السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مدخنو الشيشة يعكرون صفو الأمسيات العائلية وينفثون السموم في الهواء

مدخنو الشيشة يعكرون صفو الأمسيات العائلية وينفثون السموم في الهواء
12 ديسمبر 2010 21:29
إذا كان البالغون يملكون الحرية بل والمسؤولية الكاملة عن أرواحهم وصحتهم، فإنهم يتحملون المسؤولية الكاملة أيضا عن صحة أبنائهم ولا سيما الأطفال، الذين يستنشقون روائح السجائر والشيشة ويتعرضون لمخاطرها الصحية السلبية. وهذه الظاهرة تبدو جلية واضحة في مقاهي الشيشة، والتي تؤمها أعداد كبيرة من الزائرين لا سيما في أيام العطلات الأسبوعية والرسمية، حيث تفد إليها العائلات مصطحبة معها أطفالها، وبعضهم من الرضع، لتبدأ السهرة على أنفاس الشيشة. يعتقد كثيرون أن تدخين الشيشة أقل ضررا من تدخين السجائر، غير أن الأبحاث والدراسات الطبية دحضت هذا الاعتقاد، مبينة أن الدخان الخارج من فم مدخن الشيشة يحتوي على نفس المواد الضارّة والمسرطنة الموجودة في دخان السجائر، ومع ذلك فما زالت ظاهرة تدخين الشيشة في ازدياد، بل إنها تمتد لتشمل النساء وبعض المراهقين، الذين يضربون عرض الحائط بكل التحذيرات والتقارير الطبية التي تشير إلى خطورة الأمر. أجواء ملوثة على ضفاف خور دبي، حيث تنتشر مقاهي الشيشة، يكتظ الزائرون يوميا، غير أن ليلتي الخميس والجمعة تشهدان أعدادا غفيرة من العائلات، حيث يجد الأطفال مساحة لا بأس بها للعب في المكان، بينما يجد عشاق الشيشة أنواعا وأصنافا من المعسل وجوا ساحرا يمكنهم من السهر وتعاطي الشيشة براحتهم، ورغم أن المكان مفتوح في الهواء الطلق، إلا أن الأجواء سرعان ما تتعبق بدخان الشيشة ورائحتها بحيث لا يمكن شمّ أي رائحة أخرى في المكان، بالإضافة لذلك فإنه يصبح من العسير أن يتحرك أي طفل في المكان، وذلك بسبب تراكم «الشيش»، حيث يصرّ كل شخص على طلب شيشة خاصة به يضعها خلفه أو أمامه معها تتعذر الحركة سواء بالنسبة للأطفال أو الكبار. تنزعج دينا عباسي، من هذا المشهد، وتقول «المكان يعج بالناس لأنه مكان جميل، لكن الغريب في الأمر أن الناس تأتي ومعها أطفال ثم يطلب كل منهم شيشة خاصة به، ويبدأ بنفث الدخان بينما يجلس ابنه بجانبه أو في حضنه، الأغرب من ذلك أن إحداهن جاءت ومعها طفل صغير جدا، لا يتجاوز عمره شهر أو شهرين، وجلست لتسهر في جو موبوء بدخان الشيشة». وتضيف «أستغرب من هذه الظاهرة، إذا كان هؤلاء الأشخاص لا يلقون بالا لصحتهم بتدخينهم الشيشة، أفلا يخشون على أطفالهم وهم يستنشقون هذه السموم من الإصابة بالأمراض؟ أعتقد أن عليهم التفكير في الأمر قبل اصطحاب أطفالهم إلى مثل هذه الأماكن، أو قبل تدخين الشيشة فيها برفقة أطفالهم». شيشة منزلية أدمن البعض على تدخين الشيشة أو تعاطيها إدمانا مرضيا، حتى أنه لا يستطيع مفارقتها يوما واحدا، لذلك فقد استحلّ لنفسه أن يتناولها في المنزل وذلك لاستحالة الخروج والسهر خارجه بشكل يومي، وتظهر الروائح المنتشرة في منازل هؤلاء الأشخاص وحولها هذا الإدمان والتعلّق غير الطبيعي بالشيشة، وذلك رغم تواجد الأطفال فيه. وتعترف نادية، أم لطفل واحد يبلغ من العمر 6 سنوات، أنها تدخن «الشيشة» يوميا في المنزل، فهي لا تستطيع أن تسهر من دونها، أما بالنسبة لطفلها، فهي تتركه يلعب في غرفته في حين أنها تقوم بفتح أجهزة «التكييف» من أجل تحريك الدخان المنبعث من الشيشة وعدم تراكمه في الغرفة. وحول سؤالها إذا ما كانت تخشى على طفلها من سموم الشيشة، تقول نادية إنها «لا تعرف إذا ما كانت الشيشة تمثل خطرا على صحة طفلها، لكنها في كل الأحوال لا تستطيع الإقلاع عنها فهي عادة يومية تتبعها منذ سنوات ومن الصعب التوقف عنها هكذا بدون مقدمات». ومثل نادية، هنالك الكثير من المنازل التي يوجد فيها عدة أطفال، ومع ذلك فهي تعج بروائح الشيشة التي تنبعث من أرجاء المنزل، لنساء أو رجال يتعاطونها بشكل يومي أمام أطفالهم، دون أن يدركوا مخاطرها الصحية عليهم. سموم متطايرة من جانبه، يؤكد الدكتور أكرم توفيق، استشاري أمراض الصدر والجهاز التنفسي، أن ضرر «المدواخ» و»الشيشة» يفوق الضرر الذي يتسببه تدخين السجائر العادية ثلاثين مرة، من حيث تسببه في الإصابة بأمراض الكبد والقلب والرئة والسرطان، وهو أمر بات معروفا لدى الجميع، لكن كثيرا من المدخنين يغفلون هذه المعلومات ويديرون ظهرهم لها رغم معرفتهم، ورغم تذكيرنا الدائم بمخاطر التدخين و«الشيشة». ويتابع توفيق «لا تقف مخاطر الشيشة عند متعاطيها وحدهم، فالسموم تتطاير في المكان وتسبب الضرر ليس لمن ينفثه وحسب بل ولمن يشتمه أيضا، وربما بدرجة أكبر»، مضيفا أن التبغ يحتوي على مواد سامة مثل النيكوتين، الهيدرازين، الأرسنك، الميثايل كربازول، النيتروبلرين، النفثالين، والبنزوبيوين، وهي مواد تسبب تسارعا في نبضات القلب وزيادة في ضغط الدم مما يؤدي إلى إجهاد القلب في حدوث عدم توازن بين المطلوب والموجود، إضافة إلى أنه مسؤولا عن أمراض ضيق الشرايين المحيطية والمسببة لآلام في الأرجل والأطراف ومع مرور الوقت حدوث جلطات في الأرجل والتي قد تصل إلى حدوث الغرغرينا وبتر القدم». أخطار صحية يقول توفيق «يزيد التدخين من مرض الإصابة بأمراض الربو وأمراض التهاب القصبات الهوائية المزمنة مسببة الالتهابات الشديدة وقصور في وظيفة الرئتين، الأمر الذي قد يؤدي بحياة المريض أو يكون سببا في إدخاله المستشفى بكثرة وزيادة حاجته للأكسجين الاصطناعي كما أنه مسبب لالتهاب الحلق المزمن وكثرة البصاق والسعال عند المدخنين نتيجة التهاب الغشاء المخاطي للمجرى التنفسي، أما بالنسبة لتأثيره على الرضع والأطفال فهو يقلل من نسبة التركيز والذكاء، كما أنه يسبب تباطؤ في نمو الجنين في بطن الأم وقد يؤدي إلى حدوث عيوب خلقية عند الولادة مثل تشوهات الشفاه وسقف الفم وأيضا الإجهاض». إلى ذلك يشير جمال الطويل، أخصائي اجتماعي، إلى أن «التفنن» والإبداع في صناعة الشيش لا يشجع بالضرورة على ممارسة عادة التدخين، ولكن ربما تندرج هذه الأشكال تحت بند الموضة وكذلك التباهي والاستعراض أمام الآخرين من قبل بعض الفئات المدخنة، لافتا إلى أن الأشخاص الذين يدخنون أمام أطفالهم فإنهم يزرعون فيهم هذه العادة مستقبلا دون أن يشعروا، كما أنهم سيكونون في المستقبل غير قادرين على منع أبنائهم عن ممارسة هذه العادة أو السلوك غير الصحي. الشيشة بؤرة أمراض تحتوي الشيشة على حوالي 4000 مادة سامة، أهمها النيكوتين وغاز أول أكسيد الكربون والقطران والمعادن الثقيلة والمواد المشعة والمسرطنة والمواد الكيميائية الزراعية ومبيدات الحشرات وغيرها الكثير من المواد السامة، كما أنه يضاف إلى تبغ الشيشة العديد من المواد المنكهة مجهولة التركيب. وأثبتت دراسة أجريت على مدى أربع سنوات في المملكة العربية السعودية بأن المعسل هو عبارة عن تبغ خالص، مع كميات كبيرة من الأصباغ والألوان والنكهات التي تخلط من غير أي رقابة صحية، وثبت أنها تسبب مختلف الأمراض والسرطانات. وأظهرت دراسة حديثة نشرت في المجلة الطبية السعودية أن محتوى النيكوتين الموجود في رأس واحد من الشيشة غير المنهكة يعادل 70 سيجارة عادية. وفي حصيلة أبحاث أجرتها البحرية الأميركية أثبتت أن ما يتراوح بين 30 و 40% من أنابيب الشيشة تحتوي على العصيات المسببة للسل الرئوي. وذكرت النتائج أن 30% من مدخني الشيشة على الأقل في الدول النامية سيصابون بهذا المرض على مدى العشرين سنة المقبلة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©