السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمات اليمن: النمو السكاني وشح المياه

أزمات اليمن: النمو السكاني وشح المياه
12 ديسمبر 2010 22:33
يزداد ضعف الوضع الأمني في اليمن. فقد أعلن تنظيم "القاعدة في شبه الجزيرة العربية" مسؤوليته عن إرسال الطردين البريديين اللذين حويا قنابل مرسلة إلى شيكاغو في شهر نوفمبر المنصرم. ثم حوت الوثائق السرية المصنفة التي نشرها موقع "ويكيليكس" الإلكتروني مؤخراً على معلومات تفيد عن تنفيذ ضربات جوية أميركية في اليمن، وصفت بأنها تمثل تهديداً جديداً للأمن القومي الأميركي. ثم هناك مشكلة حركة التمرد في شمالي اليمن، وحركة الانفصاليين في الجنوب. أضف لهذه المشاكل وصول نسبة البطالة في اليمن نحو 40 في المئة من قوة العمل، علاوة على التراجع الحاد في عائدات النفط الوطني، ووجود مئات الآلاف من اللاجئين والمشردين والنازحين داخل اليمن، واعتماد نصف السكان على دخل يومي يقل عن دولارين. لكن، وإلى جانب هذه المشاكل والصعوبات جميعاً، فإن أكثر ما يهدد مستقبل اليمن وأمنه واستقراره هو أزمة المياه التي يواجهها بسبب النضوب السريع لموارد المياه. ومن رأي بعض الخبراء أن المياه سوف تنضب في العاصمة صنعاء نفسها بحلول عام 2020. ومما لا ريب فيه أن شحاً حاداً بهذا المستوى في موارد المياه من شأنه إثارة النزاعات وتهيئة مناخ عدم الاستقرار الأمني، وخلق حالة من الفراغ قد تكون بيئة مثلى لتنظيم "القاعدة" وغيره من الجماعات المتطرفة الأخرى. وعليه، وفيما لو أرادت الولايات المتحدة الأميركية محاربة التطرف بحق هناك، فإن عليها التصدي لأزمة نقص المياه التي يعانيها اليمن. ففي الوقت الحالي لا تتوفر خدمات المياه سوى لنسبة لا تزيد على 20 في المئة. وفي العاصمة صنعاء تصل نسبة السكان الذين يعتمدون على صهاريج المياه الخاصة إلى 70 في المئة، بينما وصل سعر المياه إلى ثلاثة أمثال ما كان عليه في العام الماضي، لتضطر الأسر إلى إنفاق ثلث دخلها على شراء الماء. وقد أكدت الدراسة التي أجرتها مؤسسة كارنيجي الوقفية للسلام العالمي حقيقة شبح هذه الكارثة، مضيفة أن "صنعاء" سوف تكون أول عاصمة تنضب فيها المياه في عصرنا الحالي. ومن ناحيته أكد مدير "مشروع إدارة حوض صنعاء للمياه"، الذي يموله البنك الدولي، أن المياه التي تضخها الحفريات الجارية الآن في المشروع، هي آخر ما تبقى من هذه الموارد الطبيعية. وعليه فالمتوقع أن تزداد الصراعات المتصلة بالمياه عندما تدرك المجتمعات المختلفة أن آبارها قد نضبت، وأنه ليس بوسعها الاستمرار في شراء المياه بالأسعار التعجيزية التي وصلت إليها الآن. وتشير بعض الدراسات الأمنية التي أجريت عن اليمن إلى أن نسبة 80 في المئة من النزاعات اليمنية الراهنة لها علاقة بالمياه. وقد نجمت هذه الأزمة عن تأثيرات التغير المناخي، وضعف إدارة الموارد المائية، إضافة إلى عدم مسؤولية استهلاك المياه. وبينما تراجع هطول الأمطار كثيراً خلال السنوات الأخيرة الماضية، جفت الكثير من الصخور المائية. وفي الوقت الحالي توصف نسبة تصل إلى 99 في المئة من حفريات المياه الجارية بعدم الشرعية، في حين لا تتمتع العاصمة صنعاء بسلطة كبيرة على المناطق البعيدة عن العاصمة. ومما يفاقم مشكلة شح المياه، إدمان اليمنيين للقات. فنسبة 70 في المئة من الذكور اليمنيين يلوكون القات يومياً ولعدة ساعات من أجل الحصول على أثر مخدر ضئيل جداً. وبسبب هذا الإدمان تخلى معظم المزارعين عن زراعة المحاصيل الغذائية ليتوسعوا في زراعة القات لأنه يدر أرباحاً أعلى مما تدره المحاصيل الغذائية. والمشكلة أن هذا المحصول يستنزف وحده ما يعادل نسبة 50 في المئة من إمدادات المياه في اليمن لأنه يحتاج إلى كميات كبيرة جداً من الماء. ويسهم الازدياد المطرد للكثافة السكانية اليمنية في مشكلة شح المياه. وبوصول معدل ارتفاع الكثافة السكانية في العاصمة صنعاء إلى 7 في المئة، تعد هذه المدينة إحدى أسرع عواصم العالم نمواً سكانياً على الإطلاق. وخلال السنوات الخمسين الماضية، ارتفع العدد الإجمالي لسكان اليمن ليصل أربعة أمثال ما كان عليه، بينما يتوقع له أن يحقق زيادة كبيرة بحلول عام 2015. وتشير التوقعات إلى ارتفاع هذه الكثافة من 23 مليون نسمة حالياً إلى 60 مليوناً، وهي عدد يقارب ثلاثة أمثال العدد الحالي. ومع تفاقم أزمة المياه، يتوقع لليمن أن يتحول إلى دولة أشد عنفاً وملاءمة لنمو التطرف فيه، وهو تحول له تأثيره المباشر على الأمن القومي الأميركي. وقد اعترف مسؤولو الاستخبارات الأميركية بأن اليمن يعد المنطقة التي يوجد بها أحد أكثر فروع "القاعدة" هو الأكثر نشاطاً وتنظيماً خارج الشريط الحدودي الباكستاني الأفغاني. وإدراكاً منها لذلك الخطر، ضخت واشنطن ما يزيد على 150 مليون دولار في شكل مساعدات تهدف إلى تحسين مستوى أداء أجهزة مكافحة الإرهاب اليمنية، إضافة إلى توفير حاجات تدريب القوات الأمنية وتوفير المعدات اللازمة لها. وفي الوقت نفسه أشارت الوثائق السرية التي بثها موقع "ويكيليكس" مؤخراً إلى أن الولايات المتحدة تقف وراء الضربات الجوية ضد مواقع الإرهابيين. غير أن التحولات الأمنية الجارية في اليمن أكثر تعقيداً من مجرد تعزيز القوات الأمنية أو توجيه ضربات جوية سرية ضد المتمردين والمتطرفين. وبالنظر إلى تفاقم أزمة المياه هناك، فمن الضروري أن تترافق الحلول الخاصة بهذه الأزمة مع أي استراتيجية أو خطة تهدف إلى مكافحة الإرهاب اليمني، ذلك أن المساعدات العسكرية وتعزيز القوات الأمنية الوطنية، ليست كافية للتصدي لمشكلة الفقر ونقص التعليم وتلبية الحاجات الأساسية للمواطنين، وهي جميعها تخلق الظروف الملائمة التي ينشط فيها تنظيم "القاعدة" وغيره من الجماعات الإسلامية المتطرفة. وعلى الاستراتيجيات بعيدة المدى أن تركز على جهود بناء السلام وتعزيز التعليم والتنمية الاقتصادية، إلى جانب إيجاد الطرق الملائمة للتصدي لأزمة المياه. حليمة جلمان باحثة بمركز الشؤون الدولية بجامعة نيويورك ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©