الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

عدنان سالم: تصنيف الكتب على مبدأ التنوير خطأ

13 ديسمبر 2006 01:02
حوار ـ أحمد خضر: يرى عدنان سالم نائب رئيس اتحاد الناشرين العرب أن القراءة هي معيار تقدم الأمم، داعياً إلى خلق مجتمع قارئ، حيث يدخل المواطن العربي إلى حديقة الفكر والثقافة ليقتطف أحلى ثمراتها حتى لو دميت يداه بشيء من أشواكها· بمناسبة معرض الشارقة الدولي للكتاب التقته ''الاتحاد'' حيث يسلط الضوء على العديد من قضايا الكتاب واشكاليات العزوف عن القراءة وثقافة الرقيب ومستقبل رواج الكتاب في العالم العربي والمعوقات التي تقف في وجه حركة النشر فكان الحوار التالي: ؟ أين نحن من القراءة ؟ ؟؟ نحن نعاني حالة عزوف عن القراءة، هذا العزوف يمكن أن يتبدى في كمية المنشورات التي ينشرها الناشر التي تصدر عن دور النشر وهي لا تتجاوز الآلاف المحدودة جداً، مقابل عدد سكان الوطن العربي· والإنسان في تحليله لهذه الظاهرة يجد أن هناك كثيراً من الغرابيل التي تسقط هذا العدد الضخم من الناس في هاوية العزوف عن القراءة، فهناك أولاً مشكلة الأمية التي تبلغ نسبتها نسبة عالية في العالم العربي، وهناك المشكلة الأخطر وهي الأمية اللاحقة متجسدة في عزوف المتعلمين عن القراءة بعد مغادرتهم مقاعد الدراسة· ومعلوم أن القراءة هي مفتاح للحضارة، ومعيار لتقدم الأمم، ولا يمكن أن تقوم حضارة بدون قراءة، هذا ما يتضح في السطر الأول من التنزيل الإلهي، فعندما أراد الله لهذه الأمة أن تنهض خاطبها قائلاً ''اقرأ باسم ربك'' ولا يمكن أن يكون هناك شعب متحضر بدون قراءة، فالقراءة معيار التحضر، وقد باتت الأمم تقاس بمدى ما تملكه من ثروة في المعلومات، لا بما تملكه من ثروة المال أو عدة السلاح· معارض الكتاب ؟ ما المقياس الذي يقاس من خلاله نجاح معارض الكتاب في العالم العربي ؟ ؟؟ الهدف من معارض الكتاب هو تيسير الكتاب للقارئ، ويقاس نجاح المعرض في مدى اجتذابه لقراء جدد إلى عالم القراءة· ؟ لكن ثمة معوقات تعاني منها صناعة النشر إلى جانب العزوف عن القراءة ·· لو توضح لنا بعض هذه المعوقات ؟ ؟؟ هناك معوقات كثيرة تتمثل في القيود التي تعترض حركة الكتاب في العالم العربي، فبالرغم من ضيق الرقعة الثقافية التي سيتحرك عليها الكتاب العربي نجد أن تعارض الرقابات يشكل عقبة أساسية، فما يسمح به هنا يمنع هناك، ونحن نطمح إلى أن تضبط الرقابة بمعايير واضحة ترتفع فوق المزاجية والعشوائية، وإذا استطعنا أن نصل إلى هذه المعايير الواضحة على النطاق المحلي بالتعاون بين الأجهزة المعنية بالثقافة وبين اتحادات النشر العربية، فإن طموحنا الأكبر هو أن نصل إلى معايير عربية شاملة بحيث إذا سمح الكتاب في بلد عربي، فإن هذا السماح يكون جواز مرور له إلى كل البلدان العربية، وهذا ما ينتظر أن يتحقق على مستوى البلدان العربية جميعاً· هناك أيضاً الرسوم المالية التي تفرض سواء كانت جمركية أو بأي اسم آخر فإنها أيضاً تقيد حركة الكتاب، فالكتاب العربي لا يمكن أن يكون محلياً، لا يمكن إلا أن يكون عربياً ولا يجوز أن يحمل بأي عبء جديد عند انتقاله من بلد عربي إلى بلد عربي آخر، وهناك مشكلة خطيرة يعانيها الناشر وهي مشكلة الاعتداء على حقوق المؤلف، فهناك تجار يتصيدون الكتاب الرائج فيصورونه ويطبعونه بمعزل عن الناشر والمؤلف، ولا يؤدون حقوقهما، وهذا مما يشكل خطراً كبيراً على مستقبل الإبداع، ويثبط حركة التأليف عندما يحرم المبدع من مؤلف وناشر من استثمار حقهما في هذا الإبداع· القراءة ؟ كثير من الناس يعلل عزوفه عن القراءة بأن وسائل الإعلام الحديثة امتصت وقته ولم تترك له وقتاً للقراءة ·· ما رأيك ؟ ؟؟ أنا لا أعتقد بأن وسائل الإعلام لن تكون منافسة للقراءة والكتاب إذا قامت بواجبها في التعريف بالكتاب، وعقد ندوات لمناقشة وزيادة حركة النقد وحث الناس على القراءة· ؟ ما معايير الكتاب الجيد ؟ هل هناك معايير ثابتة في رأيك أم أن المسألة خاضعة للتصنيف ؟ ؟؟ هذا السؤال يلفتنا إلى ما يدعى الآن بحركة التنوير، وكأنني بالتنوير هنا يتم التعرف إلى مادة الكتب، بحيث نصنف الكتب إلى كتب تنويرية وأخرى غير تنويرية، وهذا التصنيف في نظري خطأ لأن التنوير إنما يرتبط بالمنهج أكثر من ارتباطه بالمادة، فهو يرتبط بمنهجية التفكير سواء كانت عند المؤلف أو القارئ على السواء، فالقارئ عندما يقرأ بعقل منفتح، وبصر ناقد، ويدخل في قراءته دون مسلمات سابقة، ويحاكم ما يقرأه بعقله فإن كل ما يقرأه سيكون تنويراً سواء أكان الكتاب قديماً أو حديثاً، تراثياً أو معاصراً· ؟ هل من حق القارئ أن يقرأ كل ما يكتب ·· وهناك من يصادر حرية القارئ في اختياراته ؟ ؟؟ أنا شخصياً مع حرية القراءة، أرفض كل وصاية على الأفكار، وكل أنواع الحجر الفكري مهما كان مصدرها سواء كانت آبائية أو سياسية أو اجتماعية لأنني أثق بوعي القارئ وأثق بالعقل الذي منحه الله للإنسان وجعله مسؤولاً عن استخدامه، ونهاه أن يتبع ما ليس له به علم ولا أرى أي مسوغ لحرمان القارئ من قراءة أي شيء أو أي كتاب، وأن هذا الحرمان يمثل شيئاً من عدم الثقة بهذا القارئ وأنا أريد أن أسأل: هل الرقيب أكثر وعياً من القارئ ؟ لماذا لا ندع القارئ يصل إلى الحقيقة من خلال التعدد، من خلال فهمه الرأي والرأي الآخر ذلك أنني أعتقد أن ثقافة الاتجاه الواحد التي يمليها علينا الرقيب لا تؤدي بالثقافة إلا إلى الفناء، ولا يمكن الثقافة والمعرفة إلا بتصادم الأفكار وتعددها، أنا أدعو إلى حرية الفكر وحرية التعبير والقراءة، وأن يدخل الإنسان العربي حديقة الفكر ليتسنى له بنفسه أن يقتطف أحلى ثمراتها حتى لو دميت يداه بشيء من أشواكها، وأنا أعتقد أن القراءة تصحح أخطاء قد يقع القارئ تحت تأثير أفكار خاطئة جراء غفلته عن قراءتها، ولن يصحح خطأه هذا إلا بالمزيد من القراءة· ؟ سؤالي عن ارتباط ظاهرة القراءة بجيل معين أكثر من غيره نتيجة لتغير الظروف ·· ما رأيك ؟ ؟؟ حركة الثقافة حركة متواصلة لا تقف عند جيل من الأجيال، وإن هي وقفت فإنما يعني عجز الجيل الجديد عن الإبداع، فالثقافة حصيلة تراكم المعارف عن الأجيال السابقة، يسهم كل جيل من أجيال البشرية في بناء لبنة منها، والجيل الذي لا يضيف إلى ثقافة الآباء لبنات جديدة فإنما هو جيل عاطل تنقصه الفعالية، يمكن للتاريخ أن يتجاوزه دون أن يلقي له بالاً، بمعنى آخر أنا أنظر إلى الثقافة على أنها إبداع، وتوقف أي جيل عن العطاء والإبداع يعني كلالة هذا الجيل وعجزه· المؤلف والناشر ؟ كيف ترى العلاقة بين المؤلف والناشر ؟ ؟؟ كثيراً ما يشار إلى هذه العلاقة على أنها علاقة جدلية، وكثيراً ما تثار المسألة على أنها استغلال من الناشر للمؤلف، وحقيقة الأمر أن كليهما في عالمنا العربي موجود في خندق واحد في مواجهة العزوف عن القراءة الذي يوازي عندي التخلف· إن المؤلف في المجتمعات المتقدمة يستطيع أن يعيش من دخل مؤلفاته عيشاً كريماً لأن العدد الذي يطبع من كتبه عدد كبير بحجم عدد القراء في هذه المجتمعات، بينما لا يستطيع مؤلف في عالمنا العربي أن يعيش من دخل مؤلفاته بسبب هذا العزوف القرائي والقيود المفروضة على الكتاب، لذلك فإن على المؤلف والناشر أن يتعاونا مع الجهات المعنية بشؤون الثقافة لخلق مجتمع قارئ والذي يبقى هو الطموح الكبير· كتب الأطفال ؟ كيف تقيم الكتب التي تقدم للأطفال ؟ ؟؟ ثقافة الطفل أنظر إليها على أنها حجر الأساس والمنطلق لأن تكوين أي مجتمع قارئ، لا يمكن أن يبدأ إلا بتكوين طفل قارئ ·· الكتاب عندنا لم يبلغ حتى الآن مرتبة الكماليات ولا يمكن أن يبلغ هذه المرتبة إلا إذا علمنا أطفالنا كيف ينظرون إلى الكتاب، أتمنى كثيراً أن تتحول طلبات الطفل واهتماماته إلى جانب الألعاب والمأكولات والحلويات التي قد تضر بصحته أن يكون اهتمامه بالكتاب مكافئاً لهذه الاهتمامات إن لم يكن أكثر منها· الطفل في البلدان المتقدمة يلح على أبويه بطلباته للكتب وللقصص، إنه يحب القصة ومولع بها، وما لم تنم عنده فإنه سيكف عنها، من أجل ذلك ينبغي أن نعنى بكتاب الطفل، كتاب الطفل حتى الآن لا يجد عندنا المؤلف المتخصص، ولا الناشر المتخصص الذي يقدم للطفل ما يغريه بالكتاب، وبعرف توجهات الأطفال واهتماماتهم وحاجاتهم النفسية والاجتماعية·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©