الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان... وتسريبات «ويكيليكس»

11 ديسمبر 2010 21:34
قبل أشهر على دعوة إدارة أوباما الكونجرس هذا العام إلى تقديم ملياري دولار من المساعدات العسكرية لباكستان ضمن استراتيجية متواصلة للفوز بتأييد حليف متردد في الحرب على الإرهاب، حذر دبلوماسيون أميركيون في إسلام آباد صراحة من أن مقاربة "المال مقابل التعاون" لن تنجح؛ حيث قالت السفيرة السابقة "آن باترسون" العام الماضي في برقيات تم الكشف عنها مؤخراً إن زيادة الدعم المالي لن تمثل حافزاً كافياً لباكستان حتى تقطع علاقاتها مع مجموعات مقاتلة تهاجم قوات الولايات المتحدة و"الناتو" في أفغانستان، وذلك لأن إسلام آباد تنظر إلى تلك المجموعات باعتبارها وسيلة حماية لمواجهة احتمال قيام حكومة موالية للهند في كابول. وفي هذا السياق، ذكرت "باترسون" في برقية إلى واشنطن بتاريخ الثالث والعشرين من سبتمبر 2009 : "من غير المرجح أن تنظر باكستان إلى رفع مستوى المساعدة في أي مجال كتعويض كاف للتخلي عن دعم هذه المجموعات، التي تنظر إليها باعتبارها جزءاً مهماً من جهاز أمنها القومي في مواجهة الهند"، مضيفة "إن الطريقة الوحيدة لإنهاء مثل هذا الدعم هي تغيير تصور الحكومة الباكستانية لمتطلباتها الأمنية". وتُظهر البرقيات الدبلوماسية التي أفرج عنها موقع "ويكيليكس" هذا الأسبوع شك "باترسون" في مخطط واشنطن لهزم الحركات المقاتلة في أفغانستان وبمحاذاة حدودها المضطربة مع باكستان؛ حيث شددت السفيرة على أنه طالما أن باكستان، تنظر إلى المشاركة الهندية في أفغانستان باعتبارها تهديداً، فإن العلاقات مع "طالبان" أفغانستان وشبكة حقاني الحليفة لها ستظل قوية. وحسب "باترسون"، فإن إسلام آباد مقتنعة بأن من شأن قيام حكومة موالية للهند في كابول أن توفر لنيودلهي الوسائل لخوض حرب بالوكالة ضد باكستان انطلاقا من الأراضي الأفغانية. وفي هذا السياق، ذكرت "باترسون"، التي غادرت إسلام آباد في وقت سابق من هذا العام: (إن المال وحده لن يحل مشكلة "القاعدة" أو نشاط "طالبان" في باكستان)، مضيفة "إن صفقة كبيرة تَعِد بالتنمية أو المساعدة العسكرية مقابل قطع العلاقات لن يكون كافياً لإبعاد باكستان عن السياسات التي تعكس أكبر مخاوفها". والجدير بالذكر هنا أن الولايات المتحدة قدمت خلال التسع سنوات الأخيرة أكثر من 13 مليار دولار من المعدات العسكرية لإسلام آباد، كما تعهدت بملياري دولار إضافية في أكتوبر. وإضافة إلى ذلك، قدمت أميركا وبلدان أخرى لباكستان مئات الملايين من الدولارات ضمن جهود إغاثة ضحايا الفيضانات هذا العام. كما تقدم واشنطن حزمة مساعدات غير عسكرية بقيمة 7.5 مليار دولار على مدى خمس سنوات. غير أن البرقيات رسمت بتفصيل كبير العلاقة المتشنجة بين الولايات المتحدة وباكستان. ويعود الارتياب الباكستاني في نوايا واشنطن إلى زمن الغزو السوفييتي لأفغانستان، عندما تحالفت الولايات لمتحدة مع باكستان لدعم المجاهدين الأفغان، ثم تخلت عن المنطقة عندما انتهت الحرب. ومنذ ذلك التاريخ، تشعر باكستان بالقلق من احتمال أن تتخلى الولايات المتحدة مرة أخرى عن المنطقة عندما يتم هزيمة "طالبان" أفغانستان أو يعاد إدماجها ضمن المجتمع الأفغاني. وبدورها، تجد الولايات المتحدة صعوبة في الوثوق في حليف يحارب المتمردين الذين يضربون داخل باكستان، ولكنه لا يفعل شيئاً ضد المقاتلين الذين يشنون هجمات على قوات التحالف في أفغانستان. وتقدم البرقيات صورة لباكستان تربك وتحير الولايات المتحدة عبر دعم طالبان أفغانستان بشكل فعال على ما يبدو. فحسب برقية تصف بياناً موجزاً قدمه في الخامس والعشرين من نوفمبر 2008 "بيتر لافوي"، ضابط الاستخبارات القومية الأميركية لجنوب آسيا، لمسؤولي "الناتو"، فإن الحكومة والجيش في إقليم بلوشستان الباكستاني الجنوبي يسمحان لزعامة "طالبان" أفغانستان، المعروفة باسم "كويتا شورى"، بالعمل "من دون قيود". وقال "لافوي" إن باكستان تعتبر أن تأمين مكانة جيدة لـ"طالبان" أفغانستان في المشهد الأفغاني خلال مرحلة ما بعد الوجود العسكري الأميركي يمنع الهند من تشكيل تحالف قوي مع كابول، مضيفاً أن دعم "طالبان" أفغانستان يحول أيضاً دون توجيه أولئك المتمردين لعنفهم نحو باكستان. ونقلت البرقية عن لافوي قوله: "إن دعوة المجموعات المقاتلة إلى التركيز على الخارج ينظر إليه المسؤولون الباكستانيون كوسيلة لحفظ الأمن الداخلي". ولعل أبرز مؤشر على انشغال باكستان بمنافسها النووي الرئيسي، الهند، هو قرارها زيادة ترسانتها النووية رغم اقتصادها المتعثر، كما نقلت البرقية عن لافوي. غير أنه بخصوص بعض المستويات، توضح البرقيات، تُظهر باكستان تعاوناً تجده الولايات المتحدة مشجعاً. ومن المعلوم أن الولايات المتحدة تعتمد كثيراً على الضربات الصاروخية التي تنفذها طائرات من دون طيار ضد مخابئ طالبان و"القاعدة" في المناطق القبلية الباكستانية لشمال وجنوب وزيرستان، ضربات تندد بها الحكومة الباكستانية باستمرار، باعتبارها انتهاكاً لسيادة البلاد. غير أن برقية في الثالث والعشرين من أغسطس 2008 تصف اجتماعاً بين باترسون ورئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني ووزير الداخلية رحمن مالك تمثل تأكيداً على أن باكستان تغض الطرف عن حملة الطائرات من دون طيار. وقد لخصت "باترسون" في برقية إلى واشنطن بتاريخ الحادي والعشرين من فبراير 2009 العلاقة بين البلدين باعتبارها "علاقة اعتماد مشترك نعترف به على مضض – فباكستان تعرف أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن ترحل؛ والولايات المتحدة تعرف أن باكستان لا تستطيع الاستمرار من دون دعمنا". أليكس رودريجيز إسلام آباد ينشر بترتيب خاص مع خدمة "إم. سي. تي. إنترناشيونال"
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©