الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«إلى أين يذهب العرب؟»...

«إلى أين يذهب العرب؟»...
23 يناير 2013 20:23
يقدم كتاب «إلى أين يذهب العرب»، الصادر حديثاً عن مؤسسة الفكر العربي في بيروت، رؤية لـ 30 مفكراً في مستقبل الثورات العربية»، صدر ضمن السلسلة الشهرية التي تصدرها المؤسسة بعنوان: «معارف». ويتضمن إجابات عن عشرة أسئلة دارت محاورها حول حركات التغيير في بلدان «الربيع العربي»: هل نجحت أم أخفقت؟ ودواعي صعود الإسلام السياسي، والإخوان المسلمون والتحول الديمقراطي والحداثة، وإمكانية قيام أنموذج عربي إسلامي خالص. ودوافع الثورات العربية، ووضعية هذه الثورات بإزاء المخططات الأجنبية، فضلاً عن الانقسام بين القوى الإسلامية والمدنية والتحوّل الديمقراطي، وكذلك تطرقت الأسئلة إلى مسألة الفجوة المعرفية العربية، وإمكانية بلورة مشروع عربي بديل. تفسير تكاملي وإذا كانت الأسئلة المطروحة قد بدت في الظاهر منفصلة بعضها عن بعض، إلا أن ثمة خيطاً واحداً يجمعها ضامّاً في إطاره مختلف الأنساق الفكرية والسياسية والاجتماعية والثقافية في محاولة للإمساك بالسؤال الأشد قلقاً وإثارة: إلى أين يذهب العرب؟ أما المفكرون الذين استفتوا في الرد عن الأسئلة العشرة، فهم بحسب الترتيب الأبجدي: ابتسام الكتبي (الإمارات) أحمد ابراهيم الفقيه (ليبيا) جمال خاشقجي (السعودية) جهاد الخازن (لبنان) حسن حنفي (فلسطين) حيدر ابراهيم (السودان) رضوان السيد (لبنان) سليمان العسكري (الكويت) السيد يسين (مصر) صالح المانع (السعودية) صلاح فضل (مصر) طارق متري (لبنان) عبد الإله بلقزيز (المغرب) عبد الحسين شعبان (العراق) عبد السلام المسدي (تونس) علي أومليل (المغرب) علي حرب (لبنان) علي فخرو (البحرين) عمر كوش (سورية) فالح عبد الجبار (العراق) فهمي جدعان (الأردن) ليلى شرف (الأردن) محمد الرميحي (الكويت) محيي الدين عميمور (الجزائر) مراد وهبة (مصر) معن بشور (لبنان) ميشال كيلو (سورية) هاني فحص و هشام نشابة (لبنان). وكما نعرف من الكتاب، فإن كل رؤية من الرؤى الثلاثين التي تضمنها الكتاب لا تعكس فقط التجربة المعرفية لصاحبها، أو نسق المدرسة العقائدية أو السياسية التي ينتمي إليها، لكن هذه الرؤى مجتمعة تقدم لنا تفسيراً تكاملياً نادراً لقضايا الراهن العربي وتحولاته. وهو ما يتضح من خلال مجموعة الأشكال البيانية والإحصائية التي يتضمنها الكتاب، والتي تمّ إعدادها «حاسوبياً» اعتماداً على معدلات تكرار القضايا في الرؤى الثلاثين. وعلى سبيل المثال، فإن رؤية المفكرين القائلين بنجاح حركة التغيير في تونس ومصر وليبيا تعتبر أن الأسباب الأكثر أهمية ونجاعة في نجاح حركة التغيير، إنما تعود في الأساس إلى أخذها بوسائل التغيير الديمقراطي، والتقريب بين مختلف القوى. أما القائلون بإخفاق مسار التغيير، فيردون ذلك في الدرجة الأولى إلى تشويه القوى الانتقالية الحاكمة صورة الثوار، وافتقاد الثورة (أو حركة التغيير) إلى قائد يجمع الصفوف، ثم إلى سطوة التيار الإسلامي. أما الأسباب الأقل أهمية لإخفاق مسار التغيير (عند من يعتقدون في هذا الإخفاق) فهي مخاطر انهيار الدولة، والصراع على السلطة، وتشرذم القوى الثورية. أما بخصوص التنبؤ بمدى تأثر القوى الإسلامية في تونس ومصر بأحد الأنموذجين الإيراني والتركي، أو جنوحها لإفراز أنموذج إسلامي عربي خاص، فتكاد القراءات تتماهى الى حد بعيد، إذ تتوزع بين 25 في المئة لاحتمال قيام انموذج اسلامي عربي خاص. وحينما يتم الانتقال من قضايا الفكر السياسي الى التحديات المعرفية والثقافية، يظل التفسير السياسي حاضرا بدرجات متفاوتة. ففي السؤال حول أسباب الفجوة المعرفية التي تفصل العالم العربي عن الدول المتقدمة، تظل ظواهر شيوع الاستبداد والافتقار الى الحريات، وغياب الوحدة والتكامل العربيين، وتسييس الثقافة والفكر، تفسيرات بارزة للفجوة المعرفية، جنبا الى جنب مع تفسيرات تدهور أوضاع التعليم، وغياب الفكر النقدي، وتراجع البحث العلمي. ولكن في الإجابة عن سؤال حول كيفية تجاوز الفجوة المعرفية، فإنه باستثناء عامل قيام المجتمع الديمقراطي، تدور الرؤى المقترحة كلها حول إصلاح التعليم، وضرورة استقلال المؤسسة الجامعية، والاهتمام بالتنمية البشرية، ودعم البحث العلمي، وتعميم ثورة الاتصالات. المشروع العربي البديل المشروع العربي البديل هو حجر الزاوية في الرؤى الانتقالية الى وضع جديد، برأي كثيرين ممن استفتوا في مشروع الكتاب. لكن هل هو متاح فعلا ترجمة مثل هذه الرؤى وعلى نحو علمي رصين في ظل هذي الفوضى العربية العارمة؟ وما هي الأسس التي ينبغي أن ينطلق منها المشروع أصلا؟. الأجوبة تباينت بالطبع. ففي حين أن البعض لم يعد يثق كثيرا في المشاريع، فإن البعض الآخر يرى ان العالم العربي الجديد مادة خام لمشاريع عدة. وبالتالي فإن الحاجة تظل ماسة الى مشروع عربي أصيل، استثنائي ومغاير، وذلك بصرف النظر عن المشاريع الإقليمية والدولية المطروحة على المنطقة. وهو ليس فقط مشروعا للتكامل الاقتصادي استئنافا للسوق العربية المشتركة بدلاً من تركيز القوى البشرية، العمالة والخبرة في مصر، والأرض للزراعة في السودان والعراق، والاستثمارات في الخليج. وهذا يقتضي رفع الحواجز بين الحدود، وتأشيرات الدخول، ووجود أشبه بـ «شنغن» عربي. فليس من المعقول ان يدخل الأوروبي بطابع بريد في المطار، ويقف العربي بالأيام أمام السفارات للحصول على تأشيرات. ويقتضي هذا المشروع الثقة بالنفس والطموح.. فلماذا يكون العرب أقل من ماليزيا وأندونيسيا وإيران وتركيا وجنوب افريقيا والبرازيل، وهم يكونون امة من ثلاثمائة وخمسين مليونا وربما أكثر؟ ومع تركيا وايران يكونون حوالي خمسمائة مليون، ووراءهم ماليزيا واندونيسيا وأواسط آسيا، ما يجعل العرب محاطين بخمسمائة مليون آخرين من المسلمين كمجال حيوي لهم؟ وفي رؤية أخرى للمشروع العربي البديل، يرى البعض أن اكبر مدخل لأي مشروع هو إنشاء سوق عربية موحدة. فالسوق ينبوع تفاعل وتداخل ينمي الصلات والروابط على المستوى القاعدي. يمكن التفكير بسوق مشرقية- تركية مثلا، لتتوسع لاحقا الى المغرب العربي، ومنها تتحول استطرادا، جميعها الى سوق اقليمية عربية- اسلامية شاملة. والسوق هنا مفهوم دقيق يقوم على حرية انتقال السلع، ورؤوس الأموال، والخدمات والبشر. وهذه الحرية في الانتقال تستدعي اول ما تستدعي قيام بنى تحتية: خطوط سكك حديد تربط انحاء الرقعة العربية بتكلفة عقلانية اقتصاديا، وشبكة طاقة كهربائية موحدة.. الخ... باختصار ان تطور السوق المشتركة هو تطور التفاعل في العمق بين المجتمعات، ومن شأنه ان يؤثر على السياسة في القمة بدرجة حميدة. وإذا جاز لنا اختصار مشروع هذا الكتاب بكلمة واحدة، فإننا نستطيع القول، بأنه كتاب المرحلة العربية الحرجة بامتياز.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©