الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عائشة سلطان: المرأة الإماراتية بلا بصمة إعلامية..لماذا؟

عائشة سلطان: المرأة الإماراتية بلا بصمة إعلامية..لماذا؟
13 فبراير 2010 20:24
اقتحمت مهنة المتاعب، سبرت أغوارها، وتخطت حدودها الشائكة، صمدت في وجهها الثائر واستطاعت أن تحدث الفرق، شرّحت واقع المجتمع بمشرط دون ألم، أسالت الكثير من الحبر، ولازالت في طريق البحث عن حقائق، تحط أصابعها على مكامن الجرح تقرأ عناصر زمانها، فتنصح وتوجه بكثير من المرونة واللياقة، يتخذها البعض نبراسا ينير طريقهم، ويطلقون عليها بطلتهم، تحمل هم جيل تريد السير به نحو التميز، إنه الجيل الإعلامي الذي تتحدث عنه عائشة سلطان، الكاتبة في جريدة الاتحاد، ومديرة البرامج السياسية في قناة دبي، بكثير من الشجن. تحدثت عن واقع المرأة الإماراتية في الإعلام ما حققته وما يجب تحقيقه، وذلك ضمن احتفالات الاتحاد النسائي العام بيوم المرأة العربية الذي يصادف اليوم الأول من فبراير من كل عام، والذي نظم بالتعاون مع “مجلة زهرة الخليج”، وكان ضمن ندوة حوارية دارت حول ما حققته المرأة الإماراتية من نجاحات وما تتطلع إليه مستقبلا من أهداف في كل المجالات من صحة وتشريع وإعلام وغيرها من القطاعات وصولاً إلى المجلس التشريعي وأماكن القرار، وكانت الندوة الحوارية بعنوان “المرأة الإماراتية: الواقع والتطلعات”، وحضر الندوة كل من الشيخة هند عبدالعزيز القاسمي رئيسة مجلس سيدات أعمال الإمارات، وأمل القبيسي عضو المجلس الوطني، وفاطمة المغني عن وزارة الشؤون الاجتماعية بالشارقة، زبيدة جاسم عن وزارة الداخلية، غوية النيادي عن هيئة الصحة أبوظبي شيخة الشامسي المدير التنفيدي للشؤون التعليمية بالإنابة. كم دون كيف تقرأ عائشة سلطان واقع المرأة الإماراتية في الإعلام وتقول: المرأة في الإعلام موجودة بأعداد كبيرة، ولكن أعتقد بأنها لم ترق بنفسها إلى المستوى المطلوب، لم تستطع أن تنحت اسمها على خريطة الصحافة العالمية أو العربية أو حتى المحلية، إذ ليس هناك رمز واضح لصحفية أو مذيعة، بمعنى آخر لم تستطع أن تؤدي أكثر، أن تتعاطى مع المجال الصحفي بحرفية وجرأة سواء على صعيد الإعلام المرئي أو المسموع أو المكتوب، وحتى اليوم لا ترقى إلى المستوى المطلوب، لترضي طموح المتلقي، ولغاية اليوم لم أستوعب أسباب هذا التراجع في التعاطي مع مجال الإعلام، فالمسألة تستدعي بحثا ودراسة لإعادة تحريك الأمور في الاتجاه الأصلح لبلادنا ومجتمعنا. وتضيف عائشة سلطان فتطرح مقاربتها لتجاوز الواقع: يجب أن نخرج نظرة المجتمع للمرأة الإعلامية الإماراتية من الحسابات، ولا نلقي عليها اللوم ونقول إنها السبب في عدم الإقبال علي الإعلام، فهي لم تعد عاملاً مهماً في المعادلة الإعلامية، ولا أتكلم هنا عن كل فرد، وكل أسرة، بل عن مجتمع بشكل عام، المشكلة أظنها تكمن في عدم إعطائها الفرصة في الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، ولا أستوعب أن جامعاتنا تخرج مئات الطالبات من الإعلام، ولكن يظللن غير ظاهرات على الساحة، دون أن يضعن أي بصمة في الساحة الإعلامية، فماذا ينقص الإماراتية حتى تظل في الظل؟ حتى أنَّ بين كل المتخرجات من كليات الإعلام لا نجد 3 صحفيات نجمات مثلا، لماذا لا نجد رموزا إعلامية نسائية يشار لها بالتميز، رموزاً واضحة على الأقل من الناحية النوعية، ولا أتحدث عن الكم، أعتقد أن المرأة الإماراتية لم تعمل بصمة حقيقية في مجال الإعلام المرئي، ولا أتحدث هنا عن رموز إماراتية عالمية أو عربية، بل يكفينا أن تكون هناك رموز إعلامية محلية، فالإعلام المحلي لم يستطع إلى اليوم تقديم وجه إعلامي نسائي مميز، طيلة مدة تفوق عن 20 سنة منذ بداية الجامعات الإعلامية. ميكانيزمات لصناعة الإعلامي وتتساءل عائشة سلطان وتقول: ماذا ينقصنا لصناعة نجم إعلامي، أظن أنه ليست لنا ميكانيزمات لصناعة الإعلامي الناجح، لكون أغلب الإعلاميات يفضلن العمل في الظل، فالإعلام مهنة تستدعي الحنكة والجرأة وقوة التواصل والاختلاط مع الناس، وهي مهنة من أكثر المهن التي يتواجد بها الصراع والتنافس، وهي مهنة أضواء، وشهرة، وفي بلادنا كثير من الجنسيات والثقافات المختلفة، ولذلك يجب أن تكون هناك قدرة على التأقلم مع المهنة وليست المهنة هي التي يجب أن تتأقلم معك. وتضيف عائشة: إن الميدان شرس، وساحة الإعلام تشبه ساحة المعركة، يثبت فيها الأقوى، وليس دائما البقاء للأصلح ولكن في هذا الميدان البقاء للأقوى، والأقوى هو من يمتلك مقومات تتوافق في الأدوات مع احتياجات الميدان، وقوة شخصية إعلامية والثقافة العالية، والجرأة والمعرفة، معرفة الشخص كيف يسوق نفسه، حضورا قويا ومتحدثا لبقا، يستطيع تلميع نفسه، أما من لم تتواجد به هذه الصفات فسيبقى في الظل يتوارى خلف نفسه، والكثير من الناس لم يتعودوا على الصراع، وعلى بيئة التنافس، وإذا وجد التنافس ينأى بنفسه ويفضل عدم البروز حيث الغالبية لا تمتلك الأدوات التنافسية، والمجال الإعلامي أظنه المجال الذي لا يحتمل المجاملات، فهو مجال إنتاج وأحداثه سريعة جداً، ووقعه سريع ولا شيء ينتظر، وإذا ما أخليت المكان خطفه غيرك، فكيكة الإعلام سريعة التناهش، ويجب توفر مهارات ليكون لك نصيب منها. الإعلام لا يعترف بالاستنساخ تضيف سلطان: إن المجال شرس، ويجب تملك أدوات الحرب والسجال، ليتمكن كل إعلامي من وضع بصمته في هذا المجال، إذا كان هذا اختياره، فالآلاف يدخلونه ويخرجون منه بمثل ما يدخلون. هو لا يعترف بالاستنساخ، فالنسخ المكررة لا تثبت نفسها، ولا تخلق مكانة خاصة بها، الإعلام أرضية خصبة كلما أعطيتها وعشقتها أعطتك وعشقتك ومنحتك فرص التقدم. مؤشرات نجاح أما عن المرأة بشكل عام في دولة الإمارات والجهود المبذولة لتمكينها في المجتمع، فإن عائشة سلطان أعطت بعض المؤشرات التي توضح مدى دعم الدولة للمرأة في جميع المؤسسات، لا سيما الأنظمة الحديثة كالتعليم والعمل وغيره التي تدل على تفوق نوعي وكمي للمرأة، وتصنف قائلة: 1- أعداد المقبلات على التعليم، مقارنة بالشباب، وبحسب ما جاء في تقرير مؤسسة الفكر العربي حول التنمية الثقافية في الدول العربية مؤخراً فإن نسبة الإناث الملتحقات بالتعليم الجامعي في الإمارات تصل إلى 76 في المئة مقارنة بـ 68 في المئة للبحرين، 62 في المئة لبنان، 49 في المئة السعودية، 45 في المئة مصر. 2- أعداد الطالبات في الجامعة: تحتل الإمارات المرتبة الأولى عربياً من حيث نسبة التعليم العالي ما بعد الجامعة، بحسب ما جاء في تقرير قدم لمؤتمر القيادات العربية الشابة بدبي العام الماضي. 3- أعداد الأساتذة من النساء في هيئة تدريس الجامعة مقارنة بأعداد الرجال. 4- أعداد المتفوقات في الثانوية العامة من الطالبات أكثر من الطلاب، حالات التفوق الدراسي عند الفتاة الإماراتية أكثر، مستوى التميز في الوظيفة أكثر. الإماراتية في الإعلام بالأرقام وتتحدث عائشة سلطان عن موقع بعض النساء إعلاميا وتقول: ـ من ضمن 4 تلفزيونات محلية رئيسية تدير المرأة الإماراتية تلفزيوناً واحداً وإذاعتين (تلفزيون الشارقة - إذاعة الشارقة - إذاعة نور دبي). ـ من ضمن المناصب القيادية العليا: تحتل أكثر من امرأة منصب نائب المدير العام لمؤسسة إعلامية ضخمة (مؤسسة دبي للإعلام - نادي دبي للصحافة - جائزة الصحافة العربية).. ـ في الصحف وصلت المرأة إلى مركز رئيس تحرير مجلة رئيسية وجريدة ناطقة بالإنجليزية (جريدة اميرتس تودي - مجلة كل الأسرة - مجلة الرجل اليوم) - مديرة مكتب جريدة رسمية كبرى (الاتحاد). ـ في صحافة الخبر المرأة الإماراتية موجودة وبقوة كصحفية تغطيات إخبارية - وككاتبة عمود رأي محترفة ومتفرغة سواء كان يوميا أو أسبوعيا. ـ في الإعلام المرئي: موجودة كمقدمة برامج - مذيعة نشرة - مخرجة ومعدة. ـ قسم الإعلام بجامعة الإمارات يشهد تزايداً لأعداد الأساتذة السيدات مقابل الأساتذة من الرجال. ـ خريجات أقسام الإعلام والاتصال على مستوى الإمارات في تزايد مستمر، كما يشهد تخصص الإعلام والاتصال اقبالاً واسعاً ما يدل على مواكبة جادة من قبل ابنة الإمارات لثورة الاتصالات الحديثة. قضايا المرأة في الوقت الذي منح القانون للمرأة فرصة الظهور والمشاركة والعمل بفاعلية، وأفسح لها مكاناً فيه لتقول رأيها وتعمل وتتطور، وفي الوقت الذي لا تميز القوانين بينها وبين الرجل سواء في الأجر أو نوع الوظيفة أو الحوافز المقدمة أو ساعات الدوام، فإن المرأة، وفقاً لعائشة سلطان، لم تأخذ المكانة التي تستحقها فعلاً في الإعلام الإماراتي، كما أن أعداداً كبيرة من خريجات الإعلام لم ينجحن في الوصول للعمل ضمن المؤسسات الإعلامية، واكتفين بوظائف لا تناسب دراستهن، ما يعني هدراً حقيقياً لطاقات خلاقة، إضافة إلى وجود فجوة متنامية في سوق العمل الإعلامي بين الرجال والنساء لصالح الرجل وضد المرأة، على اعتبار أن المرأة تفضل الوظيفة الإدارية على الوظيفة الفنية أو الميدانية، لأنها تناسبها أكثر من حيث البيئة وساعات الدوام، وهذا ما أثبتته الكثير من الدراسات. وتوضح محدثتنا قائلة: لقد تبنى الإعلام الكثير من قضايا المرأة وروج لها بشكل جيد وساعدها أحياناً في الوصول إلى نجاحات جيدة لكنه في العديد من الحالات ساعد في ترويج ثقافة سلبية حولها وحول اهتماماتها وطريقة إدارتها لبيتها أو شؤونها العامة، وهذا ما نلحظه في العديد من التحقيقات الصحفية والبرامج الدرامية الخليجية. التطلعات المستقبلية فيما يخص الآمال المتوقعة في المقبل من الأيام تطرح عائشة سلطان تحديات مثيرة للاهتمام: 1- وصول المرأة إلى مناصب قيادية بشكل أكثر مما هو عليه الآن، بعد أن أثبتت جدارتها وقدراتها التواصلية والإدارية والمهنية. 2- منح المرأة فرصا أكثر في الإعلام المرئي ضمن البرامج التلفزيونية الحوارية الجادة، حتى لا تنحصر في إطار البرامج الخفيفة والترفيهية، وذلك للحيلولة دون تنميط صورتها في إطار المرأة غير الواعية، وغير المثقفة، أو البعيدة عن الوعي السياسي الجاد. 3- العمل على زيادة برامج التوعية الصحية والأسرية والاقتصادية للمرأة، وإعلاء قيم الثقافة والهوية الإماراتية في الإعلام الموجه لها، لأننا نعاني من ضحالة أو فقر في هذه النوعية من البرامج، في مقابل برامج الترفيه المفرغ من المحتوى الجاد والمفيد. 4- الحد من البرامج التي تعلي ثقافة الاستهلاك العشوائي، وتقدم المرأة الإماراتية باعتبارها كائناً متسوقاً لا أكثر، ليس لديها من هم ولا قضية سوى السوق، ومتابعة الموضة وانفاق المال بلا حساب، فهذه الصورة النمطية الخاطئة تظلم المرأة الإماراتية المجتهدة فعلاً، وتسيء للإمارات وجهودها الكبيرة فيما يتعلق بتمكين بناتها. 5- إجراء المزيد والمزيد من الدراسات والبحوث الميدانية حول الواقع الإعلامي من حيث علاقته بالمرأة من جميع النواحي، فهناك نقص شديد في هذا المجال، وربما لو تبنى الاتحاد النسائي بالتعاون مع جامعة الإمارات إجراء هذه المسوح أو الدراسات لسد الفجوة على هذا الصعيد، فإنه سيقدم خدمة كبيرة للباحثين في هذا الشأن ممن يجدون صعوبة بالغة في عمل البحوث المتعلقة بموضوع المرأة الإماراتية والإعلام.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©