السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أوروبا.. هل تغلق «الحدود المفتوحة»؟

24 يناير 2015 00:00
في أعقاب الهجمات الإرهابية التي استهدفت في هذا الشهر باريس، شرع القادة الأوروبيون في الدعوة إلى تغييرات جوهرية على ما اعتُبر لفترة طويلة إحدى مفارقات نظام فتح الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي والمتمثلة في السماح للمواطنين بالانتقال بكل حرية بين البلدان الأوروبية، ولكن دون أن تطال تلك الحرية معلومات حول المسافرين، فإلى حد الآن لا توجد قائمة بحظر الطيران على أشخاص مشتبه بهم في الدول الأوروبية، كما تغيب قاعدة بيانات أوروبية حول المسافرين الجويين. بل يمكن للأشخاص داخل حدود الاتحاد الأوروبي الانتقال من أقصى البرتغال إلى الحدود مع روسيا دون فحص جوازات سفرهم. وهناك من يدخل الاتحاد الأوروبي ويخرج منه دون النظر إلى سجله ومقارنته بقوائم الشرطة المتعلقة بالمشتبه فيهم! وهذه الثغرات قد تؤدي في أحسن الأحوال إلى تأخير الاستجابة الأمنية، وفي أسوئها إلى استجابة مغلوطة، أو قصور في التحرك الأمني. ولكن اليوم وبعد الهجوم الدموي الذي تعرضت له باريس قبل أسابيع وأودى بحياة 17 شخصاً، وبعد إلقاء القبض على العشرات من الإسلاميين المشتبه بهم في أرجاء أوروبا، بدأ قادة أوروبا يتحركون في اتجاه حل هذه الإشكالات وسد كافة الثغرات. وفي هذا السياق تسعى دول الاتحاد الأوروبي، حسب التصريحات التي أدلت بها مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، فرديريكا موغيريني، أمام وزراء خارجية بلدان الشرق الأوسط في اجتماع عقد يوم الاثنين الماضي حول مكافحة الإرهاب، إلى «تقاسم المعلومات الاستخباراتية ليس فقط بين دول الاتحاد الأوروبي، بل أيضاً مع الدول المحيطة». فحتى بعد أن أزال الأوروبيون الحدود بين دولهم وفتحوا المجال أمام حرية التنقل والحركة عبر بلدان الاتحاد الأوروبي، ما زالت الدول تسيطر على أجهزتها الأمنية وتحمي اختصاصاتها المحلية، وهو ما يفسر قلة قواعد البيانات المشتركة التي يمكن من خلالها تخزين المعلومات حول الأشخاص، ففي بلجيكا على سبيل المثال تعتمد الشرطة على قانون شرف وتكتفي بطرح سؤال على المقيمين في الاتحاد الأوروبي عما إذا كان لهم سجل إجرامي في إحدى الدول قبل دخول البلاد دون التحقق من ذلك. وقد بات واضحاً أن المسلحين الذين نفذوا عملية باريس استغلوا مثل هذه الثغرات الأمنية، حيث تمكن أحدهم وهو أحمدي كوليبالي، من نقل زوجته إلى مطار مدريد قبل أن يرجع إلى باريس وينخرط في عمليته، ما سمح لها بالفرار إلى تركيا دون أن يلفت هذا انتباه السلطات الفرنسية التي كانت تراقبهم داخلياً. ويضاف إلى ذلك أن أحد الشقيقين اللذين نفذا هجمات باريس ضد الصحيفة الساخرة كان قد سافر إلى اليمن لتلقي التدريب، إلا أنه وبدون قاعدة بيانات أوروبية تساعد على تعقب حركة أمثاله، ما كان ممكناً للسلطات الفرنسية مراقبة سفره، وهو ما دعا «جيل كيرشوف»، منسق الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب، إلى الإصرار على ضرورة مراقبة جميع جوازات السفر بالكمبيوتر، الأمر الذي سيسمح لرجال الأمن بإجراء مقارنة مع قاعدة بيانات أوروبية موحدة. وأضاف كريشوف أيضاً أنه من الضروري استحداث قاعدة بيانات خاصة بالمسافرين، وعن ذلك يقول: «لو كانت تلك القاعدة موجودة لأمكن تعقب أحد الأخوين الذي سافر إلى اليمن، ثم عاد مرة أخرى إلى فرنسا». ومن المقترحات الأساسية التي يطرحها قادة الاتحاد الأوروبي إقامة قاعدة بيانات خاصة بالمسافرين الجويين تتيح معلومات وافية حول القادمين لأوروبا، أو المغادرين منها، فيما طالبت مقترحات أخرى بتشديد المراقبة على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وبالتوازي مع ذلك تحسين القدرة على الحد من تمويل الإرهابيين، وأيضاً توفير معلومات استخبارية أفضل حول المشتبه بهم واقتسامها بين الأجهزة الأوروبية. ولكن المشكلة التي تعترض توحيد الجهود الأوروبية وتنسيقها من خلال اقتسام المعلومات هي التباين في القوانين المحلية والتشريعات الوطنية بين دولة أوروبية وأخرى، وهو ما أشار إليه وزير خارجية لاتفيا، إيدجارز رينكفيكس، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، حيث يقول: «أحياناً ترى مشتبهاً به في إحدى الدول يعيش حياة مطمئنة في دولة أخرى، وهو ما يدل على وجود مشكلة في القوانين»! كما أنه حالياً يمكن لشخص يستقل طائرة من ألمانيا إلى فرنسا أن يظهر فقط تذكرة الطائرة دون الحاجة لأي هوية، ولكن سيكون عليه إبراز بطاقة الهوية لدى عودته إلى ألمانيا لأن السلطات هناك تطلب رؤيتها، وذلك بسبب اختلاف القوانين بين ألمانيا وفرنسا. مايكل بيرنباوم * * كاتب أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©