الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باكستان: حلول إبداعية لهجرة الأدمغة

6 سبتمبر 2012
من المنطقي البحث عن حلول جدية للتحديات العديدة التي تواجه باكستان في الظرف الراهن، المزدحم بالتحديات والمصاعب الاقتصادية والسياسية. ومن بين التحديات الرئيسية التي تواجه إسلام آباد اليوم مشكلة "هجرة الأدمغة"، حيث يغادر الكثير من الباكستانيين ذوي التعليم الجيد بلادهم. ولكن الأموال التي يرسلها المغتربون الباكستانيون من الخارج تشكّل، في المقابل، ثالث أكبر مصدر لرأس المال اللازم للنمو الاقتصادي، وتساعد على سد اختلالات وموازنة العجز الوطني الكبير. وإذا أخذنا هذا الواقع بعين الاعتبار، فربما يكون من الوارد القول إن على باكستان التوجه نحو "تدوير الأدمغة"، بحيث يساهم الباكستانيون في الخارج بأكثر من مجرد إرسال الأموال إلى وطنهم. وحسب كتاب "حقائق البنك الدولي للهجرة والتحويلات المالية لعام 2011"، فإن هناك حوالي خمسة ملايين باكستاني يعيشون في الخارج، وهم موجودون بشكل واسع في المملكة المتحدة والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة وكندا. وفي عام 2010 وحسب البنك الدولي أيضاً فقد أرسل باكستانيو الشتات إلى وطنهم 9,4 مليار دولار، وهو مبلغ ربما يؤشر إلى مدى هجرة الأدمغة، والعدد الهائل من الباكستانيين المهاجرين وقدراتهم على تحقيق الدخل ومهاراتهم المتقدمة والمعرفة التي حصلوا عليها في دولهم المضيفة. وقد حققت عولمة اقتصادات العالم سيولة زائدة لرأس المال المالي والفكري، خلال السنوات الأخيرة، ولذا فقد تمكّن الباكستانيون في الخارج من بناء قدراتهم لصالح الدول المضيفة، والمساهمة في الوقت نفسه في اقتصاد بلادهم. وعلى رغم وجود فوائد من حركة هجرة عمالة واسعة، فإنه يمكن لإعادة الخبرات والطاقة الإبداعية في الأعمال التي يتمتع بها المهاجرون إلى باكستان نفسها أن تسهم في إعادة الاستقرار إلى اقتصاد الدولة. ويرى مراقبون ومهتمون أن الشباب الباكستانيين يختارون العودة إلى بلادهم عادة لسببين: تراجع الفرص في الخارج، ورغبة وطنية في العطاء داخل بلدهم. إلا أن هناك عوائق أحياناً أمام كل ذلك. وتحتاج باكستان بالتأكيد إلى هؤلاء المهاجرين، وهناك اهتمام متنامٍ بإشراكهم في المساعدة على تقوية الاقتصاد وبأن يصبحوا قوة توازن في ديمقراطية غير مستقرة، ويكون لهم تأثير هائل من أجل التغيير السلمي. إلا أن الباكستانيين العائدين من الخارج يجب أن يتعاملوا مع ما قد يعتبر تراجعاً في مستويات المعيشة، مثل انعدام الطاقة الكهربائية بشكل حاد أحياناً. وتحسن الحكومة الباكستانية صنعاً إذا أعطت الأولوية لاجتذاب المهندسين الكهربائيين وخبراء الطاقة الشمسية وطاقة الرياح المهاجرين للعودة والمساهمة في حل أزمة الطاقة الخانقة. كما يشكل العنف المستمر في باكستان عائقاً آخر عميقاً. وهذا وضع يشبه الدجاجة والبيضة، ففي الوقت الذي يمنع فيه العنف العديد من الباكستانيين من العودة، فإنه يمكن لتزايد فرص العمل والأسواق، التي يمكن أن تحفز عودة الباكستانيين ذوي المهارات في مجالات مثل الطاقة البديلة، أن يخلق قوة اندفاع نحو اقتصاد صحي أكثر، الأمر الذي قد يساهم في نزع فتيل بعض الصراعات العنيفة من أجل الوصول إلى الموارد. كما يمتلك الباكستانيون في الخارج ممن لديهم معرفة ودراية أوسع باقتصادات العالم وتقدير للتحوّلات في العرض والطلب العالميين، قدرة تنافسية عند تأسيس أعمال تجارية في أوطانهم. كما سيُساعد إسهامهم في أعمال الخير والجهد الإنساني في مكافحة الفقر أيضاً.وتعمل أعداد متنامية من المبدعين في المشاريع الاجتماعية على تحسين أوضاع باكستان من خلال المنظمات غير الربحية والقطاعين الحكومي والخاص في دولهم المضيفة. وعلى سبيل المثال، فإن مؤسسة الآغا خان، وهي منظمة عالمية تركّز على التنمية على مستوى الجذور، والتي تملك دعماً كبيراً من جانب الباكستانيين المهاجرين، قد عملت الكثير لجمع التمويل والخبرات لصالح باكستان. كما تأسس أول مصرف للتمويل الصغير "الميكرو" عام 2002 من قبل برنامج الآغا خان للدعم الريفي، وهو واحد من المشاريع العديدة التي ألهمتها تجارب المهاجرين الباكستانيين لكسر دائرة الفقر في البلاد. ويعمل التمويل "الميكرو" على مكافحة الفقر الريفي، ويعتمد نجاحه على إدارة جيدة ترتكز على المعرفة والرؤية بكيفية يرغب العديد من المهاجرين العائدين تقديمها بكل سعادة لبني وطنهم. كما تفتح تكنولوجيا الحاسوب شبكات للمهاجرين لبناء جسر بين العالم التقليدي للعاملين المهاجرين واقتصاد المعرفة. وقد أصبح المهاجرون مستثمرين في الصناعات الرائدة المرتكزة على التكنولوجيا، وخاصة في مجال خدمات الأعمال التي تتطلب مهارات قيادية وفنية. وتستفيد الاقتصادات المحلية من المؤسسات المتناهية الصغر المؤسسة حديثاً. وينشط بعضها تحت شعار: "عمل الخير وعمله بشكل جيد"، حيث يقوم المبدعون الاجتماعيون بإنشاء أعمال تجارية قادرة على البقاء وعلى أن تجتذب بدورها المزيد من الفرص الاستثمارية. ويستطيع الباكستانيون في الخارج الرجوع بعاطفتهم وطاقتهم وطموحهم إلى بلادهم إذا تلقوا دعماً من الواقع السياسي، لكي يربطوا الفرص العالمية مع القدرات المحلية ويساعدوا عملية ترسيخ الديمقراطية على الاستمرار. ويمكن للمهاجرين الباكستانيين المساعدة أيضاً على دفع وطنهم بسرعة إلى الأمام. والقدرة الكامنة موجودة بالتأكيد، وتحتاج ببساطة للتصرف والتفعيل والتشجيع. د. عظيم إبراهيم الرئيس التنفيذي لمعهد إسكوتلندا ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©