الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المستثمرون الخليجيون ينطلقون في رحلة العودة إلى مصر

المستثمرون الخليجيون ينطلقون في رحلة العودة إلى مصر
7 سبتمبر 2012
بعد تجنبهم العمل في مصر لأكثر من عام بسبب عدم الاستقرار السياسي يعود المستثمرون الخليجيون إليها تغريهم مؤشرات على تسوية الأوضاع السياسية وفرض لشراء أصول بأسعار بخسة. ويعد اهتمام مستثمري الخليج وهم أكثر دراية بديناميكيات السياسة وثقافة الأعمال في مصر من المستثمرين الأجانب بادرة إيجابية لاقتصاد البلاد المنهك لاسيما أن بعض الشركات الغربية تنسحب من مصر بسبب الضغوط المالية في أسواقها المحلية. ويقول ديكلان هايز العضو المنتدب لخدمات الصفقات في “ديلويت” الشرق الأوسط للاستشارات “هناك تحسن جديد في إقبال مستثمري الخليج على مصر هذا العام. لا ينحصر هذا في صناعة المال بل يمتد إلى مختلف القطاعات”. ولا تزال آفاق الاقتصاد المصري في الأجل القريب غائمة. فلم يشهد الاقتصاد نموا يذكر العام الماضي بسبب الإضرابات العمالية وهروب رؤوس الأموال الذي أعقب الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير 2011. ويتوقع صندوق النقد الدولي ألا يتجاوز النمو 1,5% هذا العام وهي نسبة لا تكفي حتى لتخفيف حدة البطالة المرتفعة. ويواجه الرئيس المصري الجديد محمد مرسي الذي انتخب في يونيو توترات بين جماعة “الإخوان” التي ينتمي إليها والجيش. ولم تتمكن مصر بعد من كتابة دستور جديد ومن المقرر إجراء انتخابات برلمانية جديدة بعد أن حلت المحكمة الدستورية العليا مجلس الشعب في وقت سابق من العام. ومع ذلك يبدو أن كثيرا من المستثمرين الخليجيين يرغبون في تحمل مثل هذه المخاطر لأنهم يظنون أن انتخاب مرسي يمثل بداية على الأقل لحل المشكلات. وأعاد مرسي تحديد علاقته مع الجيش بعد أن أحال أكبر قائدين عسكريين للتقاعد. كما اتخذ خطوة سياسية شجاعة حينما طلب من صندوق النقد قرضا بقيمة 4,8 مليار دولار وهو ما يزيد عن قرض قيمته 3,2 مليار كانت القاهرة تتفاوض بشأنه فيما سبق وقام بزيارة الصين الشهر الماضي لبحث فرص الاستثمار. وذكر أحمد بدر الدين، الشريك الرئيسي والرئيس المشارك في أبراج “كابيتال”،: “خلقت خطوات الرئيس الأخيرة لتجديد قيادة الجيش والتغلب على جمود سياسي محتمل حالة من الثقة”. وأضاف “الزيارة إلى الصين تعد أحد الأمثلة على تأكيد رسالة مفادها أن مصر ترحب بأنشطة الأعمال وأن حقوق المستثمرين ستكون محفوظة ومصانة”. والشهر الماضي وافقت معامل البرج وهي شركة مصرية، ضمن محفظة “أبراج” على، الاندماج مع معامل المختبر لخلق ما قالت إنه سيكون أكبر مؤسسة للتشخيص الطبي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا. ومن بين المؤشرات على تحسن الثقة في مناخ الأعمال انتعاش البورصة المصرية التي قفزت هذا الأسبوع لأعلى مستوياتها منذ يونيو 2011 ووصلت مكاسبها منذ بداية العام إلى 53% بالرغم من انها لا تزال أقل بنسبة 24% عن الذروة التي بلغتها العام الماضي. ويبدو أن الاختيارات الأسهل للمستثمرين الخليجيين في مصر ستتمثل في العمليات المصرفية التي تطرحها للبيع بنوك أوروبية تقلص عملياتها على مستوى العالم. أما المصارف الخليجية التي تتمتع بسيولة ضخمة بسبب ارتفاع أسعار النفط فلا تحتاج للسعي وراء أرباح قريبة الأجل في مصر فبمقدورها أن تعول على النمو السكاني لمصر في تحقيق أرباح في الأجل الطويل. الفرص المصرفية وقال بنك “سوسيتيه جنرال” الفرنسي الأسبوع الماضي إنه بدأ محادثات تمهيدية مع “بنك قطر الوطني” لبيع حصة 77,2% في وحدته المصرية البنك “الأهلي سوسيتيه جنرال”. وقال بنك الاستثمار المصري المجموعة المالية “هيرميس” إن “قطر الوطني” قد يضطر لتقديم عرض الزامي لمساهمي الأقلية وهو ما سيفضي لاستحواذه على البنك بأكمله وأضاف أن البنك القطري قد يدفع ما يصل إلى ثلاثة مليارات دولار مقابل الاستحواذ على الوحدة المصرية من “سوسيتيه جنرال”. وذكرت مصادر مطلعة أن بنكاً فرنسياً آخر هو “بي.ان.بي باريبا” يسعى إلى بيع وحدته المصرية التي يمكن أن تدر ما بين 400 و500 مليون دولار. وقال مصرفي مقيم في دبي “نبلغ عملاءنا في الخليج ان هذه ربما تكون أفضل فرصة بالنسبة لهم على الاطلاق لدخول مصر من خلال شراء أصول نوعية بأسعار مغرية”. في الوقت نفسه تعتزم “كيو انفست” -وهي شركة استثمار قطرية تملك الدولة جزءاً منها- الاستحواذ على المجموعة المالية “هيرميس” بعد أن حرمت التوترات الاقتصادية في العام الماضي “هيرميس” من القدرة على التوسع في أنحاء المنطقة. كما أن هناك قطاعات أخرى غير البنوك مثيرة للاهتمام إذ يتوقع المستثمرون أن تعزز حكومة مرسي مشروعات البنية التحتية وتنتهج سياسات رامية لتعزيز إنفاق السكان البالغ عددهم نحو 80 مليون نسمة غالبيتهم من الشباب. وسيتم تمويل بعض المشروعات من قبل حكومات خليجية إذ تعهدت السعودية وقطر في الأسابيع القليلة الماضية بتقديم مليارات الدولارات لمساعدة مصر. يقول هايز، من “ديلويت”،: “لا ينحصر الاهتمام في الصناعة المالية فقط بل يمتد إلى قطاعات أخرى بينها الطاقة والنفط والغاز والسلع الاستهلاكية وفي بعض الحالات الاستثمارات المتعلقة بالطاقة المتجددة”. واشترت مجموعة “صافولا” الغذائية السعودية الحصص المتبقية التي لا تمتلكها في شركتين مصريتين أواخر العام الماضي في إطار خطة توسع إقليمية. وخلال مقابلة في أبريل قال المدير التنفيذي لشركة أموال الخليج للاستثمار المباشر ومقرها السعودية التي تمتلك حصصاً في شركات مصرية مثل العربية لحليج الأقطان أن شركته تتطلع لاستثمارات جديدة في مصر. والبنية الأساسية قطاع آخر من المتوقع أن يقتحمه المستثمرون الخليجيون إذا ما تمكنت القاهرة من تقديم المساندة الإدارية والحماية القانونية اللازمة. وقال بدر الدين، من “أبراج”،: “مستقبلاً ومع حاجات مصر المتزايدة من البنية التحتية من الطرق إلى محطات الكهرباء نتوقع زيادة مساهمة المستثمرين العرب والأجانب في هذه القطاعات لاسيما في حال وضع إطار عمل ملزم للشراكة بين القطاعين العام والخاص”. مخاوف خفض العملة وحتى تتضح معالم سياسات مصر ما بعد الثورة ستبقى البلاد تنطوى على مخاطر في أعين المستثمرين. وذكر مصرفي يعمل في عمليات الاندماج والاستحواذ في مصر أنه بالرغم من تحسن الاهتمام بالاندماجات والاستحواذات بشكل عام في مصر فانه لا يزال أقل بكثير عن مستواه في عام 2010 قبل اندلاع الثورة. وقال المصرفي “هناك دائما علاوة مخاطر للاستثمارات في مصر. يدرك المستثمرون أنه بالرغم من وجود الاستقرار حالياً فان البلاد لم تنهض من عثرتها بعد”. ومن بين المخاطر الرئيسية الأخرى خفض قيمة الجنيه المصري الذي يمكن أن يقلل قيمة الاستثمارات في مصر. وحتى الآن يبيع البنك المركزي المصري احتياطياته من النقد الأجنبي لمنع أي انخفاض حاد في قيمه الجنيه الذي نزل لأقل مستوى خلال سبع سنوات عند 6,1 جنيه للدولار من 5,8 جنيه قبل اندلاع الثورة. ومع ذلك أدى الدفاع عن الجنيه إلى خفض احتياطات النقد الأجنبي لمصر بأكثر من النصف ويعتقد كثير من المحللين أن البنك المركزي قد يسمح في نهاية المطاف بخفض كبير لقيمة الجنيه هذا العام أو بداية العام المقبل ربما إلى 6,5 جنيه أو 7 جنيهات للدولار. ولكن من خلال مساعدات من صندوق النقد ودول خليجية قد تتمكن مصر من الإفلات من عملية خفض مفاجئة وغير محكومة لقيمة عملتها ويكون بمقدورها خفض قيمة الجنيه ببطء لتشجيع الصادرات. ويقول كثير من المصرفيين إن معظم المستثمرين الأجانب قد يتقبلوا عملية كهذه ولن تدفعهم للإحجام عن الدخول في عمليات استحواذ. يقول “أيبك اسلاموف”، المحلل لدى “اتش.اس.بي.سي”،: “ربما تكون عملية خفض للعملة محكومة وخاضعة للسيطرة وإذا ما حدث ذلك ستظل العوامل الأساسية للقطاع المصرفي المصري قوية”.
المصدر: دبي، القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©