الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عائشة البصري تلامِس تلاشي ذاكرة صمت الصحراء في «توهج الليلك»

عائشة البصري تلامِس تلاشي ذاكرة صمت الصحراء في «توهج الليلك»
5 سبتمبر 2012
صدر حديثاً للشاعرة المغربية عائشة البصري، ترجمة لمختارات من شعرها إلى اللغة الإيطالية، تحت عنوان “توهج الليلك”، وقام بنقل المختارات إلى اللغة الإيطالية المترجم المغربي الرداد الشراطي، وصدرت عن دار نشر إيطالية. وفي تقديمها لهذا العمل الشعري، تقول الشاعرة الإيطالية المعروفة ماريا أتانازيو إن الشاعرة عائشة البصري حرصت على تصدير قصائدها بأبيات من قصيدة “الميناء الدفين” للشاعر الإيطالي الكبير جوزيبي أونغاريتي جاء فيها: من تلك القصيدة تبقّى لي ذاك الفراغ ذو السرِّ اللانهائي. وتضيف قائلة عن نصوص المختارات في التقديم الذي ترجمه الرداد الشراطي “إنها أبيات لها إيحاؤها ودلالتها. يغدو الفراغ بسرِّه المشرع كاتباً للقصيدة، حيث يتأثث بالصمت تارة وأخرى يخترق أشياء وأمكنة تشكّل الفضاء الشعري لعائشة البصري عبر رؤية تجوبُ الغرفة وتنكتب في المرآة لتمتَدَّ من تلك الشرفة المفعمة بخاصية التخييل، عابرة أسوار المدينة والبنايات والحدائق لتلامِسَ تلاشي ذاكرة صمت الصحراء حيث “لا صوت يعلو”. امتدادٌ من رمل، كما منْ ريح لا نهائي ومتجدِّد في تغيّر أشكال الكثبان، هو ما يَسِمُ العتبة الرمزية لقصائد “توهج الليلك”. إن التحرِّي اللانهائي للشاعرة عائشة البصري عن علاقة الزمن بالوجود، يكشف بجلاء النواة الأساس في مجمل قصائد المختارات، نواة تمنحنا مدخلاً قرائياً، إذ تبدو دوماً بين الخفاء والتجلّي في الإيحاء الرمزي لقصائد الشاعرة. وما يميِّز هذا الإيحاء كونه يعثر في اليومي على تعالق تعبيري، بينما يجد في الضباب والصحراء والمرآة استعاراته المفضّلة التي تأسس البعد التخييلي لهذه القصائد على جدلية دائمة، وما إن تتخفَّفُ من التفاعل القائم بينها حتّى تستقيم في تركيب تعبيري متنوع. العمق القوي للإحساس المحتدم في الجزء الأول من هذه المختارات يمحو كل حدٍّ فاصِلٍ بين الكلمة والشيء، بين الإنسان والطبيعة عبر منفذ استعاري دائري يصِلُ الغرفة بالصحراء والضوء، كما يصل العتمة والجسد بالقصيدة، كي يتجدّدَ باستمرار في دفق نادر. في قصائد “عزلة الرمل” مثلاً تفقد الطبيعة كل إيحاء مادّي وتاريخي، لتصبح فضاء وتعالقاً للروح، إنها بناء على هذا التحوّل حيث تكتب: “كاهنٌ يلوكُ صلواته/ على صفيح ساخن” بينما يتَّخِذُ الضوء شكل سيدة لـ “يُلملم أهدابه/ في حقائب الظلمة”. في الجزء الثاني من المختارات، ثمة إحساس حميم وصريح ينهض بوضوح على قراءة تفاصيل اليومي الموجعة، انطلاقاً من ألَمٍ يتآخى مع العشق، واانطلاقاً أيضاً من تيمتيْ العزلة والتيه الوجودي، تيمات تنشئ في تفرّد خارق ورِقة موسيقية صوّراً شعرية مثيرة. في قصيدة “ذكريات” تكشف الشاعرة عائشة البصري عن عمق ألم الذكريات: “الذكريات التي واريتهَا الثرى، اقتحمت خلوتنا الليلة، ودون استئذانٍ شطّرت سريرنا نصفين” كما أن الصور غالباً ما تفقد الإحالة على خاصِّها لتتمَدَّدَ في رمزية رفيعة بغية البوح بحالةٍ إنسانية عامة: “ألا اسحبي الجثةَ من نهر الطفولة، انزعي الخنجر من بين الضلوع”. تفصح شعرية عائشة البصري عن مسَارٍ يختزل المسافة بين اللغة والحياة، فالشعر بالنسبة لها لم يكن يوماً مجرّد سن قواعد للأحاسيس، بقدر ما هو شغف تستثمره في مواجهة الموت والحياة بالاستناد إلى معان جديدة في اللغة، واصفة السفر الجسور للكلمة الشعرية التي تلامسُ هاوية الموت: “رائِعٌ عبورك في المرآة”. أمام سرِّه العصي على السبر يجبرنا الشعر على التوقّف والتأمل: “سَأغلق النّص على عتمته/ كي لا يسيح الرمل بين الشقوق” لينبعثَ عنيداً في استدعائنا للكتابة ولو عَبِْر، بقايا أصواتٍ أَرَّقها الحنين إلى الآتي”. يشار إلى أنه قد صدر للشاعرة ترجمات لإعمالها الشعرية إلى اللغات: الفرنسية، والإسبانية، والتركية، والألمانية.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©