الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الكريم معصوم

11 ديسمبر 2010 19:52
يوقدون النار ليلاً لجذب الأضياف، يجودون، ويؤثرون أضيافهم على أنفسهم، الكرم طبع في العرب، بهم يضرب المثل في الكرم، ولا يذكر الكرم إلا مع حاتم الطائي، ومع أن أكثر من ثلاثة عشر قرناً مضت على وفاته لم يزل خالداً كلما ذكر الكرم. لما تزوج حاتم ماوية، وكانت من أحسن النساء، لبثت عنده زمناً، ثم إن ابن عمّ له - يقال له مالك - قال لماوية: ما تصنعين بحاتم؟ فوالله لئن وجد شيئاً ليُتلفنه، ولئن لم يجد لتكلفن، ولئن مات ليتركن ولده عِيالاً على قومه، طلّقي حاتماً وأنا أتزوج بك، فأنا خير لك منه وأكثر مالاً، وأنا أمسك عليك وعلى ولدك. فقالت ماوية: صدقت، إنه لكذلك، فلم يزل بها حتى طلقت حاتماً. وكانت النساء أو بعضهن يطلقن الرجال في الجاهلية، وكان طلاقهن أنهن يحولن أبواب بيوتهن، إن كان الباب إلى المشرق جعلته إلى المغرب، وإن كان الباب قِبل اليمن جعلته قِبل الشام، فإذا رأى ذلك الرجل علم أنها قد طلقته. فأتى حاتم فوجدها قد حولت باب الخباء، فقال لابنه: يا عدي، ما ترى أمك؟ ما عدا عليها؟ قال: لا أدري! غير أنها غيرت باب الخِباء - وكأنه لم يَلْحن لما قال، فدعاه فهبط به ببطن واد. وجاء قوم فنزلوا على باب الخباء، كما كانوا ينزلون فتوافَى خمسون رجلاً، فضاقت بهم ماوية ذرعاً، فقالت لجارتها: اذهبي إلى مالك، فقولي له: إن أضيافاً لحاتم قد نزلوا بنا وهم خمسون رجلاً، فأرسل إلينا بنابٍ نَقْرهم ولبنٍ نَغْبُقهم. وقالت لجاريتها: انظري إلى جَبينه وفمه، فإن شافهك بالمعروف فاقبلي منه، وإن ضرب بلحييه على زوره، فارجعي ودعيه. فلما أتت مالكاً وجدته متوسداً وطباً من لبن، فأيقظته وأبلغته الرسالة، وقالت: إنما هي الليلة حتى يعلم الناس مكانك، فأدخل يده في رأسه، وضرب بلحييه على زوره، قولا لها: أقرِئي عليها السلام، وقولي لها: هذا الذي أمرتُك أن تُطلقي حاتماً من أجله، فما عندي من كبيرةٍ قد تركت العمل، وما كنت لأنحر صفية غزيرة بشحم كُلاها، وما عندي لبن يكفي أضياف حاتم! فرجعت الجارية فأخبرتها بما رأت منه، وأعلمتها بمقالته، فقالت لها: ويلك! ائتني حاتماً فقولي له: إن أضيافك قد نزلوا الليلة بنا، ولم يعلموا بمكانك، فأرسل إلينا ننحرها ونقرِهم، وبلبن نسقيهم، فإنما هي الليلة حتى يعرفوا مكانك. فأتت الجارية حاتماً فصرخت به. فقال حاتم: لبيك قريباً دعوت! فقالت: إن ماوية تقرأ عليك السلام، وتقول لك: إن أضيافك قد نزلوا بنا الليلة، فأرسل إليهم بناب ننحرها لهم ولبن نسقيهم. فقال: نعم وأبي! ثم قام إلى الإبل فأطلق اثنتين من عقاليهما، ثم صاح بهما حتى أتى الخباء، فضرب عراقيبهما، فطفقت ماوية تصيح وتقول: هذا الذي طلقتك فيه! تترك ولدك وليس لهم شيء! يقول نور الدين السالمي: هوّن عليك فـإنّ الـرزقَ مقســـومٌ والعمر في اللوح محـــدودٌ ومعلومُ فلا يزيدُ علـى ما خـطّ منــــه كمــا لايدفع الجُبن ما في الغيب محـتومُ فاخترْ لنفسكَ أيَّ الحالتيـن تـرى إن الكريم عــن الإذلال معصـــومُ واعلم بأنك إنْ تلقَ العــدوّ علــى صبرٍ تلقاك مـن عينيـــه تعظــيمُ فأوسعُ الخُلُـقِ من عِلْمٍ ومــن كَرَمٍ وسُؤْددٍ فاخـرٍ بالعـدلِ مختـــــومُ «نور الدين، أبو محمد، عبد الله بن حميد بن سلوم بن عبيد بن خلفان بن خميس السالمي، رحمه الله، من بني ضبّة، من قبيلة السوالم في سلطنة عمان، 1286 هـ- 1332هـ» إسماعيل ديب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©