الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

صدور المجموعة الشعرية الكاملة للراحل أحمد المدني

14 ديسمبر 2006 01:41
تغطية ــ إبراهيم الملا: شهدت منصة توقيعات الكتب بمعرض الكتاب بالشارقة ليلة الثلاثاء الفائت، حدثا أدبيا محليا مهما تمثل في إصدار المجموعة الشعرية الكاملة للشاعر والأديب الراحل الدكتور أحمد أمين المدني، الذي يصنف كرائد لشعر التفعيلة في الإمارات، وحضر حفل التوقيع الذي كان أقرب للتكريم والاحتفاء، ابن الشاعر، وعدد كبير من الشعراء والأدباء وأعضاء اتحاد الكتاب· وهذه المجموعة الشعرية التي تبناها اتحاد كتاب وأدباء الإمارات تضاف لمجموعة من الإصدارات النوعية التي تحمل صفة الإنجاز لما تكلفته من جهد ومتابعة وبحث وتنقيب عن القصائد والمخطوطات الضائعة والمشتتة والأخرى المحفوظة والمهجورة والمنسية لدى أصدقاء الشاعر وأسرته· وقام بتوقيع المجموعة كل من ابن الشاعر عويس أحمد المدني وعضو اتحاد الكتاب إبراهيم مبارك الذي أشار في مقدمة الكتاب إلى أن ''المدني'' أوضح في إحدى المناسبات البعيدة أنه يسعده أن يقوم اتحاد الكتاب بطباعة مخطوطاته، ولا يمانع أن يقدمها كيفما يراها مناسبة· ويضيف إبراهيم مبارك أن الشاعر كان مبدعا في علمه وشعره وثقافته وأحاديثه الخاصة والعامة، وكان متابعا جيدا للحركة الأدبية الجديدة في الإمارات، كما كانت آراؤه الجريئة مسنودة بفكر واضح وقوي، وإذا كان الشاعر لم يُنصَف في حياته بما يليق به كواحد من الرواد، فإنه ظل محافظا على سيره الطويل في بحر الثقافة والعلم والمعرفة حتى آخر أيامه· وعن ظروف وحيثيات إصدار هذه المجموعة المهمة ثقافيا وتاريخيا في المكان، يقول مبارك: إنه من مبدأ اهتمامنا بضرورة تقديم أعمال الشاعر الكاملة، فقد مرّ بنا ما يزيد على العام ونصف العام، ونحن نعمل عليها، وقد ساعدنا مشكورا الأديب ووكيل وزارة الثقافة وتنمية المجتمع سعادة بلال البدور بتقديم بعض الكتب والمخطوطات التي لم تتوفر لدينا في الاتحاد، وكذلك الأديب والباحث أحمد محمد عبيد الذي قدم لنا كتابا عن أشعاره، وقد وافق ورثة الدكتور ''المدني'' وأبنائه مشكورين على طبع هذه المجموعة''· توزعت قصائد الشاعر في هذه المجموعة على 560 صفحة من القطع الوسط وبطباعة أنيقة وغلاف حمل دلالات تأبينية واستعادية بمناسبة مرور أحد عشر عاما على رحيل الشاعر الكبير، وحملت المجموعة في طياتها أربعة دواوين هي: ''حصاد السنين'' الذي استهله الشاعر نفسه بمقدمة طويلة كتبها في العام 1968 أما الديوان الثاني فعنوانه ''أشرعة وأمواج'' وقدمه الشاعر نفسه أيضا ولكن بلمحات خاطفة هذه المرة، وذكر فيها أنه لجأ في بعض قصائد الديوان لكتابة الشعر الحرّ كمسار جديد في تجربته الشعرية، ويعود ذلك ــ حسب قول المدني ــ : إلى أن بعض المضامين يسهل تناولها في أوزان شطرية، وبعضها لا يحتمل إلا الأوزان الحرة، كما أن شيئا منها لا يتسع لهذا أو ذاك، وإنما مجاله النثر المركز ــ وكان هذا اعترافا مهما واستباقيا من شاعر بوزن الدكتور المدني بمشروعية قصيدة النثر في تلك الفترة البعيدة والمبكرة من الأدب الإماراتي الحديث، حيث كتبت هذه المقدمة في العام 1972 · أما الديوان الثالث فحمل عنوان: ''عاشق لأنفاس الرياحين''، وحمل الديوان الرابع والأخير في المجموعة عنوان '' قصائد ضائعة''، وعززت المجموعة في صفحاتها الأخيرة بعدد من الصور التي وثقت بصريا لمناسبات عامة وأمسيات وندوات شارك فيها الراحل الكبير· من حياته وبمناسبة هذا الحدث الثقافي التقت ''الاتحاد'' بابن الشاعر عويس أحمد المدني الذي أشار إلى أن والده توفى في العام 1995 عندما كان هو في الثالثة عشرة من عمره، ويتذكر أنه كان محاطا برعاية خاصة منه كونه أصغر أبنائه، ويتذكر أيضا تلك الصور الأثيرة والحميمة لوالده عندما كان ينعزل في مكتبته الخاصة لساعات طويلة في الليل، ولم يكن يشأ أن يكدر أحد عليه صفاء هذه العزلة، ويذكر أيضا أن العائلة عندما قررت الانتقال لمنزل جديد في منطقة ''المردف'' بدبي رفض تماما مغادرة المنزل القديم في منطقة ''السطوة''، وظل مصرا على هذا الموقف وبشدة مما جعلنا نرضخ أخيرا لرغبته وعدنا مرة أخرى للمنزل، وهذا الرفض كان نابعا أساسا من حبه للبيت الأول وللمحيطين به من أصدقاء وجيران، واعتياده عليه وعلى تفاصيله وخصوصا أنه كان متعلقا بشدة بمكتبته ولم يكن يريد أن يعيد ترتيبها مرة أخرى وفي مكان آخر· كما التقت ''الاتحاد'' بالدكتور يوسف عايدابي المنسق العام لمعرض الشارقة الدولي للكتاب والذي رافق الراحل أثناء عملهما معا بصحيفة الخليج في بواكير الثمانينات وكانت تجمعهما صحبة وارفة، وذكريات مليئة بالمحطات والتفاصيل الحميمة، فقال: الدكتور المدني رجل استثنائي في كل شيء ابتداء من سلوكه وثقافته وموسوعيته وليس انتهاء بتواضعه وتعلقه الشديد بكل ماله علاقة بعالم الكتابة والأدب، ولعل هذه الصفات نادرة الوجود، وهو من أوائل أبناء البلد الذين تحصلوا على درجة الدكتوراة، وهو من أوائل الذين كتبوا الشعر الجديد، وكان من معاصري الشاعر العراقي الكبير بدر شاكر السياب، وكان الراحل زميلا لنا في الخليج الثقافي في بداية الثمانينات، والفضل يعود للمرحوم تريم عمران في تكريم المرحوم وتثمين جهوده من خلال تعيينه رئيسا للقسم الثقافي، وكنا سعداء به وبوجوده معنا في تلك الفترة، فأتى إلينا وهو متحمس بتأسيس ذاكرة إماراتية في الفعل الثقافي، وكان مهتما بإنصاف الأدب والأدباء في الإمارات، فبدأ يكتب بدمه وبشغفه الحقيقي والمتوثب عن التراث الشعبي وعن حرفة الأدب وحرية الأديب، وكان لماحا ويملك شفافية خاصة جدا، وكان عندما يراجع المقالات كان يكفي تدخله البسيط في المادة كي يؤثر في المقال ويكسبه قيمة مختلفة، وكان عطوفا بالمقالات الضعيفة ويرفض أن تعاد لأصحابها وكان مصرا على العمل مع أصحاب هذه المقالات ومساعدتهم، ورغم ذلك لم يمكث طويلا في صحيفة الخليج، لأنه ضجر بسرعة من الروتين، وكان تواقا للخروج لعالم أرحب وإصدار مجلة متخصصة أو العمل على مشاريع كتابية خاصة، وأذكر أيضا أنه كان يأتي بدراجته من دبي إلى الشارقة كي يشارك في تقديم وإعداد بعض البرامج في إذاعة صوت الساحل، لقد كانت لنا ذكريات جميلة معه لأنه في ساعات الأنس والصفاء كان يخلع رداء الشعر ويبوح لنا بكثير من التفاصيل عن حكاياته الشخصية وعن أسفاره ورحلاته إلى فرنسا وبريطانيا والعراق، وذكرياته مع الكثير من الأدباء''· ويضيف الدكتور عايدابي: انقطع المدني فجأة في أخريات أيامه عن الوسط الثقافي والإجتماعي، وصدمنا بوفاته ذات خميس وبتاريخ 11 /12 /،1995 ولم يعلم الناس إلا في اليوم الثاني من وفاته، كما أن جنازته لم يؤمها نفر كبير لأنه لم يتم الإعلان عن رحيله، لقد تواضع ''المدني'' حتى في موته، رغم أنه يستحق التكريم من المؤسسة ومن السلطة ومن المبدعين، والآن ومع نشر هذه المجموعة الشعرية الكاملة له نكون قد شرعنا في التكريم الأول له، وما زال يستحق الكثير من الإلتفات والانتباه لجهده المعرفي والإبداعي، ولحقيقة هذا الإنسان الفذ والمنزوي والمنطوي، وهي صفة لابد أن نحترم خصوصيتها فيه، ونتمنى أخيرا أن يصل إبداع ''المدني'' لأكبر شريحة في المكان، ولعل وزارة التربية والتعليم هي الجهة المناط بها أولا أن تتبنى جزءا من كتاباته في المناهج التعليمية، وأن تباشر المؤسسات الثقافية في تكريمه بعد موته تكريما يليق بأعماله، وأقترح هنا أن تخلق جائزة ثقافية مهمة تحمل اسم راحلنا الكبير، والذي عانى من الفقر وقلة الحيلة في أواخر أيامه'' وقبل أن يكمل الدكتور ''عايدابي'' حديثه توقف طويلا أمام دموعه التي انهمرت فجأة ولم يكن قادرا على المواصلة، هذه الدموع الحارة والسخية التي توافدت من تحنان كبير ومن رهافة داخلية فائضة، ترجمت أيضا مدى القرب والمحبة والشفافية التي توجت علاقة المدني بأصدقائه والمحيطين به· أما الأديب والباحث أحمد محمد عبيد فيقول: ربما كان من سوء حظي أنني لم ألتق بأحمد المدني، وكان بيننا حديث هاتفي ذات مرة، حيث طلبت منه أن يسلمني دواوينه كي أوثقها وأقوم ببعض القراءات حولها، وكان ذلك في سنة ،1988 ولكن لانشغاله لظروف خاصة لم يتم اللقاء المنتظر بيني وبينه، و''أحمد المدني'' إنسان مبدع بكل المقاييس، فهو شاعر وكاتب وناثر وباحث، ورائد من رواد الحركة الأدبية في الإمارات ويستحق أن يكتب عنه الكثير، وبالنسبة لي قمت بجمع وإعداد ثلاثة كتب عن الراحل هي: '' قصائد ضائعة لأحمد أمين المدني'' وهي القصائد المتناثرة هنا وهناك والتي عثرت على بعضها في مجلات قديمة يعود بعضها إلى العام ،1955 وهي أيضا القصائد التي لم ترد في دواوينه الثلاثة السابقة، أما كتابي الثاني فهو: '' الأعمال النثرية لأحمد أمين المدني''، والثالث عنونته بـ: ''أحمد أمين المدني في آثار الدارسين'' حيث حوى على جل الدراسات التي كتبت عن الراحل لتكون مرجعا لكل الباحثين في أدب وشعر ''المدني''، وقد تفضل الوالد والأديب ''عبدالغفار حسين'' بطباعة الكتاب على نفقته الخاصة''·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©