الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التعصب يسفه آراء المخالفين ويؤدي إلى الفتن في المجتمعات

التعصب يسفه آراء المخالفين ويؤدي إلى الفتن في المجتمعات
13 سبتمبر 2013 00:43
التعصب قانون الهوى، تقوده الهمجية ويدفع ثمنه المجتمع، هذا هو تلخيص الأزمة التي يعيشها الكثير منا، بسبب تعصب البعض منا لناد أو لرأي أو حتى لمنتج استهلاكي لدرجة أن بعض أنواع التعصب مثل الكروي، قد تؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى بالعشرات، وقد لا يعلم القتيل في تلك الحالات لم قتل ولا يعلم القاتل لما قتل. الاعتزاز بالنفس ويقول الدكتور رضا محمد عريضة أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة حلوان: لا بد ونحن نناقش مسألة التعصب أن نفرق بينها وبين الاعتزاز بالنفس، فعندما نقابل شخصاً يقول عن دولته إنها أعظم دولة في العالم، فهذا اعتزاز بالدولة التي ينتمي لها، وليس تعصباً، أما التعصب فهو التمسك بالرأي، وتسفيه آراء المخالفين بكل الوسائل والطرق، حتى لو استخدم المتعصب العنف في سبيل ذلك، ويتعرض المتعصب إلى اختلال نفسي بسبب عدم استقامة فكره ومشاعره وسلوكياته، فهو انحرف بنوع عصبيته إلى أحد طرفي الإفراط أو التفريط، وفي كلا البديلين وقع في مصيدة البطالة الفكرية والوجدانية، ومن ثم السلوكية، بل في كثير من الأحيان ينحرف بعصبيته من أن يكون عاطلاً عن الإنتاج إلى إنسان ذي عزيمة فولاذية في إنتاج ما يضره من نوايا وأفكار وأقوال وأفعال لينقل بإنتاجه عن المعدل الصفري إلى المعدل السالب، فالمتعصب مختل نفسياً بلا جدال، حيث انحرف من الاستقامة الداخلية في ذاته وانحرف عن الاستقامة الميدانية في حياته. ألوان متباينة وتقول الدكتورة إنشاد عز الدين أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية: لقد عرفنا خلال تاريخنا الطويل ألواناً متباينة من التعصب، فحفظ لنا التراث الشعري معلومات مهمة وقيمة عن التعصب القبلي، وسجل التاريخ وما زال يسجل حالات لا حصر لها للتعصب الوطني أو القومي، وعرف تاريخ الفكر ألواناً من التعصب الديني أو الطائفي، وشهدت المجتمعات، وخاصة في عصرنا الحديث ضروباً متعددة من التعصب العنصري أو العرقي، وهذا النوع الأخير من التعصب من أكثر صور التعصب انتشاراً، وقد وصف علماء الاجتماع التعصب بأنه شر حتى لو كان التعصب من أجل الخير، ووصفوه أيضاً بأنه إثم دائم، وأن من واجبنا أن نعارضه في شتى صوره حتى عندما لا يكون ثمة اعتراض أخلاقي على أهدافه ذاتها، بل وعلى وجه الخصوص عندما تتفق أهدافه مع أهدافنا نحن الشخصية، وهناك درسان من أهم الدروس التي يجب أن نتعلمها من التاريخ: الأول أن التعصب مرض خطير، والثاني أن واجبنا هو أن نعارضه تحت كل الظروف، ويأتي على رأس أسباب التعصب تنامي الهويات الفرعية على حساب الهوية الجماعية للمجتمع. وعن رأي الدين في هذه القضية يقول الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية إن ما يتعرض له المجتمع العربي في الفترة الأخيرة يلزمنا بالعمل على إعادة الجماعة المتطرفة لحوزة الإسلام الصحيح، ونبذ التعصب، وإقامة الإخاء والتضامن، لنعيد تشكيل الأمة ونقدم الريادة للعالم، مؤكداً على أن الأمة بشكل خاص تواجه تحديات كبرى، ولا بد ونحن نواجه ظاهرة التعصب أن ندرك أن الأزهر هو الوحيد القادر على وضع خطة تشبه خطة المراجعات التي انتهجها الأزهر وعلماؤه خلال سنوات العنف في مصر، حيث يقول الله تعالي في القرآن الكريم: (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، «سورة الممتحنة: الآية، 8»، فإذا كان الله تعالي نهانا عن مقاتلة الذين يخالفوننا في الدين فماذا عن المسلمين أنفسهم، وقد نسي المتعصبون أن النبي صلي الله عليه وسلم عقد عدة عقود مع الكفار من اليهود والمشركين وغيرهم، مثل معاهدته مع اليهود حين قدم المدينة، ولهذا لا بد من تدخل كل المؤسسات الدعوية لتوضيح خطأ اعتناق فكر التعصب حتى ولو كان في الخير. التجربة التاريخية ويشير الدكتور محمد كمال إمام رئيس قسم الشريعة بجامعة الإسكندرية وعضو هيئة كبار العلماء إلى أن التجربة التاريخية علمتنا أن الجماعات والمجتمعات المتحضرة على مر العصور تعد اختلاف وجهات النظر مصدر خصوبة فكرية، تثري الفكر الإنساني والتجربة الحضارية، وتعين على رؤية الأمور من زوايا مختلفة، فتضيف علماً إلى علم، وعقلاً إلى عقل، وتجربة إلى تجربة وكل هذا يصب في النهاية في صالح المجتمع الذي يحترم أدب الحوار، وإذا انطلقنا من هذا المبدأ فعلينا الالتزام بالرفق واللين والاستماع لكل الآراء، واضعين نصب أعيننا قول الله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن.. كما أنه يجب على كل صاحب حق أو وجهة نظر أن يطلب حقه بالأصول المتعارف عليها شرعاً وقانوناً حتى لا تشيع ثقافة قانون الغاب. ويحذر من التعصب للرأي وإقصاء الآخر، مشيراً إلى أن التعصب جمود في العقل وخلل فكري يدفع بعض الناس إلى التوهم بأنه أفضل من غيره، ولا يسمح بالتعددية الفكرية، وهو جاهلية مقيتة قضى عليها الإسلام، لما لها من تعارض مع الأسس التي وضعها الإسلام للمساواة بين البشر، والتي تتجلى في قول الله تعالي: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلنكم شعوباً وقبائل لتعارفوا)، «سورة الحجرات: الآية، 13»، و(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً...)، «سورة هود: الآية، 118»، وفي ذلك قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبيته. ويضيف الدكتور أحمد كمال أبو المجد المفكر الإسلامي: تتابعت الوصايا في الحث على أن يحسن الإنسانُ الأدبَ مع محاوره، ومن يَتَقَصَّدُه بالحديث، فمن أدب المروءة حسن إصغاء الرجل لمن يحدثه، فإن إقباله على محدثه بالإصغاء إليه يدل على ارتياحه لمجالسته، وأنسه بحديثه، بل إن المتحدث البارع هو المستمع البارع، وبراعة الاستماع تكون بالأذن، وطرف العين، وحضور القلب، وإشراقة الوجه، ولقد كان النبي أحسن الناس إصغاءً، ولا تجد في محاوراته شيئاً مما ينافي ذلك الأدب وهكذا يستطيع المتحاورون الخروج بحوارهم بنتيجة مفيدة وبناءة بلا تعصب أو عنف. الحوار الناجح أوضح الدكتور أحمد كمال أبو المجد المفكر الإسلامي المعروف أن للحوار الناجح الراقي آداباً لا بد منها، وللمحاور البارع المؤثر آداب يحسن أن يتحلى بها وأهم تلك الآداب، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم فالتواضع للمحاور من أعظم آداب المحاور وأسباب نجاحه، والتعالي على المحاور، والاستخفاف به من أشد آفات الحوار وأسباب إخفاقه، فمن الناس من إذا حاور غيره تعالى عليه، وربما أشعره ولو من طرف خفي أنه أعلى منه رتبة، وأرفع مقاماً والتعالي على الآخرين دليل السفه، وآية نقص العقل.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©