اللون الأحمر.. جريء وبريء من بعض ما ينسب إليه

يجزم الناس على اختلاف مشاربهم وآرائهم أن اللون الأحمر لون حيوي مبهج. على الرغم من تعدد دلالاته وتباين مفاهيمه بصورة تجعله لونا مميزا استعمل غالبا للتعبير عن نقيضين: الحب والكره، الشوق والغضب، الفرح والخطر. كما أن له القدرة على إحداث تأثيرات نفسية على الإنسان وكشف تعبيرات ملامحه وربما شخصيته، ويختاره الناس نظرا لحيويته ولما يجلبه من قوة وخبرة ونشاط وامتلاء بالحياة. وقد أعطت كثير من الديانات للألوان قيمة خاصة، واتخذت للأحمر دلالات رمزية، فعلى الرغم من كونه رمزا لجهنم في الديانات السماوية (توصف جهنم بأنها حمراء) فإن اللون نفسه في يرمز إلى التضحية والفداء. فضلا عن دلالته ورمزه في الثقافة الشعبية العربية إذ يرمز إلى الشهادة والذود عن الوطن. وفيما يُرمز إلى لون الدم بالقتل والعنف والحروب بلون الدم، يرمز إليه ذاته بالحب والوصال والولادة. وثمة استخدامات أسطورية لهذا اللون، ففي اليابان استخدم اللون الأحمر لطرد الكابوس. وفي الصين ينظرون إليه على أنه لون أساس وأصلي وليس دخيلا. أما في مصر القديمة فكان هناك خواتم حمراء يرتديها الجنود حين يقابلون أعداءهم حتى لا يجرحوا وينزفوا. في حين أن عالمنا المعاصر يحتفل في أرجاء المعمورة بعيد الحب في هذا اليوم 14 فبراير، ولون القلب أو الوردة أو الشمعة أو الدمية أو الدب هو: أحمر. حداً أنه لا عيد بلا وردة أو قلب أو هدية حمراء. يقول الدكتور ضاري مظهر- من جامعة بابل، في كتابه “دلالات الألوان” عن عشاق اللون الأحمر وكيف تبدو شخصيات مفضلي هذا اللون: “إنه لون السخاء والكرم إذ قالت العرب “حمراء النعم” إشارة إلى الكرم. وكذلك لون الذكاء والعلم والتواضع واللطف والصبر وتحمل الأذى، وصاحبه رغم انفعاله يميل إلى العفو عن الناس، كما أن من صفاته الشوق والهيام والبكاء والقلق والإعراض عن الناس والاشتغال بالحق”. كما يشير مظهر إلى أن الأحمر “يعتبر من الألوان المتوسطة، فبدايته الأصفر وخفيفه البرتقالي، وليس فيه من لون ذهبي، لذا -وعلى عكس ما يشاع- لا يمكن علميا أن يعطي إشارات منبهة تثير غرائز الإنسان، وهذا لا يلغي أنه من أجمل الألوان على الإطلاق وهو رمز الحياة وترتبط كثير من تعبيراته في اللغة العربية بالحب والوجد والمشقة والشدة”. فيما أثبتت الدراسات النفسية تأثيرات للون الأحمر، ومنها “يثير روح الهجوم، الغزو والشجاعة والثأر.. وهو ويبدو أكثر الألوان إغراءً في اللباس والطعام”. يقول الدكتور قدور العبدالله- أستاذ الإعلام في جامعة وهران: “يعد اللون الأحمر أكثر الألوان تفضيلا في الطعام، فهو لون التفاح والكرز، واللحم حين يقطع. وهو اللون المفضل في الملبس وقد كان من أشهر الألوان المستخدمة في مصر القديمة واليونان وعند البيزنطيين الذين كان اللون الذهبي يغريهم ويثير غرائزهم وليس الأحمر”. كما يشير العبدالله “كان هناك اعتقاد بين العلماء عن إمكانية تحقيق العلاج أو الشفاء عن طريق الألوان، واللون الأحمر وصف كثيرا لعلاج التهابات الجلد والإكزيما، والحمى القرمزية، ورفع ضغط الدم. وفي بعض الأحيان كان الأطباء يقاومون المرض بجعل كل شيء يتعامل معه المريض أحمر، حتى الدواء والطعام”.