السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

غرب أفريقيا.. والدعم المفقود في مكافحة إيبولا

2 أكتوبر 2014 00:05
ويندي أورنت مؤلفة كتاب «الطاعون: الماضي الغامض والمستقبل المروع لأخطر مرض في العالم». إيبولا لا تهددني ولا تهددك، ورغم جسامة الأزمة، فإن الفيروس لا يحمله الهواء بل ينتقل بالاتصال المباشر بدم أو سوائل الجسم المصاب بإيبولا. الخطر، من ثم، يواجه الناس الموجودون في المناطق المنكوبة. لكن هذا لا يعني أن إيبولا ليست مشكلة غرب أفريقيا وحدها. وسكان غرب أفريقيا لم يستطيعوا احتواء المرض مما يعني أن الغرب لا بد أن يشارك بقوة، والتحدي الآن يشير إلى الأطراف التي يمكنها المشاركة والأدوار التي يجب عليها لعبها. وصحيح أن عمال الإغاثة الطبية من أنحاء العالم وخاصة «منظمة أطباء بلا حدود» استبسلوا في مكافحة المرض لكن هناك سلسلة من الأخطاء زادت شكوك سكان غرب أفريقيا تجاه المتخصصين الطبيين الغربيين. فالجثث تكدست أمام مراكز العلاج، وأفراد الأسر الذين نقلتهم سيارات الإسعاف لم يرهم أحد ثانية والأسر غير الراغبة دُفع بها عنوة إلى الحجر الصحي. كل هذا فاقم الشكوك، ويعتبر الغربيون مقاومة المحليين متعنتة وغير عقلانية، وتؤدي لنتائج سلبية خطيرة، لكن هناك منطقا مروعا لمخاوف وعدم ثقة سكان غرب أفريقيا، وهو ما يتعين أن يفهمه العالم قبل أن تسنح الفرصة لوقف هذا الوباء. ويشير عالم الفيروسات «جوزيف فير»، الذي عمل في سيراليون في السنوات العشر الماضية، وهو الآن مستشار منظمة الصحة العالمية بشأن تفشي «إيبولا» إلى أن «سيراليون وليبيريا من أفقر دول أفريقيا.. ولهذا دلالته». وصحيح أن البلدين خرجا من سلسلة من الحروب الأهلية لكن ندوب الماضي مازالت قائمة. والآن تفشى فيروس «إيبولا» ليكتسح قرى ومدن ويهدد بهدم ما بني بالجد والتعب في العقد الماضي ويزعزع النظام السياسي ويعصف بالاقتصاد، ويترك سكان سيراليون وليبيريا في حالة عدم ثقة من حكوماتهم، ويجعلهم ينظرون إلى الرجال البيض، كما لو أنهم من سكان الكواكب. وفي وجهة نظر الكثير من الأفارقة، فإن الغرب يترك الأطباء والممرضين المحليين يموتون بسبب «إيبولا» بينما يجلي المتطوعين الغربيين الذين أصيبوا بالمرض ليعالجوا في أوروبا والولايات المتحدة. ويعتقد الدكتور «جيمس ويلسون»، الذي درس تطور «إيبولا» على مدار 15 عاماً «أن أول أشخاص يجب حمايتهم في هذه الظروف هم الأطباء من أهل البلاد. الأمر هنا مزدوج المعايير نوعاً ما، لأن الغربيين يتولون أمر أنفسهم. وهذا يبعث برسالة سيئة للأفارقة». ومن بين ضحايا الوباء الطبيب السيراليوني «شيخ هومارخان» البالغ من العمر 39 عاماً، وهو صديق مقرب للدكتور «فير»، وكان يتولى رعاية أكثر من 100 مريض بـ»إيبولا» منهم ممرضان في مستشفى «كيمينا» قبل أن يُصاب بالفيروس. وظلت طائرة تقف على المدرج لمدة 72 ساعة تنتظر نقله خارج سيراليون، لكن متاهة البيروقراطية الدولية منعت وصوله للطائرة حتى سبق السيف العذل. ومما زاد الطين بلة، أنه تقرر بعد جدل طويل عدم إعطاء «هومارخان» الجرعة التجريبية من عقار «زماب» الذي جرى تطويره لمعالجة «إيبولا». وأحزن القرار الدكتور «فير» وكثيرين آخرين. لكن لأنه لا يوجد تجارب على البشر لم يرد أحد أن يبدو كما لو أنه يجري تجربة على أفريقي. لكن بعد فترة قصيرة من وفاته تم نقل اثنين من عمال الصحة الأميركيين في ليبيريا إلى أميركا ليعالجا بعقار «زماب»، ونجا كلاهما. ويشير الدكتور «فير» إلى أن أكثر من 40 من عمال الصحة في سيراليون من أطباء وممرضين وسائقين وأفراد حراسة وعمال نظافة في المستشفيات من سكان البلاد أصيبوا بالمرض حتى الآن، والكثير منهم إصابته مهلكة. وطلبت حكومة سيراليون من منظمة الصحة العالمية أن تعطيها تمويلاً كي تنقل طبيباً آخر هو الدكتورة «أولايفت باك» لتلقي العلاج في الخارج، لكن المنظمة رفضت الطلب ووعدت بتوفير أفضل علاج ممكن في سيراليون بما في ذلك عقار «زماب». وماتت الطبيبة لتكون رابع طبيب يلقى حتفه جراء تفشي الوباء.وليس من الصعب فهم السبب وراء عدم ثقة الناس في المناطق المنكوبة بإيبولا في الغرب. لكن سلسلة العدوى لابد من كسرها وإلا سيموت عدد أكبر بكثير من سكان غرب أفريقيا قد يصل عددهم إلى 1.4 مليون بحلول نهاية العام، بحسب ما تقول مراكز الوقاية من الأمراض والتحكم فيها في الولايات المتحدة الأميركية. والطريقة الفعالة الوحيدة في مكافحة الفيروس هو أن يدرك الغربيون القيمة الحيوية للأطباء وعمال الصحة من سكان البلاد، وأن يعملوا على حمايتهم، وأن يستعيدوا ثقة سكان غرب أفريقيا. ويعتقد خبير الفيروسات و»إيبولا» الدكتور «توماس جيزبيرت» من الفرع الطبي في جالفستون بجامعة تكساس أنه لو أن الدكتور «هومارخان» كان قد نجا لكان شيئاً جيداً للغاية، لأنه كان سيظهر للناس أن هناك مخرجاً للأمام. ويتعين إقناع سكان سيراليون وليبيريا أن يتوقفوا عن غسل الموتى وإخفاء المصابين وهي ممارسات تزيد حالات الإصابة. لكن يجب ألا يتم هذا بطريقة استعلائية من غربيين. وأثارت حملة توعية لمدة ثلاثة أيام شنتها حكومة سيراليون في الآونة الأخيرة الجدل في الغرب، لكن الدكتور «فير» يرى أنها استراتيجية فعالة. وفي الحملة طرق متطوعون من سكان البلاد أبواب المنازل في كل بلدة ومدينة وقرية وشرحوا للسكان بلغتهم المحلية تفاصيل عن المرض وكيفية انتقاله وكيفية وقاية الناس لأنفسهم أثناء رعاية ذويهم المصابين. وأخيرا نقول إن غرب أفريقيا بحاجة إلى مساعدات هائلة من الغرب مثل الأسرة ومراكز العلاج والمتطوعين الطبيين والتمويل. لكن يتعين على الغرب أن يفهم أن أهم جزء في التصدي لوباء «إيبولا» هو سكان غرب أفريقيا أنفسهم. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. انترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©