الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«المدونات الإلكترونية الأدبية.. أي حضور وأي تأثير؟

«المدونات الإلكترونية الأدبية.. أي حضور وأي تأثير؟
13 سبتمبر 2013 23:18
عصام أبو القاسم (الشارقة)- كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن ضعف وبؤس المساهمة العربية في الذاكرة الواسعة للإنترنت، وعلى الرغم من مناداة تقارير التنمية التي صدرت أخيراً من مؤسسات عربية عدة، بضرورة الانتباه إلى هذا الأمر إلا أن حجم الاستجابة ما زال محدوداًّ! حين يتعلق الأمر بالإبداع الأدبي العربي وعلاقته بالشبكة العالمية للمعلومات فإن النتائج تبدو سلبية أكثر، ونستثني هنا الجهود التي بذلت في السنوات الخمس الأخيرة، وكان من بين ما نتج عنها: نسخ مئات الكتب التراثية والثقافية العربية ومعالجتها بحيث تصلح للنشر والتداول والتخزين عبر الإنترنت. وإلى ضعف مساهمة وزارات ومؤسسات الثقافة العربية في المحتوى الإلكتروني، يرجع أغلب المتابعين السبب إلى تواضع المحتوى العربي على الإنترنت؛ فهذه الوزارات والمؤسسات بمعظمها ما زالت تعيش في مرحلة ما قبل «ثورة الاتصالات». والشاهد ان بعضها ما زال يفتقر إلى الموقع الإلكتروني الذي يعرف به وبأنشطته، أما تلك المؤسسات التي تجاسرت وصممت واجهات ترويجية وتعريفية حول دورها في المجتمع فهي لم تزد على ذلك في الغالب؛ إذ ان أغلب مواقعها غير محدثة وينقصها التطوير ومواكبة ما يستجد. لكن، لئن كان شأن التوسط بالإنترنت لنشر محتويات وطنية وقومية عربية مما يخص الوزارات والمؤسسات على اعتبار انه يحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة فماذا بخصوص المساهمات الفردية في هذا الجانب؟ لنأخذ مثلا الكتّاب والشعراء كيف يتجلى حضورهم في صفحات الإنترنت: هل يمكن الحديث عن حضور مؤثر لما يعرف بـ «المدونات الأدبية» في المشهد الثقافي العربي، وإلى أي مدى يمكننا أن ننتظر تحول صفحات التدوين في الإنترنت إلى سجل تاريخي يمكن الرجوع إليه كشاهد على مرحلة ما أو حساسية إبداعية أو أي شيء من هذا القبيل؟ «الاتحاد» توجهت بتلك الأسئلة لعدد من الكتّاب فجاءت إفاداتهم كما يلي: رقابة الروائية فتحية النمر لم تتوجه بعد إلى تصميم مدونة لكتاباتها على الرغم من اعتمادها على الإنترنت في قراءاتها وفي التواصل مع الآخرين، وبالنسبة لها فإن تجارب عربية عدة في النشر عبر «المدونات» خلفت آراء متباينة حول أهمية التوسط بالمدونات. وتقول النمر «فكرت مرات عدة في المدونة ولكن في كل مرة أجدني مشغولة بأشياء أخرى ولكنني المدونة سلاح ذو حدين فهي يمكن أن تساهم في انتشار المبدع وتربطه بقراء من شتى أنحاء العالم في لحظات معدودات ولكن ثمة الكثير من الغث وسط ما ينشر في هذا المجال، هناك الكثير مما لا يستحق أن ينشر ولكن لأن لا تقييم ولا نقد ولا تقاليد على ما ينتشر في الإنترنت، تجد أن قابلية البعض للتعاطي معه ضئيلة جداً، وهو بالنسبة لكثر شيء لا يجب أخذه بجدية». أفق جديد ينشط الباحث والقاص السوري عزت عمر على الإنترنت، وهو يقضي ساعات مخصوصة من يومه في تصفح المواقع، وفي إجابته على أسئلتنا يظهر احتفاء بهذه النافذة الإلكترونية الجديدة: مدوّنتي الأساسية هي موقعي الشخصي الذي أنشر فيه بعض المواد والأبحاث المختصة بالنقد الأدبي، إضافة إلى مراجعات لبعض الكتب الصادرة في الدولة وخارجها. يزور مدوّنتي يومياً زوّار كثر يطّلعون في الغالب على جديدي النقدي في ما يخص القصّة والرواية في الإمارات، وهم في جملتهم طلاب دراسات عليا وباحثون يودّون الاطلاع على أدب الإمارات. يراسلني على بريدي الخاص عدد من الطلبة للاستشارة حول بعض الموضوعات التي يودون العمل فيها أو لتبيان الرأي حول مراجع ومصادر أبحاثهم والسؤال عن أماكن وجود بعض الكتب وغير ذلك مما يرونه مهماً. تفتح المدونة أفقاً واسعاً للتواصل ما بين الباحثين والكتّاب يتداولون من خلاله الآراء والأفكار والاستفادة من المناهج النقدية المتبعة، وبذلك فإنها تختصر كثيراً وسائل الاتصال التقليدية». هجنة أما القاصة والإعلامية عائشة العاجل، والتي أنجزت رسالة علمية أخيراً حول الصفحات الإلكترونية للصحف الإماراتية وتأثيرها على القراء، فقالت: فتحت المدونات الإلكترونية آفاقا جديدة للمبدعين، ومكنتهم من صيغ حديثة وفعالة للتواصل مع القراء، وأضافت «لقد كوّن المبدع رأسمالاً اجتماعياً عبر الفضاء الإلكتروني، وهو بات في مقدوره الالتقاء بجمهوره في فضاء حر ومن دون إكراهات عدة، مثل الزمان والمكان وظروف المكانة الاجتماعية»، وتابعت «إن إشراك المتلقي (المتصفح – المستخدم) في التدوين والتعقيب في المدونات الإلكترونية الخاصة بالمبدعين والفنانين، يسمح بتشكيل نص «هجين» Hybrid فيثري الممارسة الإبداعية ويجددها»، وذكرت العاجل أن من بين مزايا المواقع الإلكترونية أنها تسمح بقياس الآراء والاتجاهات، كما تساعد في فرز طرائق قراءة النص من أكثر من جهة، فضلاً عن أنها تتيح للمبدع أن يصمم شكلا محددا للوسيط الناقل لإبداعه بحيث يبدو ما كتبه أكثر تأثيراً سواء عبر الاستعانة بالصور أو الأصوات أو الأفلام أو النصوص الموازية ومن هنا تكتسب المدونة الإلكترونية خصوصيتها قياسا إلى المنابر الورقية» النوعية الروائية رحاب الكيلاني تتفق مع فتحية النمر في ترددها وخشيتها من تجهيز مدونة لإبداعاتها، وتقول: على الرغم من المدونات تعتبر وسيلة سهلة للانتشار وللوصول لقدر أكبر من القراء إلا أنني لم أؤمن بها. ما زلت اعتقد أن الكتابة الورقية هي الضامن لحقوق وحضور الكاتب، وهي المعززة لاحترام كلمته أو فكرته أو قلمه..» تشير الكيلاني إلى ما يطبع نشاط الكتاب عبر المواقع الإلكترونية من استعجال واستسهال: المدونات آنية ولا تتيح فرصة جيدة للمراجعة والتجويد. سرعة الكتابة على الإنترنت والحاجة الملحة للتواصل السريع مع القراء تحمل بعض الكتّاب على الكتابة في كل شيء وبأي شيء، ولقد صارت الكمية هي الهدف، ولم تعد الجودة هي الأساس في الكتابة». ذروة ويؤكد القاص السوري إسلام أبو شكير على أن ثمة انتقالة كبرى حصلت بين طرفي المعادلة الابداعية (الكاتب والقارئ)، وأنها «تبدو اليوم في أشد حالاتها إثارة وسرعة في التجدد.. وقد وصلت ذروتها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي التي تتيح تفاعلاً مباشراً من شأنه أن يزود المبدع بالكثير من المؤشرات حول القيمة الفنية لنصه، وقدرته على حمل الرسالة وإيصالها»، وبتابع قائلاً «تفاعلات القراء وتعليقاتهم ـ سلباً أو إيجاباً ـ قد تساعد المبدع على تلمس مواضع التقصير أو الخلل في النص، كما قد تلقي الضوء أمامه على جوانب يمكن تطويرها، والعمل عليها، لتغني التجربة وتعمقها فيما بعد». على أن القاص السوري يلفت إلى مطبات، ويقول «ينبغي على الكاتب أن يأخذها بعين الاعتبار، وأبرز تلك المطبات أن جمهور المتلقين الذين يتواصل المبدع معهم عبر هذه الوسائل كثيراً ما يكون من القراء غير المحترفين الذين يفتقرون إلى الحدود الدنيا من شروط القراءة الواعية، وقد يميل بعضهم إلى إطلاق أحكام عامة متسرعة تبالغ في المدح أو الذم، ما يحتم على المبدع البحث عن طريقة للغربلة والتمييز، كي لا يقع في فخ الإحباط أو فخ الغرور الذي ينصبه قارئ غير مؤهل». ويستطرد «لا بد من الإشارة إلى أن التجربة جديدة، وما زال الوقت مبكراً للحكم عليها. وفي ظل حالة التسارع المذهل التي يشهدها عالم التواصل الإلكتروني يمكن أن نتوقع اندثار هذه الوسائل، لتحل محلها وسائل أخرى مختلفة كلياً في أدواتها وصيغها وأشكالها».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©