يفضل الكثير من الناس الطاقة النووية، لما تتميز به بعدم انبعاثات الغازات الدفيئة. لكن المشكلة أن ما يعاب على الحضارة الاعتماد على الشاحنات بجميع أنواعها التي تعمل بالديزل، وذلك لمقدرة محركاتها للقيام بالأعمال الثقيلة بصورة أفضل من تلك التي تعمل سواء بالجازولين أو البخار أو أي نوع من أنواع الوقود الأخرى. ومن الضروري عمل الشاحنات لاستمرار سير سلاسل التوزيع، المطلوبة في القطاعات كافة من المواد الغذائية إلى البنية التحتية والتعدين والزراعة وغيرها.
وحيث إنه ليس من الممكن لمحركات الشاحنات أن تدور بالكهرباء، فالطاقة النووية ليست هي الحل. وعلى الرغم من تجدد الرغبة في الطاقة النووية، بيد أن هناك مشكلة رئيسة، تتمثل في شح اليورانيوم الذي يشكل المصدر الرئيس لهذه الطاقة. وكان من الواضح حتى في خمسينيات القرن الماضي، أن موارد اليورانيوم ليست كافية لدعم العصر الذري.
وقاد ذلك لفكرة توليد وقود البلوتونيوم الانشطاري من نظائر اليورانيوم غير الانشطارية المتوافرة بنسب كبيرة. وجرت محاولات عديدة في سبعينيات القرن الماضي لتشغيل مفاعلات بهذا الوقود المولد، لكنها توقفت نتيجة ارتفاع تكلفتها وصعوبة إدارتها وتعرضها للفشل. كما أنها تساهم في بروز مشكلة استراتيجية غير قابلة للحل، فيما يتعلق بانتشار المواد الانشطارية التي يمكن تسخيرها لبناء أسلحة ذرية. وتم الاستغناء عن الفكرة بعد إصدار قانون يحظر إعادة معالجة اليورانيوم بعد استهلاكه.
وإنتاج اليورانيوم من المناجم ليس كافياً لتشغيل المفاعلات القائمة حالياً، حيث بلغت الفجوة بين العرض والطلب ما يقارب 50% في الفترة بين 1995 إلى 2005، على الرغم من تقلصها التدريجي خلال السنوات القليلة الماضية.
ويقدر إنتاج الولايات المتحدة الأميركية خلال الخمسين سنة الماضية، بنحو 370 ألف طن متري، ليسجل رقماً قياسياً في 1981 عند 17 ألف طن. وفي أوروبا، بلغ الإنتاج ذروته في تسعينيات القرن الماضي بعد استخراج نحو 460 ألف طن متري. وتستورد أوروبا اليوم، جل الكمية التي تحتاجها لتشغيل محطاتها النووية، والمقدرة بنحو 21 ألف طن سنوياً.
ويصل إنتاج كل من روسيا وكندا، نحو 450 ألف طن لكل. وبحلول 2010، بلغ إجمالي الإنتاج العالمي 2,5 مليون طن متري، تم استهلاك 2 مليون منها لأغراض التوليد، بينما ذهب معظم القدر المتبقي للقطاع العسكري.
وتشير آخر البيانات المتوافرة، إلى أن اليورانيوم المعدني يشكل 80% من الطلب، ليتم جسر الفجوة من خلال اليورانيوم المتوافر من المخزون العسكري ومن الرؤوس الحربية النووية المعطلة، بيد أن ذلك ليس حلاً لمشكلة نقص الإمدادات.
وفي ظل الركود الذي يعانيه طلب اليورانيوم اليوم، من الممكن جسر فجوة الإنتاج في غضون عقد أو نحوه، من خلال زيادة الإنتاج المعدني. وفي حالة اتساع رقعة الطاقة النووية حول العالم، من الصعب أن يفي اليورانيوم المعدني بالطلب المزايد على اليورانيوم، بالوضع في الاعتبار الاستثمارات الضخمة التي يتطلبها الأمر، والتي من الواضح عدم إمكانية توافرها في مثل هذا المناخ من ضعف النمو الاقتصادي العالمي.
وفي الوقت ذاته، من المرجح أن يؤثر ما نجم عن حادثة مفاعل فوكوشيما الياباني، على توقعات نمو إنتاج الطاقة النووية، وعلى طلب اليورانيوم، الذي ربما يساعد على توفير الكميات التي تكفي لتشغيل المفاعلات القائمة لعدة عقود قادمة.
وتوجد في الحقيقة كميات كبيرة من اليورانيوم في باطن الأرض، إلا أن نسبة المركز منها قليلة للغاية، للحد الذي يجعل استخراجها غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية. وإذا تمت محاولة استخراج هذه الكميات الشحيحة من اليورانيوم المركز، فإنها تستهلك طاقة تتجاوز تلك التي يمكن أن تساعد في توليدها.
وبدأت تكلفة استخراج اليورانيوم في الارتفاع التدريجي، عندما دعت الضرورة لاستبدال بعض المعدات، وتم استنفاد تعدين المناجم الأقل تكلفة، ما أدى لانخفاض الإنتاج والأرباح معاً.
وبافتراض تشغيل جميع مناجم اليورانيوم التي تم التخطيط لها، كان من المنتظر زيادة حجم التنقيب السنوي من 54 ألف طن، إلى حد أقصى قدره 58 ألفاً في 2015. كما أن تراجع إنتاج اليورانيوم، يجعل من غير الممكن تحقيق زيادة واضحة في الكهرباء المولدة من المحطات العاملة بالطاقة النووية في غضون العقود القليلة المقبلة.
نقلاً عن: ريزيليانس
عدد اليوم
