الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مخاوف أوروبية من تسلل داعش وتغييرات ديمغرافيـة ودينية

11 سبتمبر 2015 00:56
عواصم (وكالات) تشهد القارة الأوروبية حاليا حالة من الانقسام نتيجة توافد عشرات الآلاف من المهاجرين أغلبهم الفارين من القتال في سوريا وتباين في مواقف دول القارة العجوز في كيفية مواجهة هذه الأزمة التي تعد الأسوأ منذ عقود. فقد أكدت ألمانيا ترحيبها باستقبال أعداد كبيرة من المهاجرين فيما ماطلت بريطانيا وفرنسا في اتخاذ موقف إيجابي تجاه هذا الاستقبال. وأبدت دول أخرى تحفظها نتيجة المخاوف من تسلل عناصر الإرهاب والعنف بين المهاجرين إلى أراضيها أو أن يتسبب استقبال المهاجرين في تغييرات ديمغرافية ودينية واقتصادية. ويبدو أن هذه الأزمة تمثل حملاً ثقيلاً على دول القارة العجوز التي تناست وجود ملايين اللاجئين في الدول العربية. صرفت ألمانيا المليارات لمواجهة "التغييرات" الناجمة عن أزمة المهاجرين ووعدت باريس ولندن باستقبال عشرات الاف اللاجئين بعد إطلاق حملة اوروبية الاثنين لمواجهة التدفق المستمر للمهاجرين. يأتي ذلك بعد وصول اعداد قياسية من المهاجرين في نهاية الاسبوع الى المانيا وسط ضغوط اسوأ ازمة هجرة على القارة الاوروبية منذ عقود. وتدفق عشرات الآلاف من المهاجرين إلى جنوب أوروبا عبر البحر بعد أن تعرضوا لأخطار وأهوال ولقي آلاف آخرون حتفهم غرقاً خلال هذه الرحلات. وقالت الأمم المتحدة إنه من المتوقع أن يعبر 850 ألف شخص على الأقل البحر المتوسط سعيا إلى اللجوء في أوروبا هذا العام والعام القادم وهي تقديرات تبدو بالفعل متحفظة. وبعد المماطلة اعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان بلاده مستعدة لاستقبال 20 الف سوري خلال خمس سنوات وفرنسا 24 الفا خلال عامين في اطار خطة لتوزيعهم على دول الاتحاد الاوروبي. وحذر الرئيس فرنسوا أولاند من انه في غياب سياسة معممة "سنقضي على فضاء شنجن" معربا عن الامل في تنظيم مؤتمر دولي حول أزمة الهجرة. وقالت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل للصحافة "إن ما نعيشه هو امر سيشغلنا في السنوات القادمة وسيغير بلادنا، ونريد ان يكون هذا التغيير ايجابيا ونعتقد ان بوسعنا تحقيق ذلك". ورحبت بتضامن الشعب الالماني الذي استقبل المهاجرين مؤمنا لهم المأكل والملبس. وتجمع مئات المتطوعين في المحطات لتوزيع الملابس والمياه حاملين يافطات كتب عليها "نرحب باللاجئين". ورغم ذلك عجزت الادارات الالمانية عن احتواء تدفق المهاجرين. وفي هذا الاطار دعت ميركل مجددا الشركاء الأوروبيين الى التحرك وقالت "الوقت يداهمنا لايجاد حل". ورأى خبراء ان التدفق غير المسبوق لاعداد كبيرة من اللاجئين الى المانيا سيحدث تغيرات اقتصادية وديموغرافية "هائلة" في بلد نسبة المسنين فيه تزداد ويرفض ان يصنف دولة للهجرة. وقال مينهارد ميجل الباحث في العلوم الاجتماعية ان ذلك سيؤدي الى "نفقات مالية وتغيير كبير في المجتمع. من الصعب التكهن ما اذا سيفضي ذلك الى رفض او الى تقدم". واضاف انه لن يكون امام الالمان الذين يريدون "التمسك بالعالم الذي يعرفونه" من خيار اخر سوى "ان يأخذوا هذه التغيرات في الاعتبار ويتوقعوا ان يعانوا منها". من جهته يتحدث هايو فونكي خبير الشؤون السياسية في جامعة برلين الحرة عن "تحد كبير"، وقال إن "التغيرات ضرورية" في عدة قطاعات من البنى التحتية للاستقبال الى المدارس مرورا بمعايير قبول المهاجرين او عملية التدريب. ويشدد كثيرون على الطابع الاستثنائي لهذه الظاهرة ويقول ميجل "لم نشهد ابدا مثل هذه الاوضاع في اوروبا (...) وسنضطر الى الاختبار". واقام مقارنة مع فترة ما بعد الحرب عندما اضطر 12 مليون الماني طردوا من اوروبا الشرقية، الى العودة الى بلد مدمر لم يعيشوا فيه ابدا. وتابع ان "جهودا كبيرة بذلت لدمجهم. والامر الذي بسط الأمور هو انهم كانوا من نفس الثقافة ويتكلمون اللغة نفسها" وهذا لا ينطبق على اللاجئين الاتين من سوريا او العراق الذين لا يتكلمون الالمانية. لكن في بلد نسبة المسنين فيه تزداد قد يساهم التدفق الحالي للاجئين اقله جزئيا في معالجة التراجع الديموغرافي في المانيا التي بحسب المفوضية الاوروبية سيبلغ عدد سكانها بحلول 2060,70 مليونا وسيواجه نظام التقاعد صعوبات نتيجة لذلك. ومساهمة اللاجئين ستكون أساسية في سوق العمل لاول اقتصاد في اوروبا الذي يفتقر الى اليد العاملة. ويرى العدد الاكبر من الاخصائيين انه من الصعب توقع التغيرات الثقافية والاجتماعية والدينية حتى وان لم تكن "تهدد المجتمع الالماني" باي حال من الاحوال بحسب فونكي. وفي الإطار نفسه، ظهرت أصوات كثيرة في أوروبا غير مرحبة باستقبال المهاجرين، فقد قال وزير الخارجية الاسباني خوسيه مانويل جارسيا مارجالو إن الازمة "قد تؤثر على صورة اوروبا"، معربا عن امله في تكثيف اجراءات مراقبة طالبي اللجوء الفارين من سوريا خوفا من تسلل عناصر من تنظيم الدولة الاسلامية بينهم. وفي الإطار نفسه حذر الرئيس التشيكي ميلوس زيمان من تسلل "الخلايا النائمة" التابعة لتنظيم الدولة الاسلامية بين تجمعات اللاجئين وتحول أحياء المسلمين إلى مراكز للاضطرابات وقارن طوفان اللاجئين بموجات تسونامي التي وقعت في المحيط الهندي عام 2004 وراح ضحيتها مئات الالاف. فيما قال وزير الهجرة اليوناني يانيس موزالاس إن جزيرة ليسبوس "على وشك الانفجار" بعد تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين اليها معظمهم من السوريين، مسببين ضغوطا شديدة على موارد الجزيرة. من جهتها منعت الشرطة الدنماركية عشرات اللاجئين من عبور الحدود مع السويد ثاني بلد استقبال في اوروبا بعد المانيا. وفي أوروبا الشرقية بدت الأمور أكثر وطأة، فمواطنو سلوفاكيا وبولندا والمجر لم يظهروا شيئا من حسن الضيافة تجاه المهاجرين الساعين لطلب اللجوء في وسط أوروبا هربا من الحروب والفقر في الشرق الأوسط وأفريقيا، خاصة وأنها تجمع مواطنيهم انتماءات قوية للكنيسة الكاثوليكية. وتقول حكومات هذه الدول إنها تريد إبقاء الوضع على ما هو عليه فيما يمثل تحديا لخطة يبحثها زعماء أوروبا تقبل بموجبها كل دولة عضو من أعضاء الاتحاد الاوروبي البالغ عددهم 28 دولة حصة من طالبي اللجوء كوسيلة للتصدي لأسوأ أزمة لاجئين تواجهها أوروبا منذ حروب يوغوسلافيا في التسعينيات. ومشاعر العداء واضحة وملموسة. فقد شارك عدة آلاف في مسيرة مناهضة للهجرة في براتيسلافا في يونيو وأشعل بعضهم النار في سيارات في تفجر غير معتاد للعنف في الشوارع. وأدت خطة لايواء 500 شخص يطلبون اللجوء في النمسا المجاورة بصفة مؤقتة إلى احتجاجات في مدينة جابشيكوفو بجنوب غرب سلوفاكيا. ونقلت وسائل إعلام محلية عن بعض السكان قولهم إنهم يخشون أن يفجر المسلمون سدا ضخما على نهر الدانوب القريب.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©