الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

زيادة متوسط العمر يطرح مشكلة الشيخوخة في المغرب

زيادة متوسط العمر يطرح مشكلة الشيخوخة في المغرب
13 ديسمبر 2010 20:25
يتقاسم الأزواج أمنية عزيزة عند بداية حياتهم الزوجية، ويحلمون بأن يصلوا معا إلى سن الشيخوخة، وألا يفاجئهم الموت في سن مبكرة فيعجزوا عن تحقيق حلمهم، لكن الوصول إلى هذه المرحلة من العمر ليس سهلا، فالمسنون يعانون في صمت بينما ينصب اهتمام المجتمع على فئات أخرى كالأطفال والشباب والمعاقين والنساء ويبقى المسنون مهمشين رغم أنهم أكثر فئات المجتمع تضررا من تغير النظم الاجتماعية والاختلاف الحاصل في طريقة التعامل بين الأجيال. في المغرب يعاني مسنون المرض والعجز وتنكر الأهل والفراغ العاطفي، ويقضون وقتهم في اجترار الذكريات ولعب الورق على قارعة الطريق وبالمقاهي الشعبية ينتقدون بحكمة الأوضاع المعيشية ويقارنون اليوم بالأمس ويعلقون بسخرية وتذمر على حياة الجيل الجديد. ورغم أن مرحلة السن تمثل بالنسبة للمسن في الأسرة المغربية مرحلة استمرار في الحياة والإنتاج، فإن الدراسات حول أوضاع الأشخاص المسنين دقت ناقوس الخطر بعد أن بدأت مشكلة المسنين تطرح نفسها بحدة في السنوات الأخيرة بسبب التحولات التي عرفتها بنيات المجتمع ديمغرافيا واجتماعيا واقتصاديا والتي أثرت كثيرا على نشاط هذه الفئة. مسلسل الشيخوخة بحسب إحصاءات رسمية فإن معدل أمل الحياة عند الولادة ارتفع لدى المغاربة من 62 سنة في أوائل الستينات إلى حوالي 73,1 سنة حاليا. وكشفت وزارة التخطيط أن هذا الانتقال الديموغرافي السريع أدى إلى بروز مسلسل شيخوخة السكان، حيث ارتفع عدد الأشخاص المسنين، الذين تناهز أعمارهم 60 سنة وأكثر، منتقلا من 833 ألف سنة 1960 إلى 2,4 مليون مسن عام 2010، أي بزيادة سنوية تقدر بـ 2,3 في المائة، ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه، وأن ترتفع وتيرته، كما تدل على ذلك الإسقاطات الديموغرافية التي أعدتها الوزارة. وأوضحت الوزارة أن عدد الأشخاص المسنين سيتزايد بنسبة 3,5 في المائة سنويا بين 2010 و2030 (مقابل 0,9 في المائة بالنسبة لمجموع السكان)، ليصل إلى 5.8 مليون شخص في 2030، أي ما يمثل 15,4 في المائة من مجموع السكان مقابل 8.1 في المائة حاليا. وتتميز النساء بأمل حياة عند الميلاد أكبر بـ2.6 سنة مقارنة بالرجال، ونتيجة لفارق السن بين الأزواج الذي يقدر بـ 4,8 سنة لفائدة الرجال، مما يجعل النساء أكثر عرضة للترمل. حيث إن عدد النساء الأرامل بالمغرب يفوق بحوالي خمس مرات عدد الرجال الأرامل. وكشــفت الدراسة التي قامت بها وزارة التخطـيط مؤخـرا أن رغم ارتفاع نسبة المرض والعجز البدني لدى هذه الفئة من السكان، فإن 16 في المائة منها فقط تستفيد من التقاعد و13 في المائة من التغطية الصحية. وحذت الدراسة من احتمال تلاشي التعاون بين الأجيال وتراجع اهتمام الأسر بالمسنين، وقالت إنه إذا كانت أواصر التضامن لا تزال قوية لحد الآن، فإن الدينامية الديموغرافية وما تعرفه من انخفاض في الخصوبة مقرونة بتطور أنماط الحياة توحي باحتمال تلاشي التعاون بين الأجيال مستقبلا. المرض والعزلة والفقر تثير الظروف المعيشية للأشخاص المسنين الناجمة عن الشيخوخة وإهمال المجتمع لهم، حنق وغضب المهتمين بهذه الفئة، الذين يعتبرون أن إهمال هذه الفئة تسبب في بروز بوادر أزمة الشيخوخة في المجتمعات العربية بعد أن عانت منها الدول الغربية، ويقول الباحث الاجتماعي هشام العلوي "بدأت تظهر آثار التطور السريع للمجتمعات وانعكاساته على ظروف عيش الساكنة المسنة، وإذا لم نهتم بهذه الإشكالية وغيرها من القضايا الناتجة عن الانتقال الديموغرافي فإن المشاكل والأزمات ستزداد تطورا وحدة وستنعكس سلبا على أوضاع المسنين". ويعتبر أن مشاكل المسنين مغيبة ومهمشة في المجتمع المغربي وان الجميع ينظر إليها على لا تستحق أن يسلط عليها الضوء لأن هناك مشاكل اجتماعية أهم منها، ويضيف "يعاني المسن من انشغال الآخرين عنه بالمشاكل الحياتية وتأثيرات الحداثة وتفكك الروابط العائلية مما يجعله يعيش في عزلة اجتماعية إضافة إلى مشاكل اخرى مثل الفقر والمرض والروتين والفراغ. وتنعكس هذه المشاكل على صحته ونفسيته حيث يشعر انه عديم الفائدة في محيطه وانه لم يعد بمقدوره لعب دور اجتماعي في عائلته مما يعرضه لضغوط نفسية قاسية تعجل بالشيخوخة المتقدمة والأمراض". ويؤكد الباحث أن الحرمان العاطفي بسبب الطلاق أو الترمل والعيش في عزلة بسبب تفرق الأبناء وانشغالهم بشؤونهم الخاصة، يعتبر السبب الرئيسي في ارتفاع نسبة الأمراض لدى المسنين وشعورهم بالاكتئاب والإحباط. ويدعو العلوي إلى مساعدة من كانوا يوما شعلة نشاط وكتلة حيوية، على أن يصبحوا قادرين على لعب دور اجتماعي مهم في محيطهم للتخفيف من شعورهم بتراجع دورهم في الحياة، وترسيخ ثقافة التعامل باحترام ومودة مع المسن لدى الجيل الجديد، ودعم التآزر العائلي وعودة "الشيخوخة النشيطة" من خلال تشجيع المسنين على القيام بمزاولة نشاطات متنوعة. خصوصية تعزز موقف المسنين يرى الباحث الاجتماعي هشام العلوي أن الخصوصيات الدينية والثقافية للمجتمع المغربي تدفع الأبناء إلى مساعدة آبائهم المسنين حيث إن أغلب المسنين يتلقون بصفة دائمة مساعدات من أبنائهم، لكن هذا غير كاف فمن الضروري تقييم أثر الشيخوخة في المجتمع ورفع نظام التقاعد والزيادة في المساهمات الاجتماعية والمعاشات، وتمديد السن الأدنى للتقاعد والتأمين الصحي، ودعم الأسر التي تساعد المسنين وإحداث المؤسسات المتخصصة في طب الشيخوخة ورعاية المسنين.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©