السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المركزي» السويسري.. صدقية على المحك!

24 يناير 2015 00:01
قال رئيس البنك الوطني السويسري «توماس جوردان» معلقاً على قرار البنك بالتخلي عن ربط عملته باليورو «إذا ما قررت الخروج من هذه السياسة، يجب أن تأخذ الأسواق على حين غرة». بيد أن هذه المفاجأة لم تُقَابَل بصيحات الفرح. فقد صار يتعين على العديد من أصحاب المنازل سداد قروضهم العقارية بالفرنك السويسري الذي ارتفعت قيمته للغاية. وأصبحت أسواق المال في حالة اضطراب، فالبنوك تفقد المليارات، وشركات تداول العملات الأجنبية تواجه ضائقة مالية. وبحسب الخبير الاقتصادي «بول كروجمان»، فإن البنك بذلك يتخلى عن التزامه بمكافحة الانكماش، ويفقد مصداقيته المؤسسية لدى الأسواق، علاوة على أن هذه الخطوة تجعل من الصعب بالنسبة للبنوك المركزية الأخرى قطع التزامات ذات مصداقية. وكل هذا صحيح. ومع ذلك، فإن من الصعب الالتزام بأعباء عمليات ربط العملة. وليس أن الربط فكرة سيئة -فعندما كانت أزمة اليورو في أوجها، كانت هذه هي أفضل طريقة على الأرجح لمنع النظام النقدي العالمي المصاب بالرعب من إغراق العملة السويسرية وتدمير العديد من صناعات التصدير. والمشكلة في عمليات ربط العملة هي أنه من الصعب استمرارها، وكذلك من الصعب تركها دون حدوث اضطرابات مالية. ومع المشاكل التي تشهدها روسيا، ومحاولة البنك المركزي الأوروبي تحفيز اقتصاداته الباهتة من خلال جولة من التيسير الكمي، كانت عملية الربط على وشك أن تجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للبنك الوطني السويسري -ومن الواضح أنه قد قرر أن يؤثر الاضطراب المالي على بدائل أخرى. ومن وجهة نظر الخبراء الاقتصاديين، فإن هذا يبدو وكأنه هو القرار الخطأ، ليس فقط بسبب الاضطراب، ولكن أيضاً، كما يشير «كروجمان»، لأن هذا سيكون بمثابة الجحيم بالنسبة للمصدرين. ولكن «تايلر كوين»، الخبير الاقتصادي في جامعة جورج ميسون بولاية فرجينيا، يشير إلى أن البنك الوطني السويسري ليس في حاجة للتفكير في الحفاظ على مصداقيته المؤسسية لدى الأسواق، بل يحتاج للتفكير في الحفاظ على رأس المال السياسي للمؤسسة، وحماية البنك من تدخل السياسيين الذين قد يسلبونه استقلاليته، والشروع في القيام بإجراءات لا تتماشى بالقدر الكافي مع أفضل الممارسات الحديثة للاقتصاد الكلي: فالبيروقراطيون يدخرون ويطيلون رأس المال المؤسسي لأنهم يعلمون مدى أهمية الحفاظ على مستوى المؤسسات الكبيرة، مثل البنوك المركزية. وبدون رأس المال هذا، فإن البنوك المركزية شبه المستقلة ستصبح عما قريب غير موجودة، ما يسبب لنا جميعاً الضرر. وعندما تبدو البنوك المركزية الأكثر ذكاء، ومن بينها البنك السويسري، وكأنها تتخذ إجراءات غير صحيحة، فسبب هذا أنها قد ترى متغيرات للمشكلة أكثر مما نرى نحن. فهي إما لا تستطيع فعل «الشيء الصحيح»، أو أن فعل ذلك سيكون مكلفاً للغاية فيما يتعلق بالتوقعات المستقبلية على المدى الطويل. وربما كان هذا الحذر إجراء غير ملائم في الوضع الحالي -فالبنوك المركزية، والهيئات الحكومية بوجه عام، قد يتملكها هاجس قوي للحفاظ على امتيازاتها على حساب مهمتها. بيد أن هذا، أيضاً، من ضمن قيود العالم الواقعي على إمكانيات السياسة: فأنت تنخرط في حرب مالية مع البنوك المركزية التي تعرفها. والملاحظة العامة التي لفتت انتباهي في الكتابة عن الأزمات المالية هي أن الحلول الواضحة من الناحية التكنوقراطية هي تلك التي نادراً ما تكون مجدية من الناحية السياسية. وعلي رغم ذلك، فإن المعلقين يميلون إلى تجاهل هذا الأمر. وهم يتساءلون، لماذا يحاول البيروقراطيون طرح حلول لم يتم التفكير فيها ملياً بدلاً من اتباع هذه السياسة الفائقة التي نتناولها هنا، مع الإيحاء بأن هؤلاء البيروقراطيين مرتشون أو مصابون بـ«الجنون» أو ربما كلاهما معاً. وفي بعض الأحيان قد يكون هذا صحيحاً. ولكن في أحيان كثيرة تكون لديك هذه النوعية من الأشخاص الأكفاء والأذكياء الذين يفعلون ما يجب عليهم، وليس ما يحبون القيام به في عالم أفضل. ميجان ماكآردل * * كاتب ومحلل سياسي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©