الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السنغال.. هجرة للتنمية!

11 سبتمبر 2015 22:47
بينما يفر أناس من ديارهم، ويتجاسرون على قطع رحلة خطرة عبر البحر المتوسط أملاً في الوصول إلى أوروبا يعود مهاجرون آخرون إلى ديارهم بعد أن جمعوا قدراً كافياً من المال يحقق لهم حياة كريمة في بلدانهم الأصلية. ومن بين هؤلاء «إبراهيم سار»، الذي عاد إلى السنغال بعد ما يقرب من عقد من الزمن قضاه في بيع حقائب «لوي فيتون» المقلدة على سواحل إسبانيا الجنوبية لتحقيق حلمه في إقامة مشروع اقتصادي خاص به. والآن، بدلاً من الحقائب المصنوعة في الصين، أصبح يبيع الأرز والبصل والبطاطس، وزيت الطهي في متجره المقام في سوق مزدهر بإحدى ضواحي العاصمة داكار. والعائدون من الهجرة ليسوا إلا جدولاً صغيراً أمام طوفان اللاجئين في الاتجاه المضاد من سواحل أفريقيا إلى أوروبا، وهذا العام تزايد العدد بشكل كبير وتزايدت المخاطر في أزمة كبيرة تمسك بتلابيب الاتحاد الأوروبي. وسار من بين عدد من المهاجرين الذين قادهم الأمل، وليس اليأس إلى الهجرة بعد أن رأوا في السنغال أن المهاجرين يحققون حياة كريمة لأسرهم ويعززون الاقتصاد بإرسال المال إلى البلاد أو العودة إليها لاستثمار مدخراتهم. وهناك أيضاً «ندياس دينج»، الذي عاد من إيطاليا ليفتتح مخبزاً عام 2007 ويوظف فيه ستة أشخاص وعدداً من الموزعين في مدينة «تيس» ثالث أكبر مدن السنغال. وكان «دينج» البالغ من العمر 45 عاماً قد جلب أفراناً مستعملة من إيطاليا، ودفع ثمنها من الأموال التي ادخرها من عمله في سوق بمدينة جنوة. ولم يفكر «دينج» يوماً في البقاء دوماً في إيطاليا، بل يؤكد أنه لا يريد أولاده أن يهاجروا إلى بلدان أخرى، وأكد وهو يجلس في منزله المترف أنه كافح كي ينعم أطفاله بحياة أفضل بالسنغال. ويرى «جو-ليند روبرتس» رئيس مكتب منظمة الهجرة الدولية في السنغال، أن «الهجرة أساسية لتنمية البلاد، الفكرة مازالت حاضرة بقوة بأن الهجرة إلى أوروبا هي الطريقة الوحيدة لدعم الأسرة». وتشير بيانات صادرة عن المنظمة إلى أن السنغاليين مثلوا أكبر نسبة بين المهاجرين من غرب أفريقيا الذين وصلوا إلى شواطئ إيطاليا هذا العام. والأموال التي يحولها نحو أربعة ملايين سنغالي من الخارج ساعدت في صعود بعض الأسر إلى الطبقة الوسطى. وتحويلات المغتربين تزيد على المساعدات الخارجية أو الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وزادت التحويلات الرسمية أكثر من الضعفين، 644 مليوناً أي من مليون دولار قبل عقد لتصل إلى 1.4 مليار دولار العام الماضي وتمثل 12 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. والمبلغ الفعلي الذي يتضمن أظرفا مليئة بالنقود ينقلها أفراد من شبكة المعارف قد يصل إلى ضعف هذه الرقم ليقترب من ثلاثة مليارات دولار بحسب تصريحات للحكومة. وتشير بيانات صادرة عن البنك الدولي أن تحويلات المغتربين قفزت على امتداد منطقة أفريقيا جنوب الصحراء إلى 33 مليار دولار العام الماضي، وهذه الأموال حيوية في اقتصاديات بلاد مثل غامبيا وليبيريا والصومال ونيجيريا. والهجرة حيوية بشكل خاص للسنغال بسبب ندرة مواردها الطبيعية أمام سكانها البالغ عددهم نحو 14 مليونا. والشيء الرئيسي الذي تصدره السنغال هو الشباب العاطلون عن العمل، كما أنها تعتمد أيضاً على قطاعات الصيد والزراعة والسياحة للحصول على العملة الأجنبية. ويتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي في السنغال هذا العام 5.4 في المئة، وانتشرت رموز الحضارة الحديثة للطبقة الوسطى في صورة هواتف «آيفون» وأجهزة حواسب لوحية في مناطق نائية من البلاد. وأشار مسح أجراه برنامج الهجرة بين أفريقيا وأوروبا الذي يتخذ من بريطانيا مقراً أن هناك «تدفقاً كبيراً» من العمال العائدين إلى البلاد بعد قضاء بضع سنوات في أوروبا. فالحياة الصعبة في أوروبا وآلام فراق الأهل تلعب دوراً أيضاً في العودة إلى الأوطان. وذكر مكتب إحصاء السكان، وهو منظمة غير هادفة للربح، مقرها واشنطن أن المستفيدين من أموال المهاجرين عادة ما يكن الزوجات والأمهات اللائي يشترين الغذاء ويدفعن المصروفات المدرسية ونفقات الرعاية الطبية. وذكر باب ديوب، رئيس قسم السنغاليين المغتربين في وزارة الخارجية، أن المهاجرين يشترون أيضاً الأراضي، ويبنون المنازل ويساهمون في بناء المساجد والمستشفيات في بلداتهم. ويريد ديوب أن يضخ المهاجرون المزيد من «الاستثمارات في الزراعة والصيد وتربية الماشية، مما يدر عائدات أكثر من بناء المساجد». باولين باكس * ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©