السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المصطفى يحافظ على سلامة البيئة في حياته اليومية

المصطفى يحافظ على سلامة البيئة في حياته اليومية
5 مارس 2009 23:18
يعبر الرسول عن عشقه للطبيعة من حوله ويتفاعل مع مكوناتها ويعايش عناصرها، فقد رعى الأغنام، وشجع على زراعة الأشجار، ونجده - صلى الله عليه وسلم - يستقبل المطر استقبالا جميلا، وفي سفره يدعو الله أن يقيه من كآبة المنظر· ويمكن الوقوف على معالم أساسية تشكل أفعاله وجهوده وأقواله من أجل الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث أو العبث بها· وأول هذه المعالم الحفاظ على الصحة البيئية، في حياته اليومية· لم يكن في وطنه بالجزيرة العربية نهر ولا بحر وإنما كان المطر هو المصدر الأول للماء، لذا فعندما يهطل يحسن استقباله ويدعو ربه أن يجعله خيرا، فعن أنس - رضي الله عنه - قال ''أصابنا مطر فخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال: لأنه حديث عهد بربه تعالى'' (رواه مسلم) وعن عائشة - رضي الله عنها- أن رسـول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى المطر قال: ''صيبًا نافعًا'' (رواه البخـاري) كما قال -صلى الله عليه وسلم ''مطرنا برحمة الله وبرزق الله وبفضل الله'' كما في حديث خالد بن زيد - رضي الله عنه - رواه البخاري· وعندما تأخر نزول المطر دعا ربه أن ينزله فقد روى البخاري عن أنس بن مالك قال: أصابت الناس سنة ''جدب'' على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة فقام أعرابي فقال: يا رسول الله هلك المال، وجاع العيال، فادع الله أن يسقينا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وما رأينا في السماء قزعة ''قطعة سحاب''، فو الذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار ''انتشر'' سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر ''يتقاطر'' على لحيته قال: فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى، فقام ذلك الأعرابي أو قال غيره، فقال: يا رسول الله تهدم البناء، وغرق المال فادع الله لنا، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: اللهم حوالينا ولا علينا قال: فما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا فرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة ''أي حتى صارت السحب والغيوم محيطة بالمدينة'' في السحاب، وسال الوادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا حدث بالجود· رواه البخاري · الطبيعة ويبدي الرسول اهتمامه بالمنظر الجميل والبيئة الطبيعية، لذا نجده يدعو ربه أن يقيه من كآبة المنظر أثناء سفره· فقد كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - إذا استوى على بعيره خارجا إلى سفر كبر ثلاثا ثم قال ''سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، اللهم إنا نسألك فى سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطو عنا بعده، اللهم أنت الصاحب فى السفر والخليفة فى الأهل، اللهم إنا نعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب فى المال والأهل'' فقد كان الرسول الكريم نموذجا حيا لحماية البيئة من التلوث بكافة أشكاله، على بساطة تلك الأشكال في عصره، والتي كانت تنجم عن سوء بعض التصرفات الشخصية، حيث لم تكن هناك مصانع أو مصادر أخرى للتلوث، من هنا جاء تركيزه على تغيير السلوكيات الشخصية التي ينتج عنها التلوث، بحيث تصبح ثقافة فيما بعد، وهذا ما حدث بالفعل، فمع تطور حياة الناس واستخدام وسائل أدوات نتج عنها تلوث، وجدنا أن فقهاء المسلمين يوظفون هذه التعاليم ويستخلصون منها أحكاما فقهية تمنع التلوث بل تجرمه· النهي عن تلويث المياه فقد نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن تلويث المياه بالبول أو البراز، وما ينسحب على البول والبراز يمكن أن ينسحب على جميع الملوثات الأخرى التى تضر بصحة الإنسان والحيوان وبقية المخلوقات، يوضح ذلك الباحث خالد محمود عبد اللطيف، مشيرا الى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ''اتقوا الملاعن الثلاث: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل'' رواه أبو داود· ويقول - صلى الله عليه وسلم أيضا ''لايبول أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه'' (سنن الدرامي) وكما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن البول فى الماء الدائم وهو الماء الراكد، نهى أيضا عن البول فى الماء الجاري في حدث آخر رواه ابن ماجه· وهذا الحرص على عدم تلويث الماء نجده سلوكا يوميا في سيرته ودعوته وتعاليمه، حيث يقدم لنا جملة من التعاليم التي تصب في إطار النظافة الشخصية ومنع أسباب التلوث، وهي تعد في زمنها ثورة في هذا المجال، وإن كانت تبدو لنا بسيطة اليوم، ولكن قبل أربعة عشر قرنا من الزمان كانت بمثابة التأسيس لسوكيات حضارية متقدمة، وبالفعل لا تزال فاعلة في حياة أتباعه من المسلمين اليوم، وقد كانت الكثير منها تتعلق بالحفاظ على مصدر الحياة الأول وهو الماء ومنع كافة اسباب تلويثه، ومن بين هذه التعاليم والسلوكيات التي كان يمارسها الرسول بنفسه قبل أن يعلمها لأتباعه، تلك التي تعلق بالنظافة الشخصية والاغتسال، والحرص على عدم تلويث الماء سواء داخل المنزل او خارجه، فيقول ''إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده''(رواه مسلم)· العناية بحفظ الأطعمة وقد نبه النبى صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى العناية بحفظ أطعمتهم وأشربتهم لكيلا تتلوث أو تتعرض للتسمم فنهى عن التنفس فى آنية الشراب أو النفخ فيها، لئلا تنتقل الجراثيم المعدية للآخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم'' إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء فإذا أراد أن يعود فلينح الإناء ثم ليعد إن كان يريد'' (ابن ماجه) ومن تعاليمه التي تستهدف الحفاظ على آنية الماء نظيفة غير ملوثة، نهيه عن ''أن يشرب من فم السقاء لأن ذلك ينتنه'' (رواه البخاري) وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بتغطية أواني الشرب والأكل حتى لا تصاب بأي مصدر من مصادر التلوث كالحشرات وغيرها فقد روى جابر: أمرنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نوكى أسقيتنا ونغطى آنيتنا · · وتقول أم المؤمنين عائشة كنت أضع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة آنية من الليل مخمرة: إناء لطهوره وإناء لسواكه، وإناء لشرابه رواه ابن ماجه· وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن تربية الكلاب لغير غرض لأنها تعتبر عائلا أساسياً للعديد من الطفيليات كالدودة الشريطية، ولذا فقد أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب فى الإناء أن نغسله سبع مرات أولهن بالتراب'' (مسند أحمد)· وبجانب هذا الحفاظ على المياه أثناء الاستعمال الشخصي اي داخل البيوت، نجد انه يحذر من أي سلوك ينتج عنه تلوث البيئة خارج المنزل بل يعتبر أن من يفعل ذلك تحق عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين حتى لو كان ذلك من ناتج أن يغسل اي شخص إناءه او ملابسه على الطريق العام، - قال صلى الله عليه وسلم'' من غسل شحيمته على طريق من طرق المسلمين فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين'' (رواه المنذري في الترغيب والترهيب) وفى إطار هذا المنهج يمكن الحفاظ على جميع عناصر البيئة وحمايتها من أي إتلاف أو فساد أو تلوث· تتلمذ على يديه مسلم وأبو داوود والترمذي الإمام الدارمي أقبلت عليه الدنيا فأعرض عنها عمرو أبو الفضل الإمام عبد الله الدارمي أحد مشاهير علماء الحديث تتلمذ على يديه عدد من كبار المحدثين، منهم ثلاثة من أصحاب كتب الحديث الستة، وهم مسلم، وأبو داوود، والترمذي، فضلا عن عدد من علماء الدين منهم ابن حميد، ورجاء بن مرجي، والحسن بن الصباح البزاز، ومحمد بن بشار، ومحمد بن يحيى· واشتهر بالجمع بين العلم والورع وعرضت عليه مناصب عليا فرفض، مفضلا التفرغ للعلم· ومن أشهر مؤلفاته سنن الدارمي· هو عبدالله بن عبدالرحمن بن الفضل بن بهرام بن عبدالصمد الدارمي التميمي، أبو محمد السمرقندي الحافظ، من بني دارم - بفتح الدال وكسر الراء - بن مالك بن حنظلة بن زيد مناة بن تميم· ولد سنة 181 هجرية· كان ''رحمه الله'' محبا للعلم مجدا في طلبه وطاف البلاد، لا يشغله سوى مجالسة العلماء وطلب العلم وأكب على علماء الحرمين وخراسان والشام والعراق ومصر ينهل منهم· و روى عن يزيد بن هارون، وجعفر بن عون، وبشر بن عمر الزهراني، وأبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وأخيه أبي بكر عبد الكبير، ومحمد بن بكر البرساني، ووهب بن جرير، والنضر بن شميل، وأبي النضر هاشم بن القاسم، وعثمان بن عمر بن فارس، وسعيد بن عامر الضبعي، والأسود بن عامر، وأحمد بن إسحاق الحضرمي، وأبي عاصم، وعبيد الله بن موسى، وأبي المغيرة الخولاني، وأبي مسهر الغساني، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وأبي نعيم، وعفان، وأبي الوليد، ومسلم، وزكريا بن عدي، ويحيى بن حسان، وخليفة بن خياط وغيرهم· قال أبو بكر الخطيب كان الدارمي أحد الحفاظ والرحالة في طلب الحديث، والموصوفين بحفظه وجمعه والإتقان له، مع الثقة والصدق، والورع والزهد، وصار قاضيا على سمرقند، وقد أبى، فألح السلطان عليه حتى يقلّده، وقضى قضية واحدة، ثم استعفى، فأعفي، وكان على غاية العقل، ونهاية الفضل، يضرب به المثل في التدين والحلم والرزانة، والاجتهاد والعبادة، والزهد· وقال محمد بن إبراهيم الفقيه السمرقندي: كنت عند أحمد بن حنبل فذكر الدارمي قال: ذاك السيد عرضت عليه الدنيا فلم يقبل· وقال أحمد بن حامد السمرقندي: سمعت رجاء بن مرجي يقول: رأيت أحمد، وإسحاق، وعلي بن المديني، فما رأيت أحفظ من عبد الله الدارمي· تتلمذ عليه مسلم، وأبو داوود، والترمذي، وابن حميد، ورجاء بن مرجي، والحسن بن الصباح البزاز، ومحمد بن بشار، ومحمد بن يحيى، وبقي بن مخلد، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وصالح بن محمد جزرة، وإبراهيم بن أبي طالب، وجعفر بن أحمد بن فارس، وجعفر الفريابي، وعبد الله بن أحمد، وعمر بن محمد بن بجير، ومحمد بن النضر الجارودي، وعيسى بن عمر السمرقندي راوي'' مسنده'' عنه، وغيرهم· وذكر العلماء أن مصنفات الإمام الدارمي قليلة جداً إذا قورن بغيره من العلماء ومؤلفاته هي المسند، والتفسير، والجامع· وأشهرها سنن الدارمي الذي اشتهر عند المحدثين بـ''المسند'' على خلاف اصطلاحهم وقال السيوطي: ومسند الدارمي ليس بمسند، بل هو مرتب على الأبواب· والمسند يكون مرتباً على أسماء الصحابة، فإطلاق المسند على سنن الدارمي فيه تجوز، والأولى أن يطلق عليه لفظ السنن، لأن السنن في اصطلاحهم: الكتب المرتبة على الأبواب الفقهية من الإيمان والطهارة والصلاة والزكاة إلى آخرها· وليس فيها شيء من الموقوف، لأن الموقوف لا يسمى في اصطلاحهم سنة، بل يسمى حديثاً· وقال العراقي ''اشتهر تسميته بالمسند كما سمى البخاري كتابه المسند، لكون أحاديثه مسندة''· وقال ''إلا أن فيه المرسل والمعضل والمنقطع والمقطوع كثيراً''· وعن الشيخ العلائي أنه قال ''لو قدم مسند الدارمي بدل ابن ماجة فكان سادساً لكان أولى''· وقال بعضهم ''كتاب الدارمي أحرى وأليق بجعله سادساً للكتب لأن رجاله أقل ضعفاً، ووجود الأحاديث المنكرة والشاذة نادر فيه، وله أسانيد عالية، وثلاثياته أكثر من ثلاثيات البخاري''· توفي ''رحمه الله'' سنة خمس وخمسين ومئتين للهجرة يوم التروية، ودفن يوم عرفة وكان يوم الجمعة·
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©