الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاستثمار في أراضي التجريد

الاستثمار في أراضي التجريد
23 يناير 2013 20:26
محمد نجيم تقدم لوحات التشكيلي المغربي نور الدين شاطر مُغَامَرة جريئة في عالم الفن، فالفنان نور الدين شاطر يستخدم ألواناً قوية ليُوصل رسالته الفنية وإشراقاته الجمالية والصوفية التي تعتمد في كثير من ملامحها على الخطّ العربي بما يحمله من عُمق وفلسفة وإرث تاريخي بالغ الغنى. وشهدت أعمال هذا الفنان التي عرضت مؤخراً في أروقة CONINGSBY-gallery في لندن إقبالاً ملحوظاً من محبي الفن وعشاقه، الذين وقفوا بذهول أمام لوحات هذا الفنان الذي ينحدر من مدينة مراكش وعرضت لوحاته في عدد من المعارض المغربية والعالمية. وقال الناقد الجمالي والفنان المغربي عزيز أزغاي، واصفاً الفنان نور الدين شاطر بكونه من «اوائل من انتبهوا، منذ طفولته الفنية الأولى، إلى ضرورة استثمار الخط العربي في العملية التشكيلية إلى أبعد مدى. فمنذ تجاربه الأولى، التي كان يحضر فيها الحرف العربي كحمال وكسند تشكيليين، قام بفعل ذلك بخلفية تميل إلى التجديد والابتكار، وتنحاز ما أمكن إلى ضرورة التنويع، تنويع المقاربة والتناوب وفق خاصية التجريب. ويبدو ذلك واضحا من خلال حضور معرفة الفنان بتجارب رائدة في هذا المجال». وأشار الناقد الجمالي أزغاي إلى أن أهم ما يميز جربة الفنان شاطر «كونها تتسم بخاصية الاقتصاد، أي التعامل الحذر المبني على التخفيف مع سطح القماشة، والميل أكثر إلى اختيار حرف أو علامة بعينها لتكون موضوع تشكيل، دون الإسراف في ملء بياض اللوحة كيفما اتفق. ولعل هذا الإمعان الذي يستثمر في «الإشارة» أو في «اللمعة» التي تحمل خاصية «الإبراق»، هو ما يجعل أعمال الفنان نور الدين شاطر تتسم بغير قليل من عنصر التلغيز، الذي ليس - في نهاية الأمر - سوى استثمار في أراضي التجريد الفنية، باعتبارها لغة تشكيلية وجمالية محفوفة بكثير من إمكانات القراءة والتأويل. ويظهر ذلك واضحاً في الأعمال الأخيرة للفنان شاطر، التي عمد خلالها إلى المزاوجة المدروسة والمُفكر فيها بين التشكيل اللوني التجريدي والتشكيل الحروفي كاستثمار جمالي، أي محاولته إعطاء بعد تجريدي يغلب على لغة اللوحة أكثر من صياغة جملة أو جمل تشكيلية يطغى عليها طابع الحروفي / الكاليغرافي. إذ يبدو هذا الاشتغال ميالاً إلى التخفف، بل الابتعاد ما أمكن عن الحرف من أجل الاستثمار أكثر في اللون وفي الحركة وفي المادة الصباغية، ليس كخلفية جمالية مجانية، وإنما كعُنصر وكبناء للوحة كما يفهمها الآن، وكما تعكسها تجربته الفنية الحالية. لذلك، يبدو من السابق لأوانه تأويل هذا المسار الجديد في تجربة الفنان نور الدين شاطر الإبداعية، للقول بوجود «نية» لديه للتخلي نهائياً عن الحرف كعنصر تشكيلي قد يغير وجهته نحو اعتماد تصوير صباغي يميل إلى التجريد أكثر من غيره. إلا أننا لا نحبذ وضع الحصان أمام العربة، ونترك الحكم عن ذلك للقادم من الأيام، فهي الكفيلة بالكشف عن نوايا هذا المبدع المُجدد الفنية والجمالية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©