الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

خائفة من الزواج!

خائفة من الزواج!
12 ديسمبر 2010 21:36
المشكلة عزيزي الدكتور: إنني فتاة في مقتبل العمر، جامعية، وأعمل في وظيفة جيدة، وأحسب نفسي جميلة، ولاينقصني شيئاً والحمد لله، ومستقرة في حياتي الأسرية والاجتماعية مع أسرتي، ولا يوجد أي ضغوط من أي نوع للزواج، فأسرتي تثق بي وتحترمني كثيراً، ولا تفرض أي نوع من القيود على تصرفاتي لثقتهم الكاملة بي. أشغل أوقات فراغي بأشياء وهوايات عديدة أحبها، ولدىّ علاقات إيجابية مع عدد من الصديقات، فلا أشعر تقريباً بالفراغ، وأكرس اهتمامي لعملي وأحاول استثمار الوقت في القراءة، والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى بكثرة العبادات، وأداء النوافل، وتوجت كل ذلك بنعمة أداء فريضة الحج، وأشعر أن حياتي حافلة بالخير والنعم والرضا والحمد لله• أحسب نفسي أعيش في جنة مقارنة بما أسمعه من صديقاتي المتزوجات بسبب الخلافات والمشاكل الزوجية مع أزواجهن، وكثيراً ما يلجأن إلىَّ باكيات، ويفكرن في الإقدام على الطلاق، وأحاول بذل قصارى جهدي معهن للإقلاع عن هذه الفكرة البائسة حتى لا تتصدع وتنهار أسرهن، وعلى أمل أن تتحسن أحوالهن ولو بعد حين، رغم أنني لم أعش معاناتهن، ولم أتحمل مثل ما يشكون منه من إهانات وتجاوزات، ومشاكل لا حصر لها. المهم أن أسرتي ملت رفضي المتكرر للزواج كل يوم، وأحياناً لا أجد مبررات مقنعة لرفض شباب مناسبين يتقدمون للزواج مني، لا أعرف لماذا أشعر أن بإمكاني أن أتزوج وأن أصبح أماً مسؤولة عن أسرة وزوج وأطفال. كثيراً ما أفكر في الفشل الذي ينتظرني مع زوج المستقبل، أخشى عدم القبول أو التوافق، ولا أضمن أننا سنحقق السعادة الزوجية التي تحلم بها كل الفتيات. وأحياناً لا أتصور نفسي وقد جمعتني غرفة واحدة مع رجل في علم الغيب، وعندما يتقدم أحدهم فهذه الخيالات والمخاوف تحاصرني، وأتعلل بأتفه الأسباب. أعلم أنه ليس بالإمكان أن أستمر طويلاً على هذه الحالة، وأعلم أن اليوم الذي أوافق فيه على نصيبي سيأتي حتماً، لكن ربما يكون ذلك بعد فوات الأوان. هل ما أشعر به من مخاوف حالة مرضية؟ ما العمل؟ وكيف أتخلص من هذه المخاوف التي لم أصارح بها أحداً من قبل؟ س.ر.ف النصيحة نشكر لك ثقتك بنا، وكنا نود الإشارة إلى بعض تفاصيل حياتك ونشأتك الأسرية والاجتماعية. لكن دعيني أؤكد لك أن الحالة ليست قاتمة كثيراً. فلقد انتشرت ظاهرة الخوف من الزواج عند كثير من الفتيات. نرى الفتاة على الرغم من أنها تحلم بفارس أحلامها الذي يأخذها بعيداً إلى عالم أجمل وأفضل. إلا أننا في نفس الوقت نراها مترددة حائرة تجاه الإقدام على هذه الخطوة التي تعتبرها شراً لا بد منه، ولا يقتصر هذا التردد على مرحلة ما بعد الخطبة، فنرى الكثير من الفتيات يملن إلى فسح الخطوبة بالتذرع بحجج واهية، وكثرة الطلبات غير المنطقية، ومن ثم الانفصال قبل أن يتم الزواج. فخوف الفتاة من الزواج يعبر في كثير من الأحيان عن الخوف من نتائج هذا الزواج، خاصة بعد الاطلاع على مشكلات الكثير من الفتيات والصديقات اللواتي تزوجن، وحالات الطلاق المبكر بعد فترة وجيزة من الزواج، فتميل الفتاة إلى الرغبة في عدم تكرار ما حدث لصديقاتها، لأن كلمة مطلقة ليست أمراً هيناً عليها بل تظل تجني عواقبها على مدى العمر، وتجد من الصعب عليها أن تجد زوجاً آخر بعد مرحلة الطلاق، لذلك فيعتبر الفشل في هذه التجربة الأولى هو فشل في الحياة بشكل عام ولا تريد الفتاة هذا الفشل المبكر الذي يدمر حياتها. وهناك عامل آخر يرجع إلى العلاقة الوطيدة التي تبنيها الفتاة مع أبيها لدرجة أنها تتمثل شخصيته وسلوكياته، وبالمقابل تبتعد فيه عن أمها على اعتبار أنها منافستها في أبيها، هذا السلوك الذي قد يصل إلى حد الاضطراب قد يمنع الفتاة من الزواج، حيث يمثل الزواج بالنسبة لها إثارة لتعلقها بأبيها وصراعها مع والدتها. وقد يكون عدم قدرة الفتاة على إقامة العلاقة العاطفية مع الجنس اللآخر سبباً من هذه الأسباب، فإذا كانت الفتاة غير ناضجة انفعالياً، ولا تمتلك مقومات الانخراط في علاقة عاطفية مع شريك حياتها، فإن ذلك سيشكل عائقاً أمام قدرتها على إقامة علاقة زوجية إيجابية. وتلعب الثقافة الجنسية، والقصص التي تسمعها الفتاة عن تجارب زوجية فاشلة أثراً سلبياً في كثير من الأحيان، بل ونجدها تشمئز من تصور هذه العلاقة وما يرتبط بها من حمل وأعباء أسرية، خاصة إذا صورتها لها الأخريات اللواتي فشلن في الزواج على أن الزواج عبارة عن حكم قسري، ومجرد تلبية لطلبات الزوج وشهوته. فضلاً عن تخوف بعض الفتيات من فقدان العذرية، أو تعرض الفتاة في مراحل مبكرة من العمر لصدمات نفسية بسبب التحرش من آخرين مما يجعلها تكره مجتمع الرجال وتعمم على أنهم كلهم سيئون، وعدم قدرتها على إقامة شراكة مع أحدهم بالزواج. إن من أهم طرق علاج خوف الفتيات من الزواج هو التربية الجنسية التي ترتكز على الأخلاق الفاضلة القويمة والنابعة من روح ديننا الإسلامي، وتزويد الفتاة بالمعلومات الصحيحة عن العلاقة الزوجية والجنسية وتصحيح الصور المشوهة عن هذه العلاقة، إضافة إلى توعية الفتاة وحمايتها من الوقوع في إقامة علاقات خارج حدود الشرع، والانخراط في التجارب العاطفية، ووضع التوقعات العالية عن زوج المستقبل الذي ينبغي أن يوفر لها كل أسباب الحياة الرغيدة، إضافة إلى توطيد الفتاة لعلاقتها مع والدتها التي تعتبر نموذجها الأعلى وقدوتها، والتي تكتسب منها دورها الاجتماعي في الحياة، دون أن يكون هناك ارتباط مبالغ فيه مع الأب قد يقود إلى صراع خفي مع الأم، وتلعب الدورات التحضيرية للأزواج الشابة في مرحلة الخطوبة وما قبل الزواج دوراً هاماً في الإعداد للحياة الزوجية والتهيئة لها، وتحديد الأدوار والمسؤوليات المطلوبة من كل طرف، وهذا الأمر يقلل من الطلاق المبكر، والصدمات التي تحدث في المراحل الأولى من الزواج. ومن ثم لا أجد غضاضة من نصحك بمراجعة متخصص في الإرشاد النفسي حتى يستطيع الوقوف معك عند أسباب هذه المخاوف، ومساعدتك على تجاوزها إن شاء الله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©