الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
ألوان

الرشوة..إفساد في الأرض وخيانة للأمانة

الرشوة..إفساد في الأرض وخيانة للأمانة
10 سبتمبر 2015 23:49
أحمد مراد (القاهرة) حذَّر علماء من الأزهر من خطورة تفشي ظاهرة الرشوة في المجتمعات العربية والإسلامية، ووصفوها بأنها من الفساد في الأرض وخيانة الأمانة، لذا حرمها الإسلام الحنيف، ووضع آلية عامة لمحاربتها. وأوضح العلماء أن آثار الرشوة متعددة، ففيها ضياع للحقوق، وإهدار للمصالح العامة والخاصة، وانتشار للظلم، وإخلال لموازين العدالة، واستباحة ما حرم الله، وهذا هو الضلال المبين الذي تعاني من آثاره السيئة المجتمعات والأفراد. مال حرام عرف د. شوقي علام، مفتي مصر الرشوة بأنها ما يعطيه الشخص لغيره لكي يحمله على ما يريد، وهي محرمة في كل دين، وشيوعها يدل على شيوع الفساد في المجتمع، قال الله تعالى: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)، «سورة البقرة: الآية 188»، وعن عبدالله بن عمرو قال: «لعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الراشي والمرتشي»، ومال المرتشي سحت وحرام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لكعب بن عجرة رضي الله عنه: «يا كعب، لا يدخل الجنة من نبت لحمه من سحت، النار أولى به». وأكد مفتي مصر أن الشريعة الإسلامية حرمت جريمة الرشوة، سواء أصدرت من موظف حكومي أم غير حكومي، وسواء أكان عمومياً أم خاصاً، والرشوة تعد درباً من دروب الفساد، مما يستوجب على المسؤولين في مواقعهم الضرب بيد من حديد بلا تهاون على يد المفسدين، فلا يجوز التهاون مع الشخص الذي يبادر بدفع مال لموظف مقابل الحصول على حقه، حيث إن هذا الموظف يتقاضى أجرا للقيام بعمله من الجهة التي يعمل بها، أو أن يدفع مالاً ليدافع به عن نفسه، أو لأخذ ما يراه حقا له، فينبغي أن يكون المسلم إيجابياً لا يقر الفساد وينميه، بل عليه أن يمنعه ويحاربه، ويتعاون مع المجتمع في القضاء عليه. ويتم ذلك بأن يعظ من يطلب الرشوة، ويذكره بالله بدلاً من أن يعطيه ما يطلب، فإن لم يستجب المرتشي للوعظ أبلغ عنه المسؤولين لمعاقبته والأخذ على يده. مسميات مختلفة وأعرب د. عبد الفتاح إدريس، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عن أسفه لتفشي ظاهرة الرشوة في المجتمعات العربية والإسلامية تحت مسميات عدة، مثل العمولة، والأتعاب، والإكراميات، والبقشيش، وقال إن الرشوة سلوك سيئ لعن الله فاعله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش»، أي لعن الله مقدمها، وآخذها، والواسطةَ بينهما، إن كان بين الراشي والمرتشي وسيط يقوم بنقلها من الأول إلى الثاني، وهذا اللعن لا يكون إلا على أمر حرمه الشارع، وقد اعتبر الشارع الرشوة أكلاً لأموال الناس بالباطل، كما أعتبرها سحتا يأكله المرتشي، فقال الله سبحانه وتعالى في شأن اليهود الذين يأكلون السحت ويستحلون الرشوة: «سماعون للكذب أَكالون للسحت»، واعتبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدايا التي يأخذها العاملون في الدولة غلولا، أي خيانة للأمانة. أضاف د. إدريس: لا يخفى على أحد أثر الرشوة في ضياع الحقوق على أصحابها، وإهدار المصالح العامة والخاصة، وشيوع الفساد، وانتشار الظلم، وإخلال موازين العدالة، واستباحة ما حرم الله سبحانه، وهذا هو الضلال المبين الذي تعاني من آثاره السيئة المجتمعات والأفراد. الوازع الديني تابع: وإذا كان ضياع الوازع الديني والرغبة في الثراء السريع من أسباب تفشي ظاهرة الرشوة، فإن القضاء عليها مرهون بنشر الوعي الديني وتذكير من لديهم الاستعداد النفسي لاقتراف هذا المنكر بالوعيد الشديد الذي يناله من أقدم على تقديم الرشوة أو سهل الحصول عليها أو أخذها، بالإضافة إلى الطرد من رحمة الله تعالى. وأضاف د. أدريس: وأيضاً عمر بن الخطاب رضي الله عنه رفض وهو خليفة المسلمين أن يعاونه أحد من الرعية ولو بسقي إبله أو إبل أحد أبنائه، تورعاً من تقديم منفعة إليه على سبيل الرشوة، ومنعا من أن يتهم باستغلال نفوذه، أو يتهم أحد أبنائه باستغلال نفوذ أبيه في الحصول على ما ليس من حقه. سلوك سيئ لعن الله فاعله تطمس الحق وتحجب العدل وتضيع الحقوق ضرورة الضرب بيد من حديد على يد المفسدين كادر تطمس الحق وأكد د. أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الرشوة حرام، حتى وإن كان الهدف من ورائها عمل صالح ومن يفعل ذلك يكون قد ارتكب ذنبا كبيراً، مشيراً إلى أن الأعمال الصالحة حتى تقبل لا بد أن يلتزم فيها الإنسان بالسبل الشرعية الموصلة لهذا العمل. وقال: الرشوة تطمس الحق، وتحجب العدل، وتكون سبباً في ضياع الحقوق وإعطاء من لا يستحق ما ليس له، كما تساعد على إخفاء الجرائم، وتستر القبائح، وتقلب الوقائع، وتقدم غير الكفء على الكفء، وترفع الخامل، وتخفض المجد، وتنفع الغني القادر وتضر الفقير المحتاج، وقد تجلب لبلاد المسلمين المواد الفاسدة والمخدرة والسموم والمحرمات، ويترتب على ذلك الكثير من المفاسد والآثار البالغة السوء على الأفراد والمجتمعات، ولهذا كانت الرشوة في نظر القانون جريمة، وخيانة وطنية، وهي في نظر الشرع إثم عظيم.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©