، بالتخطيط والاعتناء بمزارعها الخاصة. والواقع أنه مازال المزارعون مطالبين ببلوغ حصص الإنتاج المحددة، ولكنهم يستطيعون الاحتفاظ بـ30 في المئة من محاصيلهم، وهو ما يمثل ارتفاعاً مقارنة مع أقل من 10 في المئة. كما يستطيعون بيع الباقي للحكومة بأسعار السوق، وليس الأسعار التي تحددها الدولة، ويستطيعون الاحتفاظ بأي شيء يفوق الحصة المحددة. غير أن التغييرات لا تشمل البلاد بكاملها، حيث تم إدخالها في ثلاثة أقاليم ريفية فقط ودخلت حيز التنفيذ في يوليو الماضي، وفق التقارير. إلا أنه لم يتسن التحقق من هذه التغييرات من مصدر مستقل لأن كوريا الشمالية تفرض مراقبة صارمة على الزوار الأجانب، مما يسمح للقليلين فقط بزيارة المناطق الفقيرة خارج العاصمة بيونج يانج. بيد أن معظم المسؤولين الحكوميين الأجانب والباحثين المتخصصين في كوريا الشمالية لا يتوقعون تحولاً اقتصادياً كبيراً أو إعلانات رسمية عن الإصلاح، حيث قالت وسائل الإعلام التابعة للدولة في يوليو الماضي إنه من "الوهم" توقع إصلاح أو انفتاح. ولكن مسؤولاً حكومياً أجنبياً مقيماً في آسيا، زار "الشمال" مؤخراً قال إنه التقى مع عدد من المسؤولين الكوريين الشماليين الكبار الذين قدموا "رسالة متماسكة حول السياسة الاقتصادية والتنمية الاقتصادية" ولم يشيروا ولو مرة إلى الجيش الذي طالما كان موضوعاً مفضلاً. ويقول هذا المسؤول: "إنهم بالطبع لم يستعملوا عبارة "إصلاح اقتصادي"، فتلك عبارات خطيرة وتأتي بنتائج عكسية. ولكن الرسالة الواضحة التي تلقيتها من أشخاص مهمين هي: إننا ندرك ضرورة بناء الاقتصاد". تشيكو هارلان طوكيو ينشر بترتيب خاص مع خدمة "واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©