الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

انتبهوا أيها السادة احتراف أوليـــاء الأمور!

انتبهوا أيها السادة احتراف أوليـــاء الأمور!
23 فبراير 2008 00:13
للاحتراف جوانب سلبية أيضاً·· وكما هلّلنا مرحبين بذلك الدواء الجديد الذي أخذ يصب في شرايين كرة القدم الإماراتية، فعلينا أيضاً أن نلاحظ أعراضه الجانبية، وأحدها ما يمكن أن نسميه ''احتراف أولياء الأمور''!!·· هذه ليست سخرية ولكنها حقيقة، فما أن تقرر توقيع عقود رعاية مع الصغار بين 14 و19 سنة منعاً لانتقالهم بين الأندية دون ضوابط، إلا ونصب كثير من أولياء الأمور مزاداً حول أبنائهم ينتهي على أعتاب من يدفع أكثر! ولأن توقيع ولي الأمر على عقد الرعاية هو أهم شروط صحة التعاقد، فقد اتخذ البعض من توقيعه سلعة تباع وتشترى وتذهب في نهاية المطاف لمن يدفع خمسة أو ستة آلاف درهم شهرياً دون عابئ بالمخاطر التي تتراقص من حوله، وقد ظهرت مؤشراتها الأولى في صورة رسوب دراسي متزايد للعديد من صغار الرياضيين الذين دفعوا ثمن حبهم للكرة ولكنهم دفعوا ثمن حب أولياء أمورهم للمال! ولم يعد ولي الأمر يعبأ بالدراسة باعتباره -كما يعتقد- قد اتخذ خطوة مهمة نحو تأمين مستقبل ولده بنقله لمن يدفع أكثر، ووضعه على بداية سلم الاحتراف غير عابئ برغبة الصغير نفسه ودون النظر إلى ما قد يترتب على قراره من آثار سلبية قد تكون عميقة الأثر وتتخطى الدراسة إلى جوانب أخلاقية وربما فنية في الوقت نفسه فيهدر موهبة الصغير بدلاً من استثمارها وقد يصل به إلى حالة من الضياع! أحمد الغيث·· يستغيث: ولي الأمر يأتي بولده و رقم الحساب ولتذهب الدراســـة إلى الجحيـــم يقول أحمد الغيث المدير التنفيذي لنادي النصر: إنني لاحظت في الفترة الأخيرة إهمالاً واضحاً من أولياء الأمور لأبنائهم في سن 14 و16 سنة، حيث تفرغ الآباء للعقود والمساومات، معتقدين بذلك أنهم يقومون بتأمين مستقبل أبنائهم، وتناسوا الدراسة تماماً، وإذا أجريتم إحصائية على شريحة كبيرة من اللاعبين في هذه السن في آخر عامين فستجدون أغلبهم راسبين، حيث ارتفعت نسبة الرسوب بين الطلبة الذين يلعبون كرة القدم بصورة ملحوظة ومتصاعدة خاصة في الفئة من سن 14 إلى 16 سنة· وأضاف: إذا سارت الأمور على هذا النحو، فإننا بعد سنوات قليلة سنجد نسبة كبيرة من شبابنا عاطلين يبحثون عن كرة القدم بلا مؤهلات أو شهادات دراسية؛ لأن شريحة غير قليلة من أولياء الأمور صاروا (يدورون) على الأندية ولا يهمهم إلا أن يأتوا لتسلم رواتب أبنائهم ويبحثوا عن 4 أو 5 آلاف درهم كل شهر، ولتذهب الدراسة إلى الجحيم·· وقد أصبح هذا المشهد دائم التكرار في كل الأندية، حيث يأتي ولي الأمر بابنه طالباً توقيع عقد، ويعطيك رقم الحساب لتضيف الراتب إلى رصيده كل شهر· وقال: منذ صدور القرارات الخاصة بتوقيع عقود مع الصغار، قد تفاقمت المشكلة، حيث صار من حق ولي الأمر أن ينقل ابنه إلى أي نادٍ آخر غير النادي الذي اعتاده أو تربى فيه ما لم يكن مرتبطاً معه بعقد رعاية، وهو أمر جديد على هذه الفئات السنية الأخيرة، وبهذه الطريقة جاء حارب مردد إلى النصر وهو تحت 18 سنة، حيث أكد والده أنه لا يريده أن يلعب للإمارات· وبحثاً عن الحل، قال أحمد الغيث: إنني أطالب اتحاد الكرة بالبحث عن علاج للمشكلة باعتبارها قد أسفرت عن آثار جانبية خطيرة، حيث إنها تهدد شبابنا في مستقبلهم، ولا يغيب عنّا أن نهضة الأمم مرهونة بنهضة التعليم، وهذا القرار أسفر عن إهمال دراسي واضح جاء بغير وعي من الآباء، وبالطبع فإن الأبناء في سن صغيرة لا يستطيعون معها أن يدركوا ماذا ينتظرهم في المستقبل، ولا يستطيع أحدهم النظر بعيداً إلى الأمام، ويشعرون بأنهم طالما كانوا يكسبون مالاً ويحققون دخلاً شهرياً فإنهم بذلك قد أدوا ما عليهم، ولا تهم الدراسة كثيراً· وأضاف: إنني أطالب اتحاد الكرة -مثلاً- بأن يربط التصديق على عقود اللاعبين الصغار بالنتائج الدراسية، فلا يصدق الاتحاد على عقد للاعب صغير إلا إذا كان يدرس وكانت نتائجه جيدة، فربما يكون في ذلك مخرج للجميع من هذه الأزمة· وأشار الغيث إلى أنه سواء أكــان ذلــك هــو الحــــل الأمـــثل أم غــيره، فــإن القضـــية يجب أن تدرس جيداً؛ لأنها تتعلق بمستقبل شبابنا خاصة إذا كانـــت هنـــاك نســـبــة كبـــيرة من أولياء الأمور لا يفكرون بنظرة ثاقبة في مستقبل أبنائهم بقدر ما يفكرون في استثمارهم على هذا النحو الخاطئ· إسماعيل راشد: الآثار فنية وأخلاقية وليست دراسية فقط ينظر إسماعيل راشد مدير الفريق الأول لكرة القدم بنادي الوصل إلى القضية من زاوية أخرى، مشيراً إلى أن آثارها لا تتوقف عند الإهمال الدراسي، لكنها تسفر عن حالة تخبط عام ولها تأثيرات فنية وأخلاقية خطيرة! قال: إن أولياء الأمور يعتقدون أنهم يبحثون عن مصلحة أبنائهم، فينقلونهم من أنديتهم إلى أندية أخرى بحثاً عن المال، وعلى غير رغبة الأبناء، حيث إن نسبة كبيرة من اللاعبين الذين يتعرضون لهذه الظاهرة يشعرون بالراحة في الأندية التي تربوا فيها وأصبحت لهم حياتهم الاجتماعية وعلاقاتهم بالزملاء والأصدقاء في هذا النادي، إضافة إلى علاقاتهم الفنية بمدربيهم واستيعابهم لفكرهم التدريبي والخططي وما إلى ذلك من علاقات اجتماعية وفنية· وأضاف: في لحظة واحدة يجد اللاعب نفسه خارج هذا الإطار كلياً فيتأثر فنياً وينخفض مستواه ويصاب بنوع من التخبط الفني ويشعر بكثير من الغربة وأحياناً يعيش في سن غير سنه، معتقداً أنه أصبح قادراً على تحقيق دخل مادي مما يؤثر على سلوكه، وبالتالي فإن اللاعب الصغير يتأثر ليس دراسياً فقط ولكن أيضاً فنياً وأخلاقياً، وكثيراً ما ينقله ولي أمره من ناديه الكبير إلى نادٍ أصغر بحثاً عن المال، فتكون السلبيات أوسع وأكثر تأثيراً، وعلى ولي الأمر ألا يبيع ابنه تحت شعار مصلحة الأبناء· وبالرغم من ذلك، يرى إسماعيل راشد جانباً إيجابياً في هذه القضية؛ لأن الأندية بهذه الطريقة تحفظ حقوقها لدى اللاعبين الصغار، حيث لا يعقل أن تربي الأندية لاعبيها وتنفق عليهم 7 أو 8 سنوات، ثم يذهبون بعد ذلك إلى أندية أخرى دون مقابل أو حق رعاية حصل عليه النادي، لذلك كان قرار إلزام الأندية واللاعبين الصغار بتوقيع عقود حفاظاً على حقوق جميع الأطراف، وهذا لا يمنع من أن نتقل اللاعب بعد ذلك إذا أراد إلى أندية أخرى، ولكن بعد أن يحصل ناديه على حق الرعاية طبقاً للوائح· وعن الحل الممكن لتجنب الآثار السلبية، قال إسماعيل راشد: إننا نعيش ''سنة أولى احتراف'' والثقافة الاحترافية لا تكون وليدة اللحظة، ونحن بحاجة إلى مزيد من الوقت لاكتسابها، وبالتالي يستطيع اللاعب الصغير أن يدرك أهمية الدراسة، إلى جانب الكرة وربما لا يتحقق ذلك إلا في الأجيال القادمة عندما تترسخ المفاهيم، ويحفظ اللاعب كل معاني الاحتراف، وما فيه من انضباط ونظام والتزام·· أما المفاهيم الاحترافية في هذه المرحلة، فهي مجرد بدايات أو ''حبر على ورق''! علي إبراهيم مدرب الناشئين: نزوح المواهب يزيد الفجوة لصالح الأندية الكبيرة يكشف المدرب الوطني علي إبراهيم مدرب منتخب الناشئين عن زوايا جديدة للقضية، فيرى أنها سوف تتسبب في نزوح سريع للاعبين من الأندية الصغيرة إلى الأندية الكبيرة التي تستطيع أن تدفع أكثر مما يزيد الفجوة بين الطرفين اتساعاً، ويخل بالتوازن بين الأندية فيزداد الكبار تضخماً، ويزداد الصغار هزالاً، الأمر الذي قد يؤثر مستقبلاً على قوة المنافسات في المسابقات المحلية· وأضاف: إننا نسمع هذه الأيام بصورة واسعة عن شكوى الأندية الصغيرة من أن الأندية الكبيرة تسحب لاعبيها الصغار، حيث أصبح الأمر حالة من حالات العرض والطلب وتجد العديد من أولياء الأمور لا يتمتعون بدرجة عالية من الوعي وآخرون غير ذلك يدركون أن الخيــار الصحــيح ليــس في النادي الذي يدفع أكثر، ولكن في النــادي الــذي يتربى فيه ولده تربية صحيحـــة ولا يهمل دراسته ويحظى بالاهتمام التدريبــي اللازم· ويضـــيف عـــلي إبراهيم: إن ولي الأمر يجب أن ينظر إلى المدربين الذين يتولون تدريب ولده وإلى رغبة الابن نفسها؛ لأن السير في عكس رغبــة اللاعــب الصــغير قد تصــل به إلى حالة الضياع فنياً ودراسياً أيضاً والمفترض أن يكون ولي الأمر حريصاً على ابنه أكثر من ذلك وأن يســـعى إلى تــأمين مستــقبله ليــس عن طريــق الكرة ولكن عــن طريق الدراســة أولاً؛ لأن المادة ليست كل شيء· ويتفق علي إبراهيم مع الرأي القائل إن الحل لابد أن يأتي بطريقة ذاتية من أولياء الأمور أنفسهم دون قرار يربط الدراسة بتصديق العقود في اتحاد الكرة؛ لأن ذلك يخالف مبدأ حرية اللاعب غير المتعاقد في الانتقال· وأضاف: إن أهمية الدراسة لا تقتصر على أنها تحفظ للاعب الصغير مستقبلاً طيباً فقط ولكنها أيضاً تفيد في الجانب الفني؛ لأن اللاعب المتفوق دراسياً أفضل من اللاعب المهمل وتراه أكثر استيعاباً وفهماً لكثير من الجوانب الفنية في كرة القدم، ونحن كمدربين أيضاً لنا دور، وعلينا أن نحافظ على هذه المبادئ، وأن نشجع اللاعب المتفوق دراسياً، ونقوم بتقويم اللاعب غير المتفوق قدر الإمكان· وقال: ربما يكون الحل الأمثل لهذه القضية هو التوسع في إنشاء أكاديميات بالأندية، كما هو الحال في بعض الأندية الكبيرة حالياً مثل الوحدة، والعين، والجزيرة، حيث إن لديها أكاديميات كروية دراسية فيها تحصيل علمي على مستوى رفيع، إضافة إلى مستوى فني متميز ومدربين على درجة عالية من الكفاءة والخبرة في العمل مع المراحل السنية الصغيرة· وأضاف: تقوم هذه المدارس مع صغرها بكل الأدوار الكروية الفنية والدراسية وحتى الغذائية فتضع نظماً غذائية علمية سليمة تتوازى مع التدريب والدراسة، وهذا هو الحل المثالي الذي لو وجدته فسوف أكون مطمئناً على ولدي من كل الوجوه·
المصدر: دبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©