السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

القوة في أن تكون وردة

13 ديسمبر 2010 20:56
الحب تلك الشرارة الصوفية التي تحرر القلب من أثقاله اليومية الاعتيادية وتحوله لنجمة نورانية ينطلق بريقها من صدرك لينير وجه العالم، تلك الشرارة التي ترافق الروح في رحلة سماوية علوية لتزرعها في الفضاء غيمة حبلى بالمطر. هذا الشعور المطهر المهيب قد يجيئك متقهقراً، يقدم قدماً ويؤخر أخرى، يود إظهار وجوده، ولفت انتباهك، ستجد منظره المتردد مضحكاً، فتفتح له الباب، “ما بك تأتي خافتاً؟ أفصح عن نفسك، ما الضير في أن تكون أنت؟!” ستطمئنه. ستكون حينها واثقاً، رب بيت يستقبل ضيفاً، بكرم بأريحيه بانفتاح وتقبل. ستفتح له الأبواب مشرعة على مصراعيها، ستفتحها لطفل خجول تريد زرع الثقة في نفسه ليتبوأ مقعده من العالم، وستكون صادقاً ومخلصاً وراغباً فقط في المساعدة. وستنسى أنه ليس ضيفاً يزور وتتبادل معه النكات والطعام ويرحل، وستنسى انه ليس طفلاً يكبر فيستقل بذاته ويرحل، ستنسى أنه شعور حين يكبر يكتسحك، يلتصق بك، يتبوأ مقعده من قلبك ولا يرحل. ستنتبه لذلك بعد أن يصير رب البيت وشجرة وارفة الظلال، تحتل أغصانها ساحة عالمك. وستتساءل كثيراً .. كيف كنت تظنه قد يصير فقط شجيرة صغيرة مريحة للنظر ومجدده للهواء، كقطعة ديكور داخلي، كيف لم تدرك أنه يتحول ليكون هو المنزل وكل العالم ديكوره الداخلي. كيف لم تدرك أنك لن تجد هواء ولن ترتوي بماء إلا من رحيقه العذب المسكر مثل خمر معتق منذ بدء الخليقة. كيف كنت تظنه سيصير فقط نهراً صغيراً يطربك فيه صوت الخرير، ولم تدرك أنه سيكون طوفاناً يقتلعك من الجذور ويحيلك من نخلة باسقة إلى وردة في مهب ريح!، ستسائل نفسك كل ذلك مراراً وتكراراً.. معنفاً ومؤنباً. وفي لحظة اختلاط الأرض بالسماء، ستقرر أن تتمرد، أن تثأر لنفسك، لرب البيت الذي كنته، ستغلق بابك في وجه كل طارق، وستقرر أن تقطع أغصان الشجرة الوارفة غصناً غصناً وتقتلع جذورها من أعماق التراب، ستقرر أن تحفر الأرض، تكوُم الرمال فوق الرمال وتصفّ الصخور فوق الصخور لتبني سداً منيعاً في وجه الطوفان. ستكاد أن ترتكب كل تلك الحماقات لولا أنك ستدرك، في لحظة إفاقة، أنك أنت الطوفان والشجرة الوارفة، وبأن القوة كل القوه هي فقط في أن تكون وردة. Mariam_alsaedi@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©