الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفيروسات تهيمن على أحدث أفلام هوليوود وتثير مخاوف المشاهدين

الفيروسات تهيمن على أحدث أفلام هوليوود وتثير مخاوف المشاهدين
20 سبتمبر 2011 02:06
يبدو أن شراً جديداً أصبح يتربص ببني البشر في أفلام هوليوود الجديدة، لكنه لا يأتي هذه المرة بأنياب أفعى أمضى من حد السيف المهند، ولا وَصَل على متن سفينة فضائية، بل هو مجموعة كائنات تعيش بين ظهرانينا، تتكاثر بمعدلات فلكية وتعشق التطور والطفرات السريعة، ثم تنقض علينا على حين غرة. إنها الفيروسات والجراثيم التي أصبحت آخر صرعة في موضة سيناريوهات الإنتاجات السينمائية. ليس الأمر مُصادفةً محضةً أو اختياراً ناجماً عن إفلاس في المواضيع واستهلاك كل المحاور والتيمات، بل هو اختيار واقعي جاء مُتزامناً مع حالة الخوف من المجهول والتوجس من المستقبل والتنبؤ باحتمال ظهور أعداء جُدُد وكائنات إرهابية تُهدد حياة البشر دون أن تكون بالضرورة بشريةً، ومُغذياً للمناخ التشاؤمي الذي فرض نفسه على أفراد غالبية المجتمعات بعد توالي استهداف أمنهم بالإرهاب تارةً والأوبئة والأمراض والغلاء والجفاف تارات أخرى. أصبحت الفيروسات مصدر الشر الأكبر على الشاشات الكبيرة، وأضحت تنجح في أن تكون محور أفلام هوليوود وتستقطب لمشاهدتها الملايين عبر العالم. ولعل آخر صيحة للفيروسات الهوليوودية هي فيلم “العدوى” وقبله بقليل فيلم “صعود كوكب القردة”. فهذه الفيروسات هي تعبير سينمائي ممتاز يعكس الشر غير المرئي من قبل العين المجردة، وهي تقتل ضحايا بالجملة دون ندم أو حسرة، وتتميز دوماً بكونها معدية جداً جداً. إذن ما سبب هذا الزحف الجارف للفيروسات في الأفلام السينمائية؟ ولماذا يحدث ذلك في هذا الوقت بالذات؟ البروفيسور ريك جوويل، أستاذ تاريخ الأفلام في المدرسة الأميركية للفنون السينمائية بلوس أنجلوس، يجيب عن هذا السؤال بالقول “عندما يعتري الناسَ شعور بالخوف حول المستقبل، فإن هذه الأفلام تطفو على السطح وتُخاطب مخاوف الناس وهواجسهم”. ويضيف “بصرف النظر عن مصدر قلقهم الحقيقي هل هو جراثيم أو أشياء أخرى من هذا القبيل، فإن هاجسهم المثير للقلق حقيقةً هو الحال الذي سيكون عليه المستقبل. وفي الوقت الحالي، يوجد أكثر من سبب يدعو إلى القلق بشأن المستقبل من زوايا مختلفة”. توظيف سيكولوجي يبدو أننا نستخدم الفيروسات القاتلة لتمرير مخاوفنا بشأن فقدان وظائف العمل وارتفاع الأسعار واستمرار الأزمة الاقتصادية. غير أن العودة إلى قرون وعقود خلت تُذكرنا بأن الأوبئة والأمراض المعدية سبق لها أن حصدت أرواح الملايين من البشر وأرْدَتْهُم في فترات قصيرة وبوتيرة وسرعة قياسيتين. وهو ما يجعل مشاهدي هذه الأفلام ورُواد الصالات السينمائية التي تعرضها يميلون إلى تصديق إمكانية حدوث سيناريوهات من هذا النوع في واقعنا المعيش المتسم أصلاً بالتقدم الطبي والتكنولوجي، واقع تطغى فيه الفيروسات التي طورها بنو البشر أنفسهم ثم تعبث بحياتهم. ويُضيف ريك جوويل “في الآونة الأخيرة، ظهرت فيروسات ووضعيات صحية أثارت الرعب والخوف لدى الناس إلى حد كبير، ورُبما بنفس القدر الذي يُثيره التفكير في تأثير الهجمات الإرهابية على الناس الأبرياء، وتزامن هذا الشعور مع تدهور الاقتصاد العالمي وفقدان المزيد من الناس لوظائفهم في سوق العمل. وأرى أن هذه الأفلام تُجسد النظرة التشاؤمية التي تتملك الكثيرين حول المستقبل والأوضاع الكارثية التي قد تؤول إليها الأمور”. جوو بيتشرالو هو رئيس برنامج السينما والتلفزيون بكلية تيش للفنون في جامعة نيويورك. يقول جوو إن العالم أصبح بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر محفوفاً بالمخاوف ومشاعر القلق إزاء المستقبل. فلم يسبق لنا أن شعرنا بالأمان الذي كنا نشعر به قبل وقوع هذه الهجمات. ولذلك فإن القصص والحكايا التي تُوظف بواعث القلق هذه وتعزف على وتر إمكانية تحول أشياء عادية إلى وحوش مدمرة أثبتت نجاحها في اجتذاب المشاهدين واستمالتهم لتصديق احتمال حدوث ذلك، وهو ما يعني أن هذه الإنتاجات تُغذي مناخ القلق والخوف من المستقبل السائد حالياً، لكن مع ختامها بنهايات سعيدة تصب في اتجاه واحد وهو أن النوع البشري لن يفنى مهما تنوعت واشتدت شراسة مهاجميه”. عدو غير تقليدي تكون الفيروسات بسطت سطوتها على الشاشات السينمائية العالمية في الوقت الحالي، لكن تاريخ السينما يُنبئنا أنه سبق لهذه الكائنات أن لعبت دور البُطولة ذاته في أفلام سابقة مثل “سُلالة أندروميدا” سنة 1971 الذي يحكي قصة فيروس قاتل يُجْلَبُ من الفضاء، وفيلم “الوباء” سنة 1995 الذي يُصور قصة فيروس شبيه بفيروس “الإيبولا” عالي السمية ويُجسد قدرته المدمرة على الفتك بالكثير من الناس. لكن هذه الفيروسات سُرعان ما تنازلت عن أدوار البُطولة لصالح الإرهابيين والأشباح ومصاصي الدماء، إلى أن عادت مؤخراً لتعتلي عرش الأشرار. ويقول بيتشيرالو في هذا الصدد “ما الذي سيُخيف الناس أكثر ويبدو جديداً وطازجاً؟ أتخيل أن الفيروسات ومخلوقات الزومبي (الأموات الأحياء) هي المرشح الأول، فهي لم تُستهلك بعدُ كثيراً في الإنتاجات السينمائية والتلفزيونية”. من جهة أخرى، لا بُد من الانتباه إلى أن كُتاب سيناريوهات الأفلام الحالية نشؤوا في فترة اتسمت بظهور العديد من الأمراض المخيفة مثل مرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) وإنفلونزا الطيور وجنون البقر والجمرة الخبيثة والحمى القلاعية وإنفلونزا الخنازير (H1N1)، وهي كلها عوامل لا شك أنها أثرت في اختيارات موضوع المواد التي تناولها كُتاب السيناريو. ويقول روبرت تومبسون، أستاذ الثقافة الشعبية في جامعة سيراكيوز بنيويورك، “كان الكل يخشى من مرض الإيدز، فلا أحد كان يشعر بحصانة ضد الإصابة به. وهو ما نشأ عنه جيلاً من الناس يؤمنون بأن شيئاً من هذا القبيل يمكن أن يحدث على أرض الواقع ويُفني مجتمعات كثيرة”. ويضيف تومبسون “قد يكون ذلك حدث بشكل متواز، فخوفنا من الفيروسات تزامن إلى حد ما مع جزعنا من احتمال التعرض لهجمات إرهابية. وإذا عُدنا فقط إلى الحرب العالمية الثانية، فقد كان معلوماً من يُهاجم ومن يُستهدف وأن طرفاً سينتصر وآخر سينهزم. لكن الأمر بالنسبة للإرهابيين شبيه بما هو عليه الحال لدى الفيروسات، فهي زئبقية متحولة ويكتنفها الغموض من كل جانب. فيمكنك إرسال جيوش إلى بلدان ما، لكن لا يُمكنك أبداً أن تستأصل جذوة عدو غير تقليدي وتمحوه من على وجه الأرض”. نهايات سعيدة يبقى الخبر السار في المشهد السينمائي والحال هذه هو أنه يتم دوماً العثور على الترياق الشافي من كل مرض أو وباء في اللحظات الأخيرة، وينجح النوع البشري في نهاية المطاف في الصمود والبقاء. ويقول جوويل “لا يمكننا أن ننأى عن حقيقة أن الناس يذهبون للقاعات السينمائية من أجل الترفيه والتسلية. فهم لا يذهبون بالطبع إلى هناك أملاً في أن تعتريهم مشاعر أسوأ من تلك التي كانوا يشعرون بها لحظة دخولهم قاعة العرض. فلن يدفع الناس أموالهم في زمن التقشف وترشيد النفقات مقابل مشاهدة ما قد يُعكر صفوهم أو يثير استياءهم”. ولا بُد من التذكير بأن الحياة الواقعية ليست لها دوماً نهايات سعيدة، ولكن من يعلم ما قد يحدُث إلى سكان كوكب الأرض في حال غزته أو زحفت عليه جرثومة شرسة فتاكة! فلو حدث ذلك لا قدر الله، فإن الأفلام التي تتناول قصص الجراثيم والفيروسات القاتلة ستكون آخر شيء قد نرغب في مشاهدته. ترجمة: هشام أحناش عن “لوس أنجلوس تايمز”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©