الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أحلى «لايك» لعيونك

أحلى «لايك» لعيونك
13 سبتمبر 2013 21:17
(1) أعجبني أحد شباب الفيسبوك، فقد أنشأ هذا الشاب مجموعة بعنوان (جمع مليون توقيع، ما بعرف ليش). لم أشترك في المجموعة ولم افتح الصفحة، كل ما في الأمر أن العنوان أعجبني، وأقنعني أنه جديد ومبتكر ويحمل رسالة ناقدة مشـاغبة هجائية رائعـة، لأنه يقدم نقـداً متـوهجاً وجارحاً لأسـاليب النضـال (الفيسـبوكية) التي تعتمـد على جمع التواقيع.. وهي عبارة مطاطة، وبالتأكيـد لن يوقع أحد، بل أن الجميع يقترف مجرد (لايكات) فارغة من المعنى والمبنى. المحزن في الأمر أنك عندما تضع (لايكك) للمشاركة في حملة (جادة)، مثل وضع شعار رمضان على الفيسبوك أو مقاطعة سلعة ما، أو مطالبة بطرد سفير ما، أو دعم وضع اسم فلسطين على الخارطة، أو مقاطعة الزبدة الدنماركية أو غيرها.. المشكلة ليست في الموضوع بقدر ما هي في ذاك الرضى وتلك الطمأنينة التي تكتنفك وأنت تعتقد أنك ناضلت من أجل شيء ما.. أي شيء. إنه أرخص نضال في العالم (من حيث التكلفة طبعاً)، وهو يعطينا إحساساً مزيفاً بأننا نشارك في صياغة العالم من حولنا، مع أننا في الواقع نحيا على هامش الهامش. وقد يكون مثل هذا النضال مبرراً للمواطن الأوروبي أو الأميركي، الذي استكمل معظم إجراءات ديمقراطيته، ولم تعد الحكومات تجترئ على حقوقه، إلا في حالات استثنائية (عندنا، الاستثناء هو القاعدة)، وبنى منظومة شفافية ضد الفساد، ثم جلس مرتاحا ليمعط اللايكات على راحته، إن شاء. أما نحن - يا حسرة - فإننا نحتاج إلى أن نعمل 50 ساعة في اليوم حتى نلحق بركب العالم بعد ثلاثة عقود أو أكثر، لا أن نجلس على مقاعد الاسترخاء ونشرع في سمط اللايكات، ثم نرفع أنوفنا في الفضاء دلالة على الشمم والمجد والسؤدد وما شابهها من نعوت الشموخ.. (2) أذن عملاقة حمراء تنتصب شامخة في مكان عام داخل قلب العاصمة الكورية سيؤول، هذا ما سوف ترونه إذا فتحتم اليوتيوب تحت عنوان (أذن عملاقة للإصغاء إلى شكاوى المواطنين في كوريا)، مع فيديو توضيحي. بالتأكيد فإن نسخاً من هذه الأذن ستنتصب في كل مدينة وقرية وحاضرة في كوريا «الجنوبية طبعاً».. الأذن معروفة من عنوانها، ولا داعي للتوضيح المفصّل، كل ما على المواطن الكوري الذي يريد إيصال شكواه إلى أعلى المسؤولين، كل ما عليه هو الوقوف بجانب الأذن، والحديث عن شكواه بالتفصيل الممل إن شاء. ولا يستطيع المسؤول أن يدعي بأن الشكوى لم تصل إلى أذنه، أو يقول بأنها في طريقها إلى الوصول، وتحميل المسؤولين الأصغر مسؤولية الإهمال أو التسيب الإداري. لن يضطر المواطن الكوري إلى كتابة استدعاء عرمرمي بمبلغ مرقوم مع متر ونصف من طوابع الواردات، وتوسيط الشيخ أو المختار أو القريب أو النائب السابق واللاحق، أو رشوة مدير المكتب، وإرضاء الفراش، من أجل إيصال شكواه إلى أقرب مكان من إليه المدير العام. لا حاجة إلى دواوين للمظالم تقام بفلل - على حساب الخزينة- بأسعار مضاعفة، مستأجرة من مسؤولين كبار أو تكوين وزارات وهيئات وسطية بين المواطن والمسؤولين. وتعيين كبار الموظفين برواتب مجزية من أقارب المسؤولين أو من مفاتيح النواب الانتخابية للدورات المقبلة. فقد أثبت الكوريون بأن الأذن هي أقرب مسافة بين خطين. تخيلوا لو يتم نصب أذن عملاقة في كل مدينة وقرية وبادية عربية، بالتأكيد سنجد صفوفاً من المواطنين يتحدثون باستمرار ... وموظف بديل، يضعه المسؤول مكانه، نائم في الطرف الآخر. يوسف غيشان ghishan@gmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©