السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

يوم عرفة وعيد الأضحى المبارك

يوم عرفة وعيد الأضحى المبارك
2 أكتوبر 2014 22:35
إننا نعيش في ظلال أيام مباركة من عشر ذي الحجة، حيث نتفيأ ظلال يوم عرفة، وعيد الأضحى المبارك، فيوم عرفة الذي يأتي في التاسع من شهر ذي الحجة هو أفضل الأيام، حيث يجتمع فيه المسلمون على صعيد واحد، في أشرف بقاع الأرض وأقدسها، يهللون ويكبرون، ويرفعون أصواتهم بالتلبية والدعاء، وتمتلئ قلوبهم بالأمن والإيمان والرجاء، ويهتفون بنداء واحد متصاعد إلى عنان السماء: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك». كما أن يوم عيد الأضحى هو يوم عظيم مبارك، يلتقي فيه المسلمون على الحب والإخاء، فتقوى صلاتهم وتتوثق أخوتهم، كما تتجلى فيه مظاهر الابتهاج والفرح لأهل الإيمان بالثناء على الله تعالى، والشكر على نعمه التي لا تُحصى. وبهذه المناسبة، فإننا نتقدم من أبناء الأمتين العربية والإسلامية بأصدق التهاني والتبريكات بحلول عيد الأضحى المبارك، سائلين المولى عز وجل أن يجعله عيد خير وبركة على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن يأتي العيد القادم، وقد جمع الله شملنا ووحّد كلمتنا، اللهم آمين . . . حول هذه الأيام المباركة (العشر الأوائل من ذي الحجة)، يقول الإمام مالك - رحمه الله-: «من لم يستطعْ الوقوفَ بعرفةَ، فليقفْ عند حدودِ اللهِ الذي عَرَفَه، ومن لم يستطعْ المبيتَ بمزدلفة، فليبتْ عَزْمَهُ على طاعة الله ليقربه وَيُزلفه، ومن لم يقدرْ على نحرِ هديه بمِنَى، فليذبحْ هَوَاهُ هُنَا ليبلغَ به المُنَى، ومن لم يستطعْ الوصولَ للبيت لأنه منه بعيد، فليقصدْ ربَّ البيت فإنه أقربُ إليهِ من حبلِ الوريد). يوم عرفة من المعلوم أن الوقوف بعرفة هو أهمّ ركن من أركان الحج لقوله - صلى الله عليه وسلم - (الْحَجُّ عَرَفَةُ)، «أخرجه الترمذي»، حيث يتجه الحجيج صباح يوم التاسع إلى جبل عرفات، وفي هذه الساحة الكبرى ساحة عرفات تُسكب العبرات وَتُقال العثرات، ويجأر الحاج في هذا اليوم المبارك بالتلبية والدعاء والاستغفار، ندماً على ما فرّط في جنب الله، فالسعيد من حظي بهذا الموقف؛ ليفوز بالمغفرة والرضوان في هذا اليوم الأغر. يوم عرفة خير يوم طلعت فيه الشمس، وأكثر الأيام خيراً وبركة، فمشهد الملايين من الحجاج وهم يقفون على صعيد عرفات، وقد لبسوا زيّاً واحداً، وهم يلبون ضارعين إلى الرّحمن الرحيم سبحانه وتعالى، شعثاً غبراً، يتوجهون إلى الله سبحانه وتعالى بخالص العبادة والدعاء، وببالغ التضرُّع والابتهال والتذلل بين يديه سبحانه وتعالى، هذا المشهد يباهي الله به ملائكته المقربين، كما جاء في الحديث: «. . . وما من يومٍ أفضلُ عند اللهِ من يومِ عرفةَ، ينزِلُ اللهُ تباركَ وتعالَى إلى السَّماءِ الدُّنيا، فيُباهي بأهلِ الأرضِ أهلَ السَّماءِ، فيقولُ: «انظروا إلى عبادي جاؤوني شُعْثًا غُبْرًا ضاحِين، جاءوا من كلِّ فجٍّ عميقٍ يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم يُرَ يومٌ أكثرَ عتيقًا من النَّارِ من يومِ عرفةَ»، (أخرجه ابن خزيمه). صيام يوم عرفة إن صيام يوم عرفة «التاسع من ذي الحجة» لغير الحاج سُنَّةٌ عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فالصيام فضله عظيم، وأجره كبير، وقد اتفق الفقهاء - رحمهم الله - على استحباب صوم يوم عرفة لغير الحاج، لأن صيامه يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، لما جاء عن أبي قتادة الأنصاري- رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْم عَرَفَةَ، فَقَال: «يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالْبَاقِيَةَ»، (أخرجه مسلم)، كما رُوي عن أبي قتادة - رضي الله عنه - أيضاً: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «. . صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ»، (أخرجه مسلم)، وأما الحاج فالأفضل في حقه ألا يصوم، قال ابن القيم - رحمه الله-: «وقد اخْتُلِفَ في حكمة استحباب فطر يوم عرفة بعرفة، فقالت طائفة: ليتقوّى على الدعاء»، (زاد المعاد في هدى خير العباد لابن القيم الجوزية1/21). عيد الأضحى عيد الأضحى المبارك يوم عظيم، تفضل الله به على الأمة الإسلامية، وشرعه عيداً مجيداً، يستشعر فيه المسلمون نعم الله عليهم، ويذكرون آلاءه وإحسانه إليهم، وحينما يستشعر المسلمون ذلك، يتذكرون النعمة الكبرى، والمنة العظمى، ألا وهي نعمة الإسلام. إن هذا اليوم الأغر، هو يوم عيد للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها، وهذا اليوم هو يوم الوحدة الإسلامية الكبرى، الوحدة القائمة على مبادئ القرآن وأخوّة الإيمان، حيث يجتمع المسلمون على اختلاف لغاتهم وأوطانهم في رحاب مكة المكرمة، وفي منى وعرفات، فتبارك الله الذي ألّف بين قلوب هؤلاء العباد، وجمعهم إخواناً بلا معرفة ولا قرابة ولا ميعاد، اللهم إلا قرابة الدين، ولحمة الإيمان وأخوة الإسلام. وفي العيد، دعوة إلى تأكيد أواصر المودة بين الجيران والأصدقاء، والتراحم بين الأقرباء، والتعالي على أسباب الحقد والشحناء، وفي يوم العيد يعطف الأغنياء على الأيتام والفقراء والمحتاجين، فتدخل البسمة والفرحة كل البيوت، وتظهر وحدة المسلمين وتكافلهم، فهم كالجسد الواحد، فليس بينهم محزون ولا محروم. الأضحية في هذا العيد شرع الله الأضاحي، تقرُّباً إليه بدمائها، وتصدُّقاً على الفقراء بلحمها، والأضحية من شعائر الإسلام، ورمز للتضحية والفداء، وسنة أبي الأنبياء إبراهيم - عليه الصلاة والسلام-، وهي بعد ذلك مواساة للفقراء، وطعمة للبؤساء، والأضحية كل ما يُذبح من الإبل والبقر والغنم تقرُّباً إلى الله تبارك وتعالى أيام عيد الأضحى مستوفياً لشروطه الشرعية كما في قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، «سورة الكوثر الآية 2»، أي صلاة عيد الأضحى ونحر الأضحية، وقد: «ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا»، (أخرجه الترمذي)، والأضحية واجبة عند الأحناف على مالك نصاب الزكاة، وعند الأئمة الثلاث سنة مؤكدة، ويشهد لِمَا للأضحية من الفضل العظيم قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقد قالوا له: «مَا هَذِهِ الأَضَاحِيُّ؟ قَالَ: سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ، قَالُوا: فَمَا لَنَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ، قَالُوا: فَالصُّوفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنْ الصُّوفِ حَسَنَةٌ»، (أخرجه ابن ماجه). وتصح الأضحية من الإبل والبقر والغنم، ومن الغنم الضأن ما أتمَّ ستة أشهر، بحيث إذا وضع بين الحوليات لا يُمَيَّز عنها، ومن الماعز ما أتمَّ سنة ودخل في الثانية وتكفي عن رب أسرة، ومن الإبل ما أتمَّ خمس سنوات ودخل في السادسة، ومن البقر ما أتمَّ سنتين ودخل في الثالثة وتكفي عن سبعة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©